إسرائيل تبني سورًا فوق الأرض وتحتها على طول حدودها مع غزة

خبراء عسكريون يقولون إنها لم تجد حلا عسكريًا لمعضلة أنفاق حماس

فلسطينيان يتفقدان الأضرار التي لحقت بشقة حسين أبو غوش في مخيم قلنديا بعد أن دمرتها سلطات الاحتلال جزئيًا (أ.ف.ب)
فلسطينيان يتفقدان الأضرار التي لحقت بشقة حسين أبو غوش في مخيم قلنديا بعد أن دمرتها سلطات الاحتلال جزئيًا (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تبني سورًا فوق الأرض وتحتها على طول حدودها مع غزة

فلسطينيان يتفقدان الأضرار التي لحقت بشقة حسين أبو غوش في مخيم قلنديا بعد أن دمرتها سلطات الاحتلال جزئيًا (أ.ف.ب)
فلسطينيان يتفقدان الأضرار التي لحقت بشقة حسين أبو غوش في مخيم قلنديا بعد أن دمرتها سلطات الاحتلال جزئيًا (أ.ف.ب)

كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية، أمس، عن مخطط الجدار المنوي بناؤه على طول الحدود مع قطاع غزة، لمواجهة الأنفاق التي تحفرها «حماس» لتمتد في عمق الحدود. واتضح منها، أنها تتضمن بناء جدار فوق الأرض وتحتها، مع مجسات إلكترونية. وستكلف أكثر من مليار دولار، ويستغرق بناؤها سنتين.
وقالت هذه المصادر: «إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أمر ببدء البناء فورا، من دون تحديد سقف لموازنته؛ ما أثار استغراب وزارة المالية». وقال مصدر: «عند أداء مهمة أمنية مقدسة كهذه، لا يسألون عن التكاليف ولا عن كيفية تدبيرها».
وحسب مصادر في الجهاز الأمني، فقد تم خلال الأشهر الأخيرة: «إجراء تحليل معمق للعائق المطلوب من أجل مواجهة الأنفاق. وكمرحلة أولى، تمت صياغة مفهوم عمل أساسي من قبل الضباط الكبار في سلاح الهندسة، وسلاح الاستخبارات والشاباك، وشركات هندسة مدنية، وشركات بنى تحتية، وشركات تكنولوجية، ومهندسين خبراء بالأنفاق. وقررت جهات رفيعة في الجيش وفي الجهاز الأمني الإسرائيليين، العمل انطلاقا من الفرضية الصارمة التي تقول، إنه على الرغم من اكتشاف النفق الهجومي هذا الأسبوع، فإن هناك أنفاقا أخرى لم يتم كشفها بعد. ويفترض بالعائق المخطط، أن يكون معقدا ويوفر ردا على سلسلة من التهديدات فوق الأرض وتحتها. وسيشمل إنشاء سياج وأسوار، وتركيب وسائل هندسية وتكنولوجية مستحدثة ومميزة من نوعها في العالم. وعلى سبيل المثال، سيتم تركيب أجهزة استشعار لاكتشاف الفجوات تحت الأرض، وحفريات حتى أعماق المياه الجوفية، وإنشاء سياج علوي، لتوفير رد للتهديدات البرية. وسيقام سور في أعماق الأرض، وسيتم تركيب منظومات لرصد المعلومات وجمعها، ومنظومات لإطلاق النار، وأجهزة استشعار، وبالونات مزودة بالكاميرات وغيرها».
ويقوم الجهاز الأمني بتفعيل منظومة كاملة من طرق الاكتشاف، بعضها تجريبي. لذلك؛ أرسل الجيش آليات هندسية ثقيلة إلى قسم من مناطق الحدود مع القطاع، لإجراء حفريات عميقة بواسطة أدوات تم إحضار بعضها خصيصا من الخارج.
ويترافق هذا النشر مع توجيه انتقادات لاذعة لنتنياهو، بالقول إن «كشف النفق الممتد من القطاع إلى إسرائيل، يدل على كذب الادعاء في نهاية الحرب الأخيرة في صيف 2014. التي جاء فيها أنه تم تدمير شبكة الأنفاق الهجومية، وأن إسرائيل لن تسمح بحفر أنفاق جديدة عابرة إلى أراضيها. فتقديرات الشباك بأن حماس عادت لحفر الأنفاق، وأن بعضها كما يبدو اجتاز السياج الحدودي باتجاه إسرائيل؛ ما يجعل مصداقية ادعاءات نتنياهو السابقة محل شك».
وقال الخبير العسكري، عاموس هرئيل، أمس: «إن نتنياهو ومن خلال ضائقته السياسية الجديدة، سحب ورقة ثبتت نجاعتها، وهي ورقة العقل اليهودي المغيب، وما صاغه وزير الأمن بشكل حذر، قاله نتنياهو بكل ثقة». فقد أعلن يوم الاثنين، أن إسرائيل هي أول دولة في العالم تحقق اختراقا تكنولوجيا، سيوفر ردا على تهديد أنفاق الإرهاب. صحيح أن كشف النفق بالقرب من كيبوتس حوليت تم بمساعدة تطوير تكنولوجي جديد، لكنه يبدو أن الإعلان بحل قريب للمشكلة يعاني من المبالغة إلى حد معين.
هذا لم يصل بعد إلى «قبة حديدية جوفية»، كما عرض نتنياهو الأمر. الدمج بين أفكار مختلفة ووسائل مختلفة لكشف الأنفاق لا يزال يمر في المراحل الأولية للتطبيق. القدرة على تمشيط الأرض واكتشاف الأنفاق التي تم حفرها، لا يزال يحتاج إلى إثبات. في الجيش قدروا اليوم بأن «استكمال نشر المنظومة وتفعيلها بشكل كامل يحتاج إلى عامين تقريبا».
وأضاف: «إذا طلبت إسرائيل الهدوء المتواصل مع حماس، فإن هناك طرقا كثيرة ستضطر إلى التفكير في عملها، إلى جانب كشف الأنفاق وأعداد الجيش لاحتمال اندلاع الحرب. أحد أهم هذه الأمور، يتعلق بتحسين شروط المعيشة في القطاع. وهي فكرة أعرب عن دعمه لها حتى وزراء اليمين مؤخرا. ولكن معالجة هذا الموضوع بالذات تجري بتلكؤ، كما لو أننا نملك كل الوقت في العالم، وأن القطاع لن يشتعل أيضا لأسباب لا تتعلق بالأنفاق مباشرة. في هذه الأثناء، وعلى الرغم من اللهجة الحربية التي تسمع في القدس منذ بداية الأسبوع، فإنه لا تزال السياسية الإسرائيلية بشأن القطاع كما هي. وقد غاب عن التصريحات الحاسمة لرئيس الحكومة ووزير الأمن وكبار قادة الجيش، عنصر واحد: التهديد بعملية عسكرية فورية ردا على كشف النفق. عمليا، لم يتغير شيء في توجيهات القيادة السياسية للجيش. الحكومة تطلب من الجيش تحقيق الهدوء المتواصل قدر الإمكان في قطاع غزة. تأخير المواجهة العسكرية مع حماس لمدة سنة على الأقل، سيستقبل بالترحيب في القدس. يبدو أن نتنياهو لا يملك خطة لإسقاط سلطة حماس، وفي كل الأحوال يبدو أنه لا ينوي المبادرة إلى خطوة في القطاع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.