كشفت برقية حصلت «الشرق الأوسط» على صورة منها من مصادر أمنية ليبية، وقوع خلاف بين وزير الحرب في تنظيم داعش، أبو عمر الشيشاني، ومكتب الخليفة المزعوم، أبو بكر البغدادي، في الموصل بالعراق، وذلك قبل أسبوع واحد من استهداف الشيشاني في غارة أميركية على أحد مواقع التنظيم في سوريا، ومقتله بعدها بأسبوع متأثرا بإصابته.
وترجع أصول الشيشاني إلى جورجيا، وظهر بلحيته الكثة الصهباء بصفته أحد قيادات التنظيم العسكرية الكبيرة في العراق وسوريا. وتشير البرقية إلى تنامي الخلافات بين قيادات التنظيم في كل من العراق وسوريا وليبيا. ومن مؤشرات هذه الخلافات قول الشيشاني لمندوب الخليفة، وفقا لما ورد في البرقية: «لا تتصل بي»، وإن «ما بيننا انتهى». ويعكس نص البرقية كذلك تململ قيادات «داعش» في ليبيا من تعليمات مكتب الخليفة في الموصل.
ويعود تاريخ البرقية المشار إليها إلى يوم 1 أبريل (نيسان) الحالي، وتتضمن ما يعده المحققون «حدة غير معتادة في التعامل بين قيادات (داعش)»، حيث بدا الشيشاني «غاضبا ونافد الصبر مع القيادي المهم في مكتب الخليفة، المدعو الشيخ ياسين، وذلك في الأسبوع الأخير من شهر فبراير (شباط)».
ونقلت المصادر الأمنية البرقية إلى جهات تحقيق مختصة في منطقة الشرق الأوسط. وقال أحد المحققين طالبا عدم تعريفه لحساسية موقعه، إنه، من بين فرضيات أخرى، يجري البحث فيما إذا كان الشيشاني تعرض لوشاية أو رغبة في الانتقام، من أحد القيادات في مكتب البغدادي، أدت لتحديد موقعه في سوريا لطيران التحالف الدولي، ما أسفر عن مقتله في نهاية المطاف. وأضاف: «يبدو من طريقة رد الشيشاني على مكتب الخليفة أنه كان (نافد الصبر).. ولديه جرأة ضد أعلى هرم في التنظيم.. وهذا أمر لم يكن معتادا في تعاملات القادة الكبار بعضهم مع بعض».
وتتضمن البرقية نقلا لنص حوار دار بين اثنين من قيادات «داعش ليبيا»، ممن هم على تواصل دائم مع الشيخ ياسين في مكتب الخليفة المزعوم في الموصل. الأول زعيم التنظيم في ليبيا، الملقب بـ«محمد المدهوني»، حيث إن مقر إقامته الدائم في طرابلس، وهو ليبي يحمل جواز سفر عراقيًا ويبلغ من العمر 63 عاما. والثاني أحد زعماء «داعش» في مدينة سرت، ويلقب بـ«أبو عمر القحطاني»، ويتردد بين حين وآخر على العاصمة الليبية.
وتقول المصادر إن الحوار بين الرجلين جرى في «مشتل» مزرعة خاصة تقع في منطقة عين زارة في وسط طرابلس، وهو أحد مقرات المدهوني المفضلة، وإنه بدا أن المدهوني والقحطاني كانا منزعجين من كثرة التعليمات التي يصدرها «الشيخ ياسين»، بشأن المجموعات التابعة للتنظيم في سرت، دون أن يكون الرجل ملمًا بالوقائع على الأرض والظروف.
وخلال الحديث بين الرجلين، أبلغ المدهوني القحطاني بأن الشيخ ياسين يريد من «داعش سرت» مغادرة المدينة والتمركز على تخوم مدينة بني وليد. وتعد سرت ذات طبيعة مكشوفة، على عكس بني وليد ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة بسبب ما تضمه من وديان ومرتفعات.
ويأتي هذا، على ما يبدو، خوفا من تلويح المجتمع الدولي بتوجيه ضربات للتنظيم في ليبيا، خصوصا مع وجود حكومة للوفاق الوطني برئاسة فايز السراج المدعومة من الدول الغربية.
وفي البرقية، هاجم القحطاني الشيخ ياسين، وقال موجها حديثه للمدهوني: «يا شيخ محمد دعك من ياسين ودعك من أفكاره.. هو في آخر الدنيا، فماذا يعرف عن حالة الأرض هنا»، ثم تطرق إلى واقعة خلاف الشيشاني مع الشيخ ياسين.
وقال القحطاني للمدهوني، حول هذه النقطة، التي لفتت أنظار المحققين، إن الشيخ ياسين تخاصم مع الشيشاني. وأضاف موضحا، وفقا لنص البرقية: «تعرف أنه تخاصم من كذا يوم مع الأخ أبو عمر الشيشاني.. وأبو عمر رد عليه ردا ما فهمت إلى أين يمكن أن ينتهي». وأضاف أن «أبو عمر» قال لـ«ياسين»: «اسمع يا شيخ ياسين.. لا تتصل بي ولا تكلمني.. وزاد وقال له: اعتبر الذي بيننا انتهى وخلاص وانقطع، وقفل الخط، والشيخ ياسين زعل ورفع الموضوع للخليفة». وكانت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أكدت مقتل القيادي العسكري البارز في «داعش»، متأثرا بجروح أصيب بها في ضربة جوية نفذتها على رتل في مطلع الشهر الحالي في أطراف مدينة الشدادي (جنوب الحسكة) السورية.
وقال المصدر الأمني إنه في حال ثبت أن الشيشاني تعرض للانتقام والوشاية به من جانب قيادات التنظيم، فإن هذا أمر من شأنه أن يؤدي لانشقاقات كبيرة داخل «داعش» سواء في العراق أو سوريا أو في ليبيا.
الشيشاني اختلف مع مكتب البغدادي قبيل استهدافه في غارة أميركية
برقية سرية تضمنت قوله لمندوب «الخليفة»: لا تتصل بي.. وما بيننا انتهى

صورة ضوئية لبرقية بين «أبو عمر الشيشاني» ومكتب «أبو بكر البغدادي» («الشرق الأوسط»)
الشيشاني اختلف مع مكتب البغدادي قبيل استهدافه في غارة أميركية

صورة ضوئية لبرقية بين «أبو عمر الشيشاني» ومكتب «أبو بكر البغدادي» («الشرق الأوسط»)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة