لا يزال القطاع العقاري السعودي يواجه عزوفًا عن الطلب، بانتظار تطبيق رسوم الأراضي البيضاء مطلع شهر رمضان المقبل، أي بعد نحو أقل من شهرين فقط من الآن. وسجل المؤشر العقاري السكني انخفاضا تجاوزت نسبته 5 في المائة خلال أسبوع، بسبب انخفاض مؤشر أسعار الأراضي السكنية بنسبة بلغت 6.1 في المائة، حيث يضغط العزوف عن الأراضي بقوة على المؤشرات العقارية وحركتها الاعتيادية.
وكانت الضغوطات التي يعيشها قطاع الأراضي أثرت على حركة العقار بشكل عام بحسب تأكيدات خبراء، والذين أشاروا إلى أن فرض الرسوم قلب حال السوق رأسًا على عقب، وهو ما تظهره من وقت لآخر مؤشرات العقار التي تشهد تفاوت الأسعار بدرجة بسيطة لا ترقى لمستوى الكساد الحاصل.
وأكد صالح الجهني (خبير في التخطيط الاقتصادي)، أن ما يحدث في القطاع العقاري الآن يعد كارثة بالنسبة للمستثمرين الذين يواجهون حالة جمود كاملة في ظل تواصل انخفاض الطلب لمستويات قياسية وبقاء المشاريع العقارية الجاهزة موصدة الأبواب، نتيجة ارتفاع أسعارها، لافتًا إلى أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو إذعان التجار لواقع السوق ونزول الأسعار لمستويات تمكن المشتري من التملك، لأن بقاء الحال على ما هو عليه من القيمة لن يخدم أي طرف، فالمستثمر يحتاج إلى السيولة وتحريك الأموال، والمشتري يرغب في التملك والاستقرار، خصوصًا أن المعطيات تقول إن القطاع مقبل على انخفاض أكبر في حال فرض الرسوم في منتصف 2016، وهو ما تؤكده المعطيات.
وأضاف أنه في ظل استمرار الضغط الحكومي عبر إقرار كثير من القرارات المؤثرة، وعلى رأسها فرض رسوم على الأراضي البيضاء، لن يستطيع العقاريون الاستمرار في موجة الصعود التي تحدث حاليًا، كما أن الدولة تصدر الأنظمة والتشريعات التي تحاصر بها غلاء الأسعار من أجل إعادتها إلى حالتها الطبيعية، أو على أقل الأحوال بقاؤها على وضعها الراهن.
واعتبر أن الأسعار تشهد تذبذبًا واضحًا في منطقة واحدة أحيانًا، ما يعني وجود أسعار مرتفعة غير مبررة، مؤكدًا أن موجة المبيعات المرتقبة قبل فرض الرسوم ستخفض الأسعار بشكل إجباري.
وسجل المؤشر العقاري السكني العام، الذي يقيس التغيرات في الأسعار السوقية لمختلف أنواع العقارات السكنية، أكبر خسارة أسبوعية له منذ مطلع العام الحالي، بلغت نسبتها نحو 5.3 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوعي الأسبق بنسبة 1.9 في المائة، ليستقر عند 788.5 نقطة، ويعزى هذا الانخفاض الأسبوعي الكبير في المؤشر إلى الانخفاض الكبير في مؤشر أسعار الأراضي السكنية بنسبة بلغت 6.1 في المائة.
كما سجل المؤشر العام لإجمالي الوحدات السكنية خلال الأسبوع نفسه انخفاضا بنسبة 0.8 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوع الأسبق بنسبة 0.6 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 774.9 نقطة، في حين سجل متوسط المؤشر نفسه، خلال الفترة الماضية منذ مطلع 2016 حتى تاريخه، انخفاضا بلغت نسبته 3.5 في المائة مقارنة بمتوسط المؤشر للعام الماضي، مستقرا عند 786.5 نقطة. وبلغت نسبة انخفاض متوسط المؤشر العقاري السكني العام، مقارنة بقيمته المسجلة خلال عام 2014 وعام 2013 نحو 17.8 في المائة ونحو 23.4 في المائة على التوالي.
وأكد ريان الحجاب، الذي يمتلك شركة الحجاب العقارية، أن مشكلة القطاع العقاري هو ارتفاع الأسعار في ظل ضعف الدخل أو قدرة المشتري على الشراء نتيجة فوارق القدرة بين إمكانياته والأسعار المعروضة، معتبرًا أن فرضية نقص العرض غير دقيقة وتفتقد إلى الموضوعية؛ بدليل إعلان كثير من الجهات الحكومية وجود آلاف الوحدات الشاغرة، موضحًا أن ارتفاع الأسعار هي المشكلة الأساسية، كما برأ ساحة التجار لأنهم اشتروا واستثمروا بأسعار مرتفعة، ومن الصعب أن يبيعوا بخسارة أو دون تحقيق أرباح.
وحول مستقبل القطاع بعد تطبيق رسوم الأراضي البيضاء، أكد الحجاب عدم صحة ما يشاع عن احتمالية هبوط أسعار العقار بشكل كبير فور تطبيق القرار، مشيرًا إلى أن الأسعار ستشهد انخفاضات متتالية بنسب ملحوظة، لكنها لن تكون حادة.
وذكر عبد اللطيف العبد اللطيف المستثمر العقاري، أن الانخفاض أصبح صفة سائدة في جميع الأفرع العقارية وليس في قطاع الأراضي فقط، إذ تجاوزه ليشمل الفيلات والعمائر، حيث إن الانخفاضات تلامس جميع الأفرع العقارية دون استثناء وبنسب قريبة جدًا، إلا أن الأراضي تسجل الحركة الأبطأ بينها، نظرًا إلى ترقب فرض الرسوم وما سيترتب عليه.
وأضاف أن الحديث عن الانخفاض يشمل السكنية والتجارية على حد سواء، إلا أن التجارية هي المتضرر الأكبر لهذا الأسبوع، وهي حالة لا تتكرر كثيرًا باعتبار القطاع السكني الأكثر تضررًا، مما يعكس التخوف الحقيقي لدى المستثمرين الذي يلقي بظلاله على حجم الطلب التجاري، وبالتالي على القطاع بشكل كامل، مؤكدًا حاجة السوق إلى خفض القيمة أكثر من أي وقت مضى في ظل التفاوت الكبير بين قدرة المشتري ورغبة البائع.
وتوقع العبد اللطيف أن يستمر العقار في انخفاض الأداء حتى دخول شهر رمضان، وهو الوقت الذي تطبق فيه رسوم الأراضي على أرض الواقع، ومن ثم ستظهر الصورة الجديدة التي سترسم مستقبل العقار سواء بالانخفاض أو بقاء الأسعار على حالها، مشيرًا إلى أن الجميع، بمن فيهم المستثمرون والمشترون، متوقفون تمامًا عن الحركة بانتظار ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيق الرسوم، ثم اتخاذ قرار التحرك بعد ذلك.
وأكد أن دخول وزراة الإسكان على الخط عبر توفير مئات الآلاف من الوحدات السكنية غير الربحية سيشكل ضغطًا إضافيًا على السوق وسيهبط بالأسعار، وهو ما تسعى إليه الحكومة عبر تشريعها القرارات والأنظمة الجديدة.
السعودية: العزوف عن العقارات يتواصل بانتظار تطبيق رسوم الأراضي
السوق فقد 5 % من حركته في ظل القرارات الحكومية
السعودية: العزوف عن العقارات يتواصل بانتظار تطبيق رسوم الأراضي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة