مطعم الاسبوع: «كذا ميزا».. شعاره «بيتك وأعز»

مطبخ «عربي غربي» في قلب دمشق

يقدم المطعم الأطباق الغربية بطريقة مبتكرة ({الشرق الأوسط}) - عصائر طبيعية تحضَّر بطريقة عصرية
يقدم المطعم الأطباق الغربية بطريقة مبتكرة ({الشرق الأوسط}) - عصائر طبيعية تحضَّر بطريقة عصرية
TT

مطعم الاسبوع: «كذا ميزا».. شعاره «بيتك وأعز»

يقدم المطعم الأطباق الغربية بطريقة مبتكرة ({الشرق الأوسط}) - عصائر طبيعية تحضَّر بطريقة عصرية
يقدم المطعم الأطباق الغربية بطريقة مبتكرة ({الشرق الأوسط}) - عصائر طبيعية تحضَّر بطريقة عصرية

ربما هناك أكثر من سبب لدهشة العابر من أمامه، ولعلّ أبرزها تسميته الغريبة نوعا ما بين مطاعم دمشق (كذا ميزا)، ومنها أيضا افتتاحه قبل أربعة أشهر وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة يعيشها السوريون، وحرب ضروس متواصلة منذ خمس سنوات وهو مغامرة بكل معنى الكلمة أقدم عليها رجل أعمال فلسطيني يعيش في دمشق واسمه (حسام تميم)، وقد يكون السبب الآخر هو أن ديكوراته الخارجية التي تعتمد على واجهات الزجاج من كل زواياها شيء غير مألوف في تصاميم المطاعم الدمشقية.
ديكوراته الداخلية مميزة أيضا، ألوان متناغمة وأرائك مريحة، هكذا حرص أصحابه بالفعل أن يكون مطعما أوروبيا في دمشق، ليس فقط بما يقدمه من وجبات، وهي تركز بشكل أساسي على ثلاثة مطابخ عالمية: الإيطالية والفرنسية والأميركية، وبشكل أقل، وحسب طلب الزبون، على المطبخين الياباني والعربي.
يستقبلك مدير المطعم (نورس عيسى) شاب في أواسط العشرينات، لكنه يجيد، كزملائه في المطعم، مفردات الترويج العصرية لمطعمه من استثمار شبكات التواصل الاجتماعي (Social media) والمسابقات وغيرها، يشرح نورس بإسهاب وحماس، لكن بهدوء قائلا: افتتحنا المطعم قبل أربعة أشهر، والاسم جاء من عبارة (كذا مَيّزِّة)، ولكن حرفناها قليلا لتنسجم بالسجع مع كلمة (كذا) فصارت (ميزا)، أي هنا في مطعمنا سيشاهد الزبون أكثر من ميزة تشدّه إلى زيارتنا باستمرار، فنحن حاولنا أن نميز ما نقدمه في مطعمنا من وجبات ومشروبات وعملنا على تقديمها بألوان تنسجم مع اختيارنا لألوان المطعم وفرشه وديكوره وكأن الزبون جالس في مطعم بإيطاليا.
هناك صور ولوحات خطت عليها عبارات تعبّر عن حميمية المكان زيّنا بها جدران المطعم، ففي الطابق العلوي كانت عبارات باللغة عربية، وفي الطابق الأرضي كتبت بالإنجليزية.
من مزايا المطعم، أيضا، ديكوره، وهو من تصميم المهندسة ربى الشيخ، هناك الطاولات من الخشب التي تتميز بانسيابيتها مع تعرجات فنية، وكأنها من الخشب المقطّع والكراسي المريحة بحجمها وألوان فرشها، لقد اعتمدنا فلسفة الألوان في الفرش. لا يوجد مطعم في دمشق يخدّم زبائنه بمثل هكذا كراسي مريحة وكأن الزبون في بيته انسجاما مع شعارنا (بيتك وأعز)، ففي المطاعم يستخدمون كراسي من دون سنّادات حتى لا يُطِيل الزبون الجلسة ويأكل ويمشي نحن فعلنا وحتى لدينا دواوين ليجلس عليها أكثر من شخص كعائلة مثلا، أما الألوان فهي متناغمة في كل مفردات المطعم وتفاصيله حتى الصغيرة منه وهي أربعة: (التركوازي الأزرق) وهو من أهم الألوان المريحة للعين حسب رأي الأطباء والعلماء و(الأصفر) وهو لون ناري، ولكن بعدها ينقل الزبون نظره للون (التوتي)، حيث يخفف من نارية الأصفر، ومن ثم (الرمادي) الهادئ. وحتى كؤوس الماء بألوان المطعم وفرشه وديكوره ونماذج الإنارة وكأنها تشبه إنارة الشارع، فعلى الجدران تنتشر السكك والأنابيب وتتدلى منها مصابيح الإنارة وكأنك في شارع مدينة أوروبية وحرصنا أن تكون ألوان المصابيح بنفس ألوان المطعم، هناك نماذج لملعقة وشوكة بألوان المطعم والعصائر بألوانه أيضا، وخاصة الأزرق والخمري والأصفر، ولكن اللون الرمادي من الصعب تأمينه للعصائر ـ يضحك نورس عيسى ـ فلن يكون العصير لذيذ المذاق باللون الرمادي.
في الديكور، أيضا، والشبيه بالمطاعم الأوروبية والأميركية، هناك مثلا المصعد لتخديم المطعم ما بين القبو، حيث المطبخ والقسمان الأرضي والعلوي جعلناه يشبه غرفة الهاتف المعروفة في بريطانيا، هناك نماذج لتلفون قديم جدا، والعبارات التي زيّنا بها جدران القسم الأرضي كلها تختص بالطعام منها مثلا وجميعها بالإنجليزية كونها تنسجم مع ديكور الجدران، وكأنك في جدران شارع أوروبي، حيث نُشْعِر الزبون وكأنه في الشارع نقول للزبون (عد الذكريات ولا تعد الحريريات). عبارة أخرى مثلا (أن الناس التي تحب الأكل هي أحسن ناس)، عبارة ثالثة تقول (أفضل الطرق للقلب هي شراء الأكل وتجهيز الطعام).
في الطابق العلوي، الأمر مختلف تماما، لا أدري لماذا كانت العبارات شاعرية هل لأنها كتبت بالعربية وكأنك في مضافة عربية. يبرر نورس موضحا: هنا القسم العربي من المطعم يشعر الزبون فيه وكأنه في غرفة جلوس عربية، ومن المنطقي أن يختلف الديكور تماما، هنا العبارات بالعربية وهناك صور لدمشق، ومن العبارات أشعار لنزار قباني في دمشق. يتسع المطعم لـ70 شخصا، ولو استخدمنا نماذج الكراسي العادية لكان يتسع لـ120 شخصا، ولكن لراحة الزبون فعلنا هذا، فـ70 شخصا سيكونون مرتاحين في الجلسة وفي المكان والأكل والموسيقى.
حرص المطعم على اعتماد أفضل الطهاة السوريين، ومنهم الشيف أسامة قداح، وهو يعمل منذ ربع قرن في فنون الطبخ وفي مطابخ شرقية وغربية، وكان يعمل في مطاعم بالسعودية وفي ألمانيا، وعاد مؤخرا إلى سوريا، وهناك الشيف إياد الصالح.
من وجبات مطعم كذا ميزة:
ـ سمك أثينا مع صوص الكريم والنعناع والكينوا فارسيلا.
ـ دجاج محشي جبنة موتزريللا مع صوص الحبش المدخن.
ـ رول دجاج محشي مع صوص الشيف الخاص (شرائح الغابة).
ـ شرحات لحمة مع الفطر والأرضي شوكي والكريم وصوص الروستو والـ بيبي كورن فيتوتشيني بيستو تشكن.
ـ شرحات الدجاج المشوية مع صوص البيستو والكريم وجبنة البارمزان.
العنوان: وسط دمشق التجاري ـ شارع الطلياني ـ مقابل المشفى الإيطالي.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».