بعد مرور شهر على إطلاق «نيو داي» الورقية في الأسواق البريطانية، تلقى الصحيفة التي اختار ناشرها ترينيتي ميرور الامتناع عن إطلاق موقع إلكتروني ليصاحب النسخة الورقية إقبالاً عاليًا من القراء البريطانيين. حيث يقول المتحدث باسم «ترينيتي ميرور» هاري كارتر إن «الصحيفة تفاجأت بكمّ ردود الفعل الإيجابية لتصميمها ومحتواها من قبل القراء الذين اعتادوا شراءها». وأضاف كارتر: «تلقينا كثيرًا من ردود الفعل الإيجابية من القراء على مواقع التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك) و(تويتر)، ووجه بعضها أيضًا للصحافيين مباشرة». واستطرد بقوله إنه «من أهم ردود الفعل الإيجابية حول محتوى الصحيفة هو أننا نلتزم الموضوعية ولا نتخذ موقفًا سياسيًا بل نلتزم المهنية والحياد».
وكشف المتحدث أن التحقيقات المحلية والمنوعات هي المواد الأكثر شعبية. وأن الطلب على الصحيفة عال جدا في اسكوتلندا. وقال: «في بادئ الأمر كانت الخطة أن نوزع فقط في أدنبره، ولكن ردًا على طلب القراء وسعنا توزيعنا ليشمل جميع مدن وقرى اسكوتلندا». وأكد المتحدث أن «نيو داي» ما زالت في مرحلة تطوير مستمر لمحتواها، حسب ردود فعل القراء الذين يتواصلون مع الصحيفة على منابر التواصل الاجتماعي.
وبعيدًا عن إقبال القراء، تلقت الصحيفة زخمًا وتغطية إعلامية أيضًا، إذ لفتت انتباه عمالقة الصحافة مثل «نيويورك تايمز» الأميركية التي نشرت مقالاً مفصلاً عن «نيو داي» الأسبوع الماضي. وكتبت «نيويورك تايمز»: «صحيفة (نيو داي) هي أحدث مشروع إعلامي في بريطانيا اليوم، ويوفر هذا المشروع شيئا لكل قارئ من الأخبار السياسية الساخنة إلى التحقيقات المحلية والإنسانية إلى جانب قصص منوعة خفيفة ونصائح للسفر والصحة. كما يتميز كتاب الرأي فيها أيضًا». ويستطرد المقال: «في الوقت الذي تجبر فيه الصحف الأخرى للتضحية بطبعاتهم الورقية، اختارت (نيو داي) الاكتفاء بالورق والامتناع عن مشاركة محتوى صفحاتها على الإنترنت، وهذا قرار جريء وتحدٍّ كبير يواجهه ناشرها».
يذكر أنه كانت قد انطلقت «نيو داي» الشهر الماضي تحت شعار «الحياة قصيرة، عشها جيدا»، وبمشاركة 25 صحافيا ومحررا إلى جانب طاقم كبير معني بالمبيعات والتسويق لتكون أول صحيفة تصدر في بريطانيا منذ 30 عامًا بصفحاتها الأربعين الملونة بمبلغ 50 سنتا.
وجاء إعلان صدور الصحيفة الجديدة بعد عشرة أيام من إعلان توقف صدور النسخة الورقية لصحيفة «ذي إندبندنت» التي تشهد مبيعاتها تدهورا منذ بضع سنوات، واختارت الاكتفاء فقط بنسخة رقمية اعتبارا من أواخر مارس (آذار) الماضي. وفي تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» كانت قد أكدت المتحدثة باسم الشركة الناشرة للصحيفة إليزابيث هولواي أن «قرار إطلاق (نيو داي) لم يتم اتخاذه في أعقاب إعلان صحيفة (إندبندنت) إلغاء نسختها الورقية، بل هذا مشروع عملت عليه الشركة منذ عام».
وعن أسباب إطلاق الصحيفة، قالت المتحدثة باسم الشركة المالكة إنه «من أهم استراتيجياتنا مجموعة النشر الأكبر في بريطانيا هي إعادة إنعاش الصحافة الورقية لتواكب نمو الصحافة الإلكترونية». وأضافت: «لاحظنا تراجع مبيعات الصحف الورقية في بريطانيا، بمعدل نصف مليون قارئ سنويًا، وحاولنا مخاطبة الأسباب من خلال التعمق في الأبحاث والدراسات».
وأردفت بقولها: «سوق الصحافة الإلكتروني أصبحت مكتظة ومليئة بالمواقع الإخبارية، وعلى رأسها موقع مطبوعتنا (ميرور أونلاين) الذي نهتم بتطويره دائما». ولكن سيكون هناك حضور تسويقي للصحيفة موجود على شبكات التواصل الاجتماعي. وحول الأسباب وراء هذا القرار الأول من نوعه، قالت هولواي: «ما يريده القراء من الصحافة الورقية مختلف تماما عما يبحثون عنه في الصحافة الإلكترونية». وشرحت مضيفة: «في النسخة الورقية يبحث القارئ عن قصة محررة ومتكاملة من البداية وإلى النهاية، أما (تويتر) والمواقع الإلكترونية فهي سيل لا ينتهي لأحدث الأخبار والعواجل». إلى ذلك، أشار مقال «نيويورك تايمز» إلى أن ما يميز «نيو داي» عن نظيراتها كـ«الغارديان» و«التايمز» و«التلغراف»، هو أن محتوى الأولى ليس ثقيلاً ومتعبًا للقراءة، ولكنه في الوقت ذاته ليس بشدة خفة الصحف ذات أخبار المشاهير والفضائح «التابلويد». وكشف مقال «نيويورك تايمز» أن مبيعات الصحيفة تدنت من 150 ألفًا إلى 90 ألفًا. ورفضت الشركة الناشرة تأكيد تلك الأرقام بعد أو التعليق عليها في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط». من جانبها، أكدت الباحثة الإعلامية في جامعة سيتي اللندنية جين سينغر أن تدني الأرقام، لو كان صحيحًا، لا يمثل فشل الصحيفة، بل يمثل جزءًا من مسيرة التحدي التي ستخطوها المطبوعة من دون موقع إلكتروني. كما قالت: «بات الترويج اليوم كلام العالم الافتراضي، وأصبح (تويتر) و(فيسبوك) أدوات الإعلانات الأكثر فعالية، ولذلك فعلى (نيو داي) الاستمرار بالترويج للصحيفة الورقية من خلال منابرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الاستسلام فالمطبوعة في أول الطريق». ولفتت المقالة الانتباه لذكاء الشركة الناشرة لـ«نيو داي» التي أطلقت مشروعا متكاملا برأسمال منطقي، من خلال الاستعانة بطاقم مطبوعاتها الأخرى ذات الخبرة والرؤية، ومطابعها الحالية.
ومنذ أسبوعها الأول، أحدثت «نيو داي» ضجة بين الصحف البريطانية الأخرى، وأجبرت هذه المطبوعة الوليدة الجرائد الأخرى على إعادة حساباتها، حيث كانت صحيفة «الغارديان» قد نشرت على موقعها الإلكتروني تقييما لمحتوى عدد «نيو داي» الأول. وقالت: «الصحيفة أوفت بوعدها وقدمت منتجًا مختلفًا لافتًا للنظر يجمع بين جمالية وخفة المجلات وتحقيقات الصحف الإخبارية». واستطردت: «نعتبر (نيو داي) إضافة فعلية لتشكيلة أكشاك الصحف اليومية في بريطانيا». وبدورها، أبدت «الفاينانشيال تايمز» إعجابها بالعدد الأول وكتبت: «إن (نيو داي) تضفي طاقة إيجابية ورونقا متميزا مقارنة بنظيراتها».
وشغلت انطلاقة «نيو داي» الصحافة البريطانية حيث نوهت صحيفة «بريس غازيت» البريطانية بأنه «خلال أسبوعها الأول استطاعت صحيفة (نيو داي) نشر تحقيقات ومواضيع مميزة لم يتم تناولها من قبل»٬ وأضافت «الغازيت»: «كما عرضت تلك التحقيقات بتوازن وموضوعية عن طريق نقل الرأي والرأي الآخر، وهذا النوع من المحتوى سيدر الأرباح على الشركة الناشرة التي من الواضح أنه بجعبتها أفكارًا ومفاجآت عظيمة».
6:37 دقيقة
بعد شهر على تدشينها.. استجابة عالية من البريطانيين لـ«نيو داي»
https://aawsat.com/home/article/613206/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%AF%D8%B4%D9%8A%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%80%C2%AB%D9%86%D9%8A%D9%88-%D8%AF%D8%A7%D9%8A%C2%BB
بعد شهر على تدشينها.. استجابة عالية من البريطانيين لـ«نيو داي»
زخم إعلامي للصحيفة واهتمام عالٍ بقصصها المنوعة
- لندن: رنيم حنوش
- لندن: رنيم حنوش
بعد شهر على تدشينها.. استجابة عالية من البريطانيين لـ«نيو داي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة