وزراء خارجية الدول الإسلامية ينظرون في 10 ملفات تحضيرًا لقمة إسطنبول

مدني لـ «الشرق الأوسط»: تصرفات «حزب الله» الأخيرة جعلته مجموعة من المرتزقة

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال ترؤسه اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أمس تمهيداً لقمة القادة ({غيتي})
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال ترؤسه اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أمس تمهيداً لقمة القادة ({غيتي})
TT

وزراء خارجية الدول الإسلامية ينظرون في 10 ملفات تحضيرًا لقمة إسطنبول

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال ترؤسه اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أمس تمهيداً لقمة القادة ({غيتي})
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال ترؤسه اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أمس تمهيداً لقمة القادة ({غيتي})

تزامنًا مع بدء انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي الثالث عشر خلال الفترة من 10 إلى 15 أبريل (نيسان) الحالي والتي تستضيفها مدينة إسطنبول التركية تحت شعار «الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام»، بدأ وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أمس (الثلاثاء) اجتماعهم التحضيري للدورة.
وتكتسب القمة الإسلامية الـ 13 أهمية بالغة نظرًا لتطورات الأوضاع في المنطقة، كما سيتم التطرق لملف مكافحة الإرهاب وخطره والتطرف العنيف، كما ستبحث القضايا الرئيسية في المنطقة وهي قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، وحالات النزاع في العالم الإسلامي والهجرة، ووضعية المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء. كما ستبحث القمة ملفات الإسلاموفوبيا والوضع الإنساني في العالم الإسلامي، والخطة العشرية الجديدة 2015 - 2025 لمنظمة التعاون الإسلامي.
من جانبه، أكد إياد مدني، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع اليوم (أمس) يأتي في سياق لجنة تحضيرية على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء للنظر في قمة يوم الخميس المقبل، ويراجع الوزراء القرارات التي قد تتخذ.
وأشار الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أن اجتماعات شهدت النظر في عشرة ملفات أساسية ومهمة، مشددًا على أهمية أن تكون هناك نظرة في طبيعة تنظيم «حزب الله»، لافتًا إلى أن الحزب أطلق على اسمه في البداية حزب مقاوم يتصدى للغزو، لكنه تحول إلى مجموعة تجمع السلاح تفرض قرارها، مشددًا على أن وجود وزراء لـ«حزب الله» في الحكومة يوجب أن يتحول الحزب لقوة سياسية، لا مجموعة تحمل السلاح وميليشيات تفرض رأيها كما هو عليه بالوقت الراهن.
وبيّن مدني خلال تصريحاته للصحيفة (عبر الهاتف) أن وجود «حزب الله» في سوريا حول نشاط الحزب ليس لميليشيات فحسب، بل لمجموعة من المرتزقة التي تؤجر نفسها للوقوف مع طرف دون الآخر، مضيفًا: «النظر في قضية «حزب الله» وموقف المنظمة سيكون حاضرا بشكل قوي في القمة الإسلامية».
وبحث مجلس وزراء الخارجية أيضا الأوضاع الراهنة في كل من سوريا، اليمن، ليبيا، أفغانستان، الصومال، مالي، جامو وكشمير، البوسنة والهرسك، واعتداءات أرمينيا على أذربيجان، وغيرها من الدول الإسلامية التي تشهد نزاعات وأوضاعا أمنية غير مستقرة، على أن يتم رفع التوصيات والمقترحات بشأن تلك القضايا إلى مؤتمر القمة الإسلامي.
وأوضحت منظمة التعاون الإسلامي أن القمة الإسلامية ستناقش عدة قرارات ومبادرات عملية تسعى إلى النهوض بالعمل الإسلامي المشترك، والارتقاء بالدور المناط بمنظمة التعاون الإسلامي على الساحتين الإقليمية والدولية، ورؤية استراتيجية تتضمن أولويات محددة في مجالات: السلم والأمن، مكافحة الإرهاب والتطرف، الجوانب الإنسانية، حقوق الإنسان، دعم التنمية، تخفيف حدة الفقر، اجتثاث الأمراض الوبائية، حقوق المرأة والشباب والأطفال والأسرة في العالم الإسلامي، التعليم العالي، العلوم والتكنولوجيا، والتبادل الثقافي بين الدول الأعضاء.
وتتقدم الملفات التي تناقشها قمة إسطنبول، القضية الفلسطينية، حيث من المرتقب أن يصدر بشأنها قرار يضع أولويات التحرك السياسي في المحافل الدولية لنصرة الحقوق الفلسطينية، فضلا عن تأكيد دور وموقف المنظمة لمساندة فلسطين على كل المستويات، ولدعم الجهود الدولية الرامية لإعادة إطلاق عملية سياسية جماعية، وفق جدول زمني محدد، بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وستبحث القمة فيما يخص القضية الفلسطينية أيضا دعم التحرك لعقد مؤتمر دولي للسلام لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ودعم فريق الاتصال الوزاري المعني بالقدس الشريف، واعتماد الخطة الاستراتيجية لتنمية القدس الشريف.
من جانب آخر، أشار السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون متعددة الأطراف، ممثل رئيس الدورة الثانية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي، إلى أن المنظمة قامت على أساس تعزيز التضامن بين الدول الأعضاء، وترسيخ العلاقات بين شعوب الأمة الإسلامية.
وأعلن السفير بدر عن توقيع جمهورية مصر العربية على النظام الأساسي للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى قرب تصديق مجلس النواب على النظام الأساسي لمنظمة المرأة التابعة للمنظمة أيضا، والتي تحتضن مدينة القاهرة مقرها.
إلى ذلك، أكد إياد مدني، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أن الاجتماع جاء لتوفير الإرادة وصنع القرار، فضلا عن المساهمة في تغيير الواقع وتجاوز الخلاف والاختلاف، ومنح الثقة والأمل للشعوب التي تنتظر نتائج هذه الاجتماعات وما يتخذ فيها من قرارات صائبة ومتبصرة.
وأشار مدني في كلمته إلى أن التصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف والعنف التي تصب في مخزون خطاب الكراهية للإسلام والمسلمين (الإسلاموفوبيا)، هو أولوية الأولويات. وتطرق في كلمته إلى القضية الفلسطينية والمعاناة المستمرة للاجئين من أفغانستان وسوريا والصومال واليمن، علاوة على الانقسام الطائفي والأزمات الاقتصادية.
من جهة أخرى، أفاد مولود جاويش أوغلو وزير خارجية تركيا، رئيس الاجتماع، أنه سيتم في ختام القمة الإسلامية إعلان وثيقة مهمة خاصة بالقضية الفلسطينية، كما سيجري اعتماد برنامج الخطة العشرية لمنظمة التعاون الإسلامي، مؤكدا أن تركيا ستضطلع بمسؤولياتها خلال ترؤسها الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي، وذلك من خلال مواجهة مشكلات العالم الإسلامي بالتعاون مع الدول الأعضاء.
وتعتزم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الإعلان عن وثيقة مهمة خاصة بالقضية الفلسطينية في ختام القمة الإسلامية، وكانت الاجتماعات التحضيرية شهدت على هامشها أمس توقيع وزير خارجية كوت ديفوار الدكتور عبد الله ألبرت تويكيز مابري على ست اتفاقيات لمنظمة التعاون الإسلامي، بحضور السفير عبد الله عالِم مساعد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي للشؤون السياسية.
كما وقع ناصر جودة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، بالنيابة عن القيادة الأردنية، في وقت لاحق أمس على ميثاق منظمة التعاون الإسلامي الجديد، حيث حضر حفل التوقيع على الميثاق الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني، الذي أشاد بالدعم والتأييد الذي تلقاه المنظمة من الملك عبد الله الثاني ملك الأردن.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».