مندوب اليمن بالأمم المتحدة: جهود السلام تتطلب وقف «الأعمال العدائية» والعودة عن الانقلاب

اليماني قال لـ«الشرق الأوسط» إن مفاوضات الكويت قد تكون «الفرصة الأخيرة» للانقلابيين

طفلان يقفان عند باب منزلهما يأملان في الخروج للعب خلال اليوم الأول من وقف إطلاق النار في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
طفلان يقفان عند باب منزلهما يأملان في الخروج للعب خلال اليوم الأول من وقف إطلاق النار في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
TT

مندوب اليمن بالأمم المتحدة: جهود السلام تتطلب وقف «الأعمال العدائية» والعودة عن الانقلاب

طفلان يقفان عند باب منزلهما يأملان في الخروج للعب خلال اليوم الأول من وقف إطلاق النار في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
طفلان يقفان عند باب منزلهما يأملان في الخروج للعب خلال اليوم الأول من وقف إطلاق النار في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)

قال السفير خالد حسين اليماني، مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة إن الحكومة اليمنية تأمل في أن يلتزم الانقلابيون بقرار وقف إطلاق النار، الذي بدأ منتصف ليل أول من أمس الأحد، وذلك في ظل الأنباء والمعلومات حول خروقات جمة، ارتكبتها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، خلال الساعات الـ24 الماضية، على بدء سريان الهدنة، باعتبار الالتزام بوقف النار مدخلا لإنجاح جهود السلام التي سوف تبحثها جولة المفاوضات المقبلة في دولة الكويت، الأسبوع المقبل.
وأكد اليماني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «أن الحكومة اليمنية ستشارك في مشاورات السلام في الكويت التي ترعاها الأمم المتحدة ويشرف عليها المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وأن هذه المشاورات تعد استكمالا للمشاورات الأخيرة التي احتضنتها مدينة بييل السويسرية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأشار إلى أن مقررات تلك الجولة من المفاوضات أو المشاورات، لم يلتزم بها الطرف الانقلابي، حتى اللحظة، وهي المتصلة بإجراءات بناء الثقة، وفي مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين، وفي مقدمتهم، وزير الدفاع اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، وكذا رفع الحصار عن المدن، وخاصة تعز، من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المحاصرين.
وأضاف السفير اليماني لـ«الشرق الأوسط»، «أن الحكومة ستشارك في مشاورات الكويت رغم عدم التزام الطرف الانقلابي بتلك المقررات والتعهدات التي التزم بها للمجتمع الدولي»، مؤكدا تعاون الحكومة اليمنية مع الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من أجل انعقاد المشاورات في الكويت وإنجاحها، «لأن الحكومة اليمنية رسالتها السلام وهدفها أن ينعم اليمنيون بالأمن والاستقرار، وليس هدفها الحروب وجلب الخراب والدمار»، وأهاب اليماني بالطرف الانقلابي أن «يتقي الله في معاناة أبناء الشعب اليمني في مختلف مناطق اليمن الذين ذاقوا الأمرين من الأوضاع الإنسانية المؤلمة والتدمير والخراب الذي لحق بأشكال حياتهم اليومية جراء مغامرة انقلاب (الحوثي – صالح)».
وشدد السفير اليماني على أهمية موقف المجتمع الدولي الداعم للحكومة اليمنية والوقوف الحازم مع جهود السلام التي تتطلب في المقام الأول العودة عن الانقلاب والإجراءات أحادية الجانب التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي – صالح، والانسحاب من المدن، وإعادة الأسلحة الثقيلة إلى الدولة، وعودة الحكومة الشرعية لممارسة عملها قبل الحديث عن ترتيبات عودة العملية السياسية، وأكد أن «إرسال إشارات خاطئة للطرف الانقلابي، من قبل بعض الأطراف الدولية، قد يؤدي إلى استدامة الصراع فالانقلاب مهزوم في طاولة المفاوضات وعلى الأرض بفعل يقظة أبناء شعبنا اليمني العظيم والتحالف العربي لنصرة الحق في اليمن».
وفي حين تستمر التحضيرات في دولة الكويت لاستضافة المفاوضات، حيث بدأت لجنة التهدئة اجتماعاتها منذ الـ3 من الشهر الحالي، فقد أكد السفير اليماني أن اللجنة السياسية الإشرافية على المشاورات تعمل على دراسة الملفات المتعلقة بالمحاور الـ5. التي تمثل أجندة لمشاورات الكويت، وكلها تتوقف على احترام وقف الأعمال العدائية وتثبيت ذلك، والتحقق من التزام الأطراف بهدف الوصول إلى وقف إطلاق النار، وأشار إلى أن الوسيط الأممي يسعى إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإلى أن الطريق إلى ذلك يتمثل في تحقيق اختراق حقيقي، وبالأخص فيما يتصل بموضوع انسحاب الميليشيات الحوثية الانقلابية من المدن، وتسليم الأسلحة الثقيلة إلى الدولة، والخروج من مؤسسات الدولة التي تمت السيطرة عليها، إضافة إلى موضوع عودة الحكومة لممارسة سلطاتها.
وأعرب سفير اليمن لدى الأمم المتحدة عن اعتقاده بأن مفاوضات الكويت قد تكون «الفرصة الأخيرة» لإنجاح جهود السلام في اليمن التي تبذلها الأمم المتحدة ومن خلفها المجتمع الدولي، مؤكدا أن الكويت إحدى عواصم دول مجلس التعاون الخليجي، «وهذه الدولة الجارة والشقيقة داعم كبير للشرعية وللأمن والاستقرار في اليمن، ولا شك في أنها ستنخرط في عملية المساعدة في تنفيذ أي اتفاقيات سيتم التوصل إليها، في حال توفرت المقومات الضرورية لإحداث اختراق من أجل تحقيق السلام»، مشيرا إلى أن «السلام المطلوب هو السلام الذي يؤدي، بدرجة رئيسية، إلى عودة الشرعية الدستورية وتوفير الظروف اللازمة لمواصلة عملية الانتقال السياسي السلمي لبناء الدولة اليمنية الاتحادية، بعيدا عن المشاريع الميليشيات الحوثية التي تستهدف بناء دولة داخل الدولة على شاكلة ما يسمى (حزب الله) في لبنان، والقائمة على الثلث المعطل».
وأشار السفير اليماني، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن انعقاد مشاورات الكويت، يأتي في أعقاب التزام الانقلابيين للمبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. وإلى أن «هذا القرار، الذي حظي ويحظى بإجماع ودعم دوليين، يعد المرتكز الأساسي لعملية التفاوض وتحقيق السلام، من أجل أن تستأنف العملية السياسية في اليمن، والتي توقفت بسبب الانقلاب»، وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن وفي مقدمتها القرار رقم 2216.
ودعا السفير اليماني الانقلابيين إلى «النضوج وإدراك أن مشروع التمدد والنفوذ الإيراني في اليمن، قُطع دابره وهُزم»، مؤكدا أن إيران تستمر في محاولاتها إرسال الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين، وهي تتواصل على مدار الساعة، ويتم إيقاف بعضها، ومن بينها قيام البحرية الأميركية والفرنسية بإيقافها في بحر العرب خلال الأسبوعين الماضيين.
وقال السفير خالد اليماني لـ«الشرق الأوسط»، «إن المجتمع الدولي، وتحديدا، الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية تراقب هذه التطورات عن كثب، من خلال عمل لجنة العقوبات الخاصة بإيران، ولجنة العقوبات الخاصة بمعرقلي التسوية السياسية في اليمن، وتحديدا مراقبة مسألة خرق حظر توريد الأسلحة إلى الانقلابيين.
وذكر اليماني أن الدبلوماسية اليمنية تعمل، جنبا إلى جنب، مع الدبلوماسية الخليجية والعربية عموما، في مجلس الأمن الدولي، من أجل شجب وإدانة تصرفات الدولة الإيرانية الطائفية التي تسعى إلى إثارة الفوضى والفتن في منطقتنا، عبر إيجاد ودعم بؤر توتر طائفية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.