مجموعة الترويكا تدعو المعارضة السودانية إلى توقيع خارطة الطريق

سلفاكير يطلب تدخل البشير للعفو عن رعايا بلاده المحكومين بالإعدام

مجموعة الترويكا تدعو المعارضة السودانية إلى توقيع خارطة الطريق
TT

مجموعة الترويكا تدعو المعارضة السودانية إلى توقيع خارطة الطريق

مجموعة الترويكا تدعو المعارضة السودانية إلى توقيع خارطة الطريق

حثت دول مجموعة الترويكا الغربية كلا من المعارضة السودانية المسلحة وحزب الأمة القومي على توقيع خارطة الطريق، التي قدمتها الوساطة الأفريقية الشهر الماضي، ودعت الحكومة إلى العمل على إلحاق القوى الرافضة للحوار الوطني. وفي غضون ذلك تقدمت حكومة جنوب السودان بطلب إلى الرئاسة السودانية للتدخل وإصدار عفو رئاسي بحق 25 من رعاياها، صدرت ضد 22 منهم أحكام بالإعدام، وأحكام بالسجن ضد ثلاثة آخرين.
وقال بيان صادر عن دول النرويج، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية المعروفة بـ(الترويكا)، التي تعمل على تسهيل التفاوض بين الأفرقاء السودانيين، وإسناد جهود الوساطة الأفريقية التي يقودها الجنوب أفريقي ثابو مبيكي للوصول إلى خارطة طريق تنهي النزاع السوداني المتطاول، إن المجموعة ترحب بخارطة الطريق، وفي الوقت ذاته تدعو الحكومة السودانية إلى الإيفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الوثيقة، وبإدراج الممانعين في الحوار الوطني، وإنفاذ ما يتم التوصل إليه في أي اجتماعات تحضيرية تدعو إليها، وتنظمها الآلية الأفريقية رفيعة المستوى مع آلية الحوار الداخلي المعروفة بآلية (7+7)، وقوى المعارضة بشقيها.
وحثت المجموعة حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان، والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال، وحزب الأمة القومي على توقيع وثيقة خارطة الطريق، وقالت إنه «إذا وافقت جميع أطراف الصراع، فإنه يمكن لخارطة طريق الوساطة الأفريقية أن تسمح بإجراء حوار سياسي حقيقي على المستويين الإقليمي والوطني، وإن هناك حاجة إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء الصراعات المسلحة التي ابتلي بها السودان فترة طويلة».
من جهة أخرى أبدت مجموعة الترويكا قلقها البالغ مما سمته في البيان بتصاعد القتال بين الجيش السوداني، ومقاتلي الحركة الشعبية - شمال في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودعتهما إلى ضبط النفس، وتجنب نصب الكمائن وتخطيط العمليات العسكرية، ووقف الهجمات الصاروخية والقصف الجوي؛ لأنها تؤثر كثيرا في المدنيين.
واستنادا إلى دعوتها لتوقيع وثيقة خارطة الطريق الأفريقية، حث بيان الترويكا الطرفين على الالتزام بوقف العدائيات المعلن من جانب واحد لخلق بيئة تساعد في تنفيذ الخارطة، وقال إنه «لا يوجد حل عسكري للصراعات في السودان؛ لأنه يؤدي إلى مزيد من العنف، وإلى زيادة معاناة السودانيين، وتدعو الترويكا جميع الأطراف في النزاع بالسودان إلى اغتنام هذه الفرصة لإنهاء الحروب وإيجاد الطريق نحو سلام دائم».
وامتنعت الحركة الشعبية - شمال، وحركتا تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة، فضلا عن حزب الأمة القومي، عن توقيع خارطة طريق بشأن الحوار ووقف الحرب، قدمتها الآلية الأفريقية في مارس (آذار) الماضي، ووقعتها الحكومة والوسيط الأفريقي منفردين.
ويدور نزاع مسلح بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية - الشمال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ خمس سنوات، ونزاع مسلح آخر في دارفور مع عدة حركات مسلحة منذ العام 2011، وقد أدى النزاعان إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين من السكان المدنيين.
وفي سياق آخر، طالبت حكومة جنوب السودان بإصدار عفو رئاسي عن 22 من رعاياها حكمت عليهم محكمة سودانية بالإعدام الأسبوع الماضي، وذلك لمشاركتهم في الحرب بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور. ودعت حكومة جوبا الرئيس عمر البشير إلى استخدام سلطاته، وإصدار عفو بحق رعاياها الـ22 المحكوم عليهم بالإعدام؛ إذ قال سفير جنوب السودان في الخرطوم ميان دوت لـ«الشرق الأوسط» إن حكومته تقدمت بطلب رسمي لإصدار عفو عن المحكومين، فيما كلفت محامين باستئناف الحكم ليسير الخطان السياسي والقانوني معا. وأضاف دوت إن حكومته متفائلة بصدور العفو عن رعاياها المحكوم عليهم.
وقضت محكمة الإرهاب بالخرطوم، الأربعاء الماضي، بالإعدام شنقا على 22 مواطنا من جنوب السودان، شاركوا في القتال مع حركة العدل والمساواة السودانية الدارفورية، التي كان يقودها بخيت عبد الكريم دبجو قبل التحاقه بوثيقة الدوحة للسلام في دارفور، وحصل بموجبه على عفو رئاسي، بعد أن أدانتهم باتهامات تتعلق بالإرهاب ومحاربة الدولة، وحمل السلاح ضدها، وتقويض النظام الدستوري، فيما قضت بالسجن مدى الحياة على ثلاثة آخرين.
ووفقا للسفير، فإن الخارجية بجنوب السودان طلبت من الرئيس البشير التدخل، وإعمال سلطاته بصفته رئيس دولة لإصدار عفو عن المدانين وإلغاء عقوبة الإعدام، والسجن بحق المحكوم عليهم بالإعدام والمسجونين البالغ عددهم 25 شخصا ينتمون لجنوب السودان، وإنه فاتح الحكومة السودانية، إثر تلقيه توجيهات من الرئيس سلفاكير ميادريت، بالسعي لدى الرئيس البشير إلى الحصول على عفو رئاسي.
وقال السفير دوت إنه يأمل في حصول رعايا بلاده على عفو رئاسي أسوة بزملائهم المتمردين السودانيين الذين حصلوا على عفو رئاسي؛ لأن تجنيدهم تم بواسطتهم.
والتحق الرجال الـ25 بحركة العدل والمساواة في عهد زعيمها الذي اغتيل في عملية جوية، ثم انشقوا عنها، وكونوا ما يعرف بفصيل (دبجو)، والذي وقع زعيمه على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور أبريل (نيسان) 2013، ووفقا لذلك سلم المحكوم عليهم أسلحتهم للاستخبارات السودانية، فيما تقول الخرطوم إنها عثرت على الرجال الـ25 في وقت لاحق بواسطة قوات الجيش، واعتقلتهم السلطات بسبب جنسيتهم الأجنبية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.