ولي ولي العهد: السعودية ليست قلقة من انخفاض أسعار النفط

قال في مقابلة مع «بلومبيرغ» إن الرياض قادرة على رفع إنتاجها بشكل كبير وعاجل إذا ما دعت الحاجة

ولي ولي العهد: السعودية ليست قلقة من انخفاض أسعار النفط
TT

ولي ولي العهد: السعودية ليست قلقة من انخفاض أسعار النفط

ولي ولي العهد: السعودية ليست قلقة من انخفاض أسعار النفط

قال ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في حوار أجرته معه وكالة «بلومبيرغ» العالمية، يوم الخميس، إن السعودية ليست قلقة حيال انخفاض أسعار النفط؛ لأن برامجها الحالية ليست مبنية على أسعار نفط عالية. وأضاف الأمير محمد أن معركة أسعار النفط لم تعد معركة السعودية، في إشارة إلى أن الاعتماد على النفط لن يكون كما كان عليه في السابق، موضحا أن «معركة أسعار النفط ليست معركتنا.. بل معركة الدول التي تعاني الأسعار المنخفضة».
وأكد ولي ولي العهد أن المملكة قادرة على رفع إنتاجها بشكل كبير وعاجل، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك، لكنها لا تنتج فوق الطلب المتوقع على نفطها حفاظا على تماسك الأسواق. وعلل الأمير محمد بن سلمان السبب وراء عدم إنتاج المملكة بشكل كبير فوق مستوى الطلب، قائلا إنها إذا فعلت ذلك «فسوف تدمر أسواقا كثيرة»، ولهذا السبب فإن المملكة تنتج بأقل من قدرتها الحقيقية، موضحا «نحن نتعامل على أساس العرض والطلب، وعندما نتلقى طلبا نتعامل معه».
ونشرت وكالة «بلومبيرغ» المتخصصة في الأخبار المالية والاقتصادية، أمس، التصريحات الجديدة للأمير محمد الذي يشغل كذلك منصب رئيس المجلس الأعلى لـ«أرامكو» السعودية.
وأكد الأمير محمد أن المملكة ستحافظ على حصة سوقية قدرها 10.3 إلى 10.4 مليون برميل يوميا في حال تم التوصل إلى اتفاق لتثبيت الإنتاج خلال اجتماع المنتجين في الدوحة اليوم الأحد.
وقال الأمير محمد إن باستطاعة السعودية زيادة مليون برميل من إنتاجها النفطي بشكل فوري «إذا أردنا ذلك». وشدد الأمير محمد على أن المملكة ستوافق على تثبيت الإنتاج إذا فعلت الدول المنتجة الكبرى الأخرى بما في ذلك إيران، أما في حال عدم التوصل إلى اتفاق، فإن المملكة «لن تفوت أي فرصة لبيع نفطها».
وجدد الأمير محمد بن سلمان التأكيد أن المملكة لن تثـبـت إنتاج النفط حتى يفعل البقية، لكنه أكد في الوقت ذاته أن الرياض ستدعم أي اتفاق جماعي لمنظمة «أوبك». وتستطيع المملكة الوصول إلى إنتاج 12.5 مليون برميل يوميا خلال ستة إلى تسعة أشهر بحسب ولي ولي العهد، الذي أضاف أن المملكة إذا أرادت أن تزيد استثمارها في النفط، فإن الطاقة الإنتاجية القصوى قد ترتفع إلى 20 مليون برميل يوميا، وأوضح «لا أرى أننا بحاجة إلى زيادة الإنتاج، لكننا نستطيع زيادته».
وكانت المملكة قد أعلنت في أكثر من مناسبة على لسان مسؤوليها أن طاقتها الإنتاجية القصوى تبلغ 12.5 مليون برميل يوميا. وسبق أن أوضح مسؤولون في «أرامكو» أنها ستستمر في الإنفاق خلال السنوات 5 القادمة على مشاريع نفطية بهدف الحفاظ على الإنتاج عند المستوى نفسه.
وكان نائب وزير النفط الإيراني للشؤون الدولية أمير زمانينا قد أوضح في تصريحات خاصة لـ«بلومبيرغ»، أمس، أن إيران ليست لديها النية في حضور اجتماع المنتجين في الدوحة الذي سيضم نحو 18 دولة نفطية من خارج وداخل «أوبك». وأضاف زمانينا أن إيران امتنعت عن الحضور؛ لأن تجميد الإنتاج عند مستوى يناير (كانون الثاني) لن يغير شيئا في حال السوق.
إلى ذلك، أوضح وزير الطاقة الأذربيجاني ناطق علييف للصحافيين أمس أن الدول المنتجة للنفط المجتمعة في الدوحة تعمل على مسودة اتفاق «جنتلمان» لا يلزم أحدا بشيء بصورة قانونية، ويترك الأمور للدول لتثبيت إنتاجها عند مستوى يناير (كانون الثاني) الماضي.
وتعليقا على الاجتماع قال مدير الأبحاث الاقتصادية في مركز الخليج للدراسات الدكتور جون اسفاكياناكيس لـ«الشرق الأوسط» إن غياب إيران عن الاجتماع سيساعد الدول للوصول إلى اتفاق. وأضاف أن غياب إيران معناه أنها لن تكون جزءا من الاتفاق وبالتالي سيكون للمنتجين في الدوحة الوصول إلى أي اتفاق دونها.



غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
TT

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)

بينما حثَّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من باكو حيث يُعقد مؤتمر «كوب 29»، القادة الدوليين على سد فجوة تمويل التكيف، البالغة 359 مليار دولار مع تفاقم الآثار المناخية التي تهدد الاستقرار العالمي والمجتمعات الضعيفة، كان لافتاً الانتقاد اللاذع الذي وجهه إلهام علييف رئيس أذربيجان، البلد المستضيف للمؤتمر، إذ انتقد علييف المنتقدين الغربيين لصناعة النفط والغاز في أذربيجان، واصفاً بلاده بأنها ضحية «حملة مدبرة جيداً من الافتراء والابتزاز».

وقد جددت مناقشات اليوم الثاني من فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في العاصمة الأذربيجانية، باكو، تطلعات دول العالم إلى التوصل لاتفاقات جادة؛ للتخفيف من عواقب التغير المناخي، التي باتت واضحة من خلال الفيضانات، والعواصف، وحرائق الغابات، وموجات الحرارة الشديدة، وسط تحذيرات متزايدة بشأن تفاقم أزمة المناخ العالمية، مع الدعوة لإيجاد أرضية نقاش مشتركة.

وصول الضيوف إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في استاد باكو (رويترز)

وعلى الرغم من مشاركة قادة وممثلين من نحو 200 دولة، فإن بعض القادة الدوليين قرروا عدم حضور المؤتمر، بمَن في ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي من المقرر أن تتولى بلاده رئاسة مؤتمر الأطراف في عام 2025. وفي الوقت نفسه، ألغى المستشار الألماني أولاف شولتس رحلته إلى باكو؛ بسبب انهيار تحالفه الحاكم الأسبوع الماضي.

وأعلنت أكبر بنوك التنمية المتعددة الأطراف في العالم هدفاً جديداً لجمع تمويلات للمناخ بشكل سنوي للدول النامية، بواقع 120 مليار دولار بحلول نهاية العقد.

احتواء الكارثة المناخية

في كلمته الافتتاحية، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تحذيراً شديد اللهجة إلى قادة العالم، مؤكداً أن البشرية في سباق مع الزمن لاحتواء الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية.

وعبّر غوتيريش عن قلقه من احتمال تجاوز هذا الهدف خلال العام الحالي، واصفاً عام 2024 بأنه «درس في تدمير المناخ». وأشار إلى أن تلك الكوارث المناخية، التي تضر بشكل خاص الدول الفقيرة، هي «قصة ظلم عالمي»، مطالباً الدول الثرية بالوفاء بتعهداتها.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يلقي كلمته (إ.ب.أ)

وأعرب عن الحاجة الملحة لسد الفجوة المتزايدة في تمويل التكيف مع المناخ، التي قد تصل إلى 359 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030.

رئيس الإمارات يدعو لتعاون دولي مستدام

من جهته، أكد رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التزام بلاده بتسريع العمل المناخي، وبناء اقتصاد مستدام، مشيراً إلى أن الإمارات، التي استضافت مؤتمر «كوب 28» العام الماضي، قدَّمت «اتفاق الإمارات» بوصفه خريطة طريق لتحقيق انتقال عادل في قطاع الطاقة، موضحاً في الوقت نفسه أن التعاون الدولي البنَّاء يوفر فرصة جديدة للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، عادّاً أن «العمل المناخي ليس عبئاً، بل فرصة للتقدم».

اتهام أذربيجان

وفي خطاب لافت، انتقد رئيس أذربيجان، إلهام علييف، وسائل الإعلام الغربية وبعض المنظمات البيئية التي وصفها بأنها «مزيفة»، متهماً إياها بشنِّ حملة تشويه ضد بلاده. ورد علييف على الاتهامات بأن أذربيجان «دولة نفطية» بتأكيده أن النفط والغاز «هبة من الله»، مؤكداً أن «الأسواق العالمية بحاجة إلى هذه الموارد، تماماً كما تحتاج إلى الذهب والشمس والرياح». جاء هذا التصريح في ظل تصاعد الدعوات للابتعاد عن استخدام الوقود التقليدي.

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يتحدث في حفل افتتاح المؤتمر (رويترز)

وقال: «لسوء الحظ، أصبحت المعايير المزدوجة، والعادة في إلقاء المحاضرات على البلدان الأخرى، والنفاق السياسي، نوعاً من أسلوب العمل لبعض السياسيين والمنظمات غير الحكومية التي تسيطر عليها الدولة ووسائل الإعلام المزيفة في بعض الدول الغربية».

واستهدف علييف، بشكل خاص، الدول الأوروبية التي وقَّعت على الفور صفقات لتوسيع مشترياتها من الغاز الأذربيجاني في أعقاب الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا، وقال: «لم تكن فكرتنا. لقد كان اقتراحاً من المفوضية الأوروبية».

وأشار إلى اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في يوليو (تموز) 2022، عندما وقّع الاتحاد الأوروبي صفقة مع أذربيجان لمضاعفة إمدادات الغاز من البلاد. وقال: «إنهم كانوا بحاجة إلى غازنا؛ بسبب الوضع الجيوسياسي المتغير، وطلبوا منا المساعدة».

ويعتمد اقتصاد أذربيجان بشكل كبير على إنتاج النفط والغاز. وفي عام 2022، شكّل هذا الإنتاج نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد و92.5 في المائة من عائدات التصدير، وفقاً لإدارة التجارة الدولية الأميركية.

وقال علييف: «بصفتنا رئيس مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، فسنكون بالطبع من المدافعين الأقوياء عن التحول الأخضر، ونحن نفعل ذلك. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نكون واقعيين».

واختتم حديثه بانتقاد جماعات المجتمع المدني التي دعت إلى مقاطعة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين؛ بسبب الحكومة القمعية في أذربيجان، وبصمة الوقود التقليدي. وقال: «لدي أخبار سيئة لهم. لدينا 72 ألف مشارك من 196 دولة. ومن بينهم 80 رئيساً ونائب رئيس ورئيس وزراء. لذا اجتمع العالم في باكو، ونقول للعالم: مرحباً بكم في أذربيجان».

بريطانيا... وتعهدات مناخية طموحة

من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن بريطانيا ستخفِّض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة بحلول عام 2035. إذ تعهدت البلاد بهدف مناخي أكثر طموحاً في قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29).

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة خلال مؤتمر «كوب 29» (رويترز)

وقال ستارمر، في مؤتمر صحافي، خلال مؤتمر المناخ في باكو بأذربيجان: «في مؤتمر المناخ هذا، سُررت بإعلان أننا نبني على سمعتنا بوصفنا قائداً مناخياً، مع هدف المملكة المتحدة لعام 2035، «NDC (المساهمات المحددة وطنياً)»؛ لخفض جميع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة على الأقل عن مستويات عام 1990».

وقال ستارمر إن الجمهور البريطاني لن يثقل كاهله بسبب الهدف الجديد، الذي يستبعد انبعاثات الطيران والشحن الدوليَّين. وأضاف: «ما لن نفعله هو أن نبدأ في إخبار الناس بكيفية عيش حياتهم. لن نبدأ في إملاء ما يجب أن يفعلوه على الناس».

ويتماشى الهدف الجديد مع توصية من لجنة من مستشاري المناخ الذين قالوا الشهر الماضي إن الهدف يجب أن يتجاوز الخفض الحالي بنسبة 78 في المائة للانبعاثات، قياساً على مستويات عام 1990.

ازدياد اللاجئين بسبب الكوارث المناخية

وعلى هامش القمة، حذَّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من ازدياد أعداد اللاجئين المتأثرين بتداعيات المناخ، في ظل تصاعد الصدمات المناخية وتكرارها.

وأشار المفوض الأممي، فيليبو غراندي، إلى أن اللاجئين غالباً ما يفرون إلى دول مجاورة تواجه هي أيضاً تحديات مناخية. وذكر التقرير أن 75 في المائة من اللاجئين الذين نزحوا بحلول نهاية العام الماضي يعيشون في مناطق تتعرض لكوارث مناخية متزايدة.

أزمة المناخ تتجاوز البيئة

من جهته، قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، إن أزمة المناخ لم تعد مجرد قضية بيئية، بل أصبحت ذات تبعات اقتصادية، إذ ُيقدَّر أن الكوارث المناخية قد تكلف بعض الدول حتى 5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي.

وأضاف: «مع ازدياد التكاليف على الأسر والشركات نتيجة لتغيرات المناخ، يحذِّر الخبراء من أن ارتفاع التضخم قد يستمر ما لم تتخذ الدول إجراءات مناخية أكثر جرأة».

وتابع ستيل: «إن التأثيرات المناخية المتفاقمة ستؤدي إلى زيادة التضخم ما لم تتمكَّن كل دولة من اتخاذ إجراءات مناخية أكثر جرأة». وقال: «دعونا نتعلم الدروس من الجائحة: عندما عانى المليارات لأننا لم نتخذ إجراءات جماعية بالسرعة الكافية. عندما تضررت سلاسل الإمداد. دعونا لا نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى. تمويل العمل المناخي هو تأمين عالمي ضد التضخم».