انطلقت أمس في الرباط جولة جديدة من الحوار الاجتماعي بين الحكومة والاتحادات العمالية الأكثر تمثيلية (الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، والاتحاد العام لمقاولات المغرب. وكان مرتقبا أن ينكب أطراف الحوار الثلاثة على مناقشة مجموعة من المواضيع، منها على الخصوص إصلاح أنظمة التقاعد، وتحسين الدخل، والحريات النقابية.
وقال رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران أن الحكومة منفتحة على دراسة المطالب النقابية الواقعية، التي تراعي التوازن المالي للدولة وتنافسية المقاولات والاقتصاد الوطني، والتي تروم النهوض بظروف عيش الفئات الهشة من المجتمع.
وذكر ابن كيران في كلمة ألقاها بالمناسبة أن الحكومة «منفتحة على دراسة المطالب الواقعية والتي تراعي التوازن المالي للدولة وتنافسية المقاولات والاقتصاد الوطني، وخاصة تلك التي تهم الفئات الهشة من المجتمع، مع التركيز أكثر على الفئات المهمشة من المواطنين، إنصافا لها ومراعاة لمصلحة الوطن ومستقبل المغرب واستحضارا لمبادئ الإنصاف والعدالة وتكافؤ الفرص».
وأبرز عزم الحكومة على إنجاح هذه الجولة من الحوار، وتمسكها به كآلية لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، بما يضمن استقرار الأوضاع الاجتماعية للأجراء والمقاولات، ويسهم في تحسين المناخ الاقتصادي والاجتماعي، ويعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني.
واعتبر ابن كيران اختلاف المواقف والتصورات بين الأطراف أمرا «طبيعيا ومنطقيا»، مشددا على الحاجة الملحة إلى تضافر جهود الجميع، فرقاء اجتماعيين واقتصاديين وحكومة، من أجل توفير الظروف المناسبة لتسريع وتيرة النمو وإرساء الآليات اللازمة من أجل تحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية وضمان سبل العيش الكريم لكل المواطنين والفئات.
ونوه رئيس الحكومة المغربية بجهود اللجنة التقنية للتحضير لجلسة الحوار الاجتماعي، مبرزا أنها اقترحت على أنظار الجلسة تكليف لجنة واحدة مشتركة تشتغل وفق جدولة زمنية محددة في أفق إعداد مشروع اتفاق سيتم عرضه في أجل أقصاه نهاية أبريل (نيسان) الحالي.
وأعرب ابن كيران عن أمله في أن يشكل هذا اللقاء «بداية جديدة لحوار اجتماعي منتظم وبناء»، وأن يستمر التواصل بين جميع أطراف الحوار من أجل معالجة الإشكاليات المطروحة، بما يضمن استقرار البلاد وأمنها الاجتماعي، والحفاظ في الوقت نفسه على مكتسباتها الاقتصادية والمالية.
كما استحضر ابن كيران الظرفية الاقتصادية والمالية التي مرت بها المملكة المغربية في بداية الولاية الحالية، مبرزا «المجهودات الجبارة» التي بذلتها الحكومة من أجل الوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتقها، واتخذت إجراءات إضافية ذات حمولة اجتماعية كبيرة.
إلى ذلك، ذكر ابن كيران بإنجازات الحكومة على الصعيد الاجتماعي، ومنها على الخصوص تخصيص 13.2 مليار درهم (1.32 مليار دولار) سنويا لتنفيذ اتفاق 26 أبريل فيما يتعلق بالزيادة في الأجور والرفع من الحد الأدنى للمعاش والحوارات القطاعية، واتخاذ مجموعة من التدابير لتحسين وضعية الشغل والحماية الاجتماعية، من قبيل الرفع من الحد الأدنى للمعاش لفائدة 12.500 مستخدم (موظف) بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، والرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص بـ10 في المائة، ورفع الحد الأدنى للأجور بالوظيفة العمومية إلى 3000 درهم (300 دولار) صافية شهريا، لفائدة 53 ألف مستفيد.
كما أبرز جهود الحكومة من أجل تصحيح اختلال التوازنات الاقتصادية الكبرى، والتي مكنت من تحسين عجز الميزانية من 7.3 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2012 إلى 4.3 في المائة سنة 2015. مؤكدا أنه رغم ذلك، فإن «الإكراهات المالية لا تزال قائمة، مما يحتم مواصلة مجهود ضبط النفقات العمومية، وتحسين التوازنات المالية والتنافسية، مع إيلاء عناية خاصة بالفئات الضعيفة والمهمشة من عموم المواطنين».
على صعيد آخر، سلط ابن كيران الضوء على مجهودات الحكومة من أجل تسهيل حياة المقاولة عبر مجموعة من التدابير، من بينها بالأساس معالجة دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم منذ سنوات، وتسريع إجراءات الضريبة على القيمة المضافة، وتسريع أداء المتأخرات المتراكمة على الإدارات والمؤسسات العمومية، وتقليص آجال التسديد المتعلقة بالصفقات العمومية، والتطبيق الفعلي للأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية في احترام للالتزامات الدولية للمغرب، وتفعيل استفادة المقاولات الصغرى والمتوسطة من حصة 20 في المائة من الصفقات العمومية، وتفعيل المقتضيات المتعلقة بتقديم التسبيقات للمقاولات.
وخلص ابن كيران إلى اعتبار ما تحقق من مكتسبات اجتماعية في ظل ظرفية اقتصادية هشة على المستوى الإقليمي، وخاصة لدى شركاء المغرب الاقتصاديين: «إنجازا حقيقيا وتعبيرا عن حرص الحكومة على ضمان شروط التوازن الاجتماعي»، مؤكدا أن هذه المكتسبات حظيت بتقدير مختلف المؤسسات الدولية، وعززت ثقة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين في صحة الاقتصاد الوطني.
وتميزت جلسة الحوار بحضور محمد حصاد، وزير الداخلية، والشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، ومحمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، وعبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، ومصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، ومحمد نبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، ومحمد مبديع، الوزير المنتدب المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، ومحمد الوفا، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة.
المغرب: انطلاق الحوار الاجتماعي بين الحكومة والاتحادات العمالية واتحاد المقاولات
إصلاح أنظمة التقاعد وتحسين الدخل والحريات النقابية على رأس أولوياته
المغرب: انطلاق الحوار الاجتماعي بين الحكومة والاتحادات العمالية واتحاد المقاولات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة