المعارضة تتعامل بإيجابية مع المفاوضات وترى التفافًا من الأسد على الحل

دي ميستورا يعلن عزمه زيارة دمشق وطهران قبل انطلاقها في 13 الحالي

حي (بستان القصر) الفاصل بين قسمي مدينة حلب وقد سد بسيارات مدمرة لحماية السكان من القناصة (رويترز)
حي (بستان القصر) الفاصل بين قسمي مدينة حلب وقد سد بسيارات مدمرة لحماية السكان من القناصة (رويترز)
TT

المعارضة تتعامل بإيجابية مع المفاوضات وترى التفافًا من الأسد على الحل

حي (بستان القصر) الفاصل بين قسمي مدينة حلب وقد سد بسيارات مدمرة لحماية السكان من القناصة (رويترز)
حي (بستان القصر) الفاصل بين قسمي مدينة حلب وقد سد بسيارات مدمرة لحماية السكان من القناصة (رويترز)

أكدت المعارضة السورية حرصها التعامل بإيجابية مع مفاوضات جنيف تأكيدا على نيتها الوصول إلى حل للأزمة في مواجهة تصريحات موسكو والنظام السوري التي ترى فيها التفافا على القرارات الدولية، مؤكدة رفضها محاولة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا طرح فكرة التوسع في الوفد المفاوض، التي تقول بعض المصادر بأن دي ميستورا سيطرحها عليهم إبان زيارته المزمعة للرياض.
وكانت آخر تصريحات النظام ما أعلنه وفد الحكومة إلى جنيف بأن الجولة المقبلة من المفاوضات لن تشهد محادثات مباشرة، وما نقل عن جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله: إن مصير رئيس النظام بشار الأسد ليس محل نقاش في الوقت الحالي.
ويوم أمس، أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا عزمه زيارة دمشق وطهران قبيل الجولة الجديدة من مباحثات جنيف التي أعلن أنها ستبدأ في 13 أبريل (نيسان)، بدلا من 11 منه. وأشار إلى أنّ سوريا ستجري انتخابات برلمانية أيضا في 13 أبريل وبالتالي لن يصل وفد الحكومة السورية إلى المفاوضات قبل 14 أو 15 أبريل.
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي في جنيف، أمس، بأنه لم يطلب لقاء الأسد وقال: إن سيلتقي وزير الخارجية ونائبه. واعتبر المبعوث الدولي أن الجولة التالية من المحادثات يجب أن تقود بشكل ملموس لبداية حقيقية لانتقال سياسي في سوريا التي تمزقها الحرب منذ 5 سنوات.
وعقدت الهيئة العليا التفاوضية أمس في الرياض، اجتماعا تقويميا للمرحلة الماضية، لا سيما منذ انتهاء الجولة الأخيرة من المفاوضات قبل أسبوعين، وللبحث في استحقاقات الأسبوع المقبل والسيناريوهات المحتملة، بحسب ما قال مروة الموجود في الرياض لـ«الشرق الأوسط»، مضيفا: «أجواء الاجتماعات إيجابية ولا أعتقد أنه سيكون هناك اعتراض على المشاركة في المفاوضات».
من جهته، قال أسعد الزعبي رئيس وفد المعارضة السورية المفاوض لـ«الشرق الأوسط» حول توسعة وفد المفاوض إلى جنيف: «أعلنا منذ البداية أن وفد التفاوض هو لا يقبل القسمة أو الإضافة، وهو يتألف من 16 عضوا يمثلون كل مكونات العرقية والسياسية والمدنية والعسكرية». ولكن السؤال، والحديث للزعبي، لماذا الإصرار الروسي على تواجد الأكراد بشكل خاص أو ممثلين في شكل مستشارين في الوفد المفاوض، مضيفا: أليس ذلك تمييع وعرقلة المفاوضات، وأكثر من ذلك إصرارهم على أن توضع حصص لبشار الأسد من أجل أن يبتعد المفاوضون عن قضية تنحي الأسد.
إلى ذلك، شددت الهيئة العليا السورية للمفاوضات، على أن رحيل بشّار الأسد، بند غير قابل للنقاش على الإطلاق في جولة جنيف المقبلة، في حين أرجأت اتخاذ قرارها النهائي من مشاركتها في هذه الجولة واستمرارية الهدنة من عدمها، إلى اجتماعها الثاني الذي تعقده اليوم الجمعة بالرياض، محذرة المجتمع الدولي بأن الهدنة على شفا الانهيار في ظل تحدي النظام السوري بمعاونة الإرهاب الإيراني، بتنفيذ ألف خرق ضد الهدنة، في ظل إصرارها على المزيد من الخروقات.
وقال رئيس وفد المعارضة السورية المفاوض لـ«الشرق الأوسط»: «بحث اجتماع الهيئة العليا بالرياض أمس في جلستين، تقييم مجريات أحداث المرحلة السابقة والوضع العسكري وخروقات الهدنة وبنود ورقة المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا».
وأضاف الزعبي: «خلاصة نتائج اجتماع الأمس، اشتمل على نقاط إيجابية وأخرى سلبية، حيث كان هناك، رضا جزئي على إيصال بعض المساعدات لجزء من المناطق المحاصرة، ولكن ما زال هناك شيء من الغضب الكبير على قضية عدم إطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام، من النساء والأطفال والذي يتوقف بالأساس على حجم ما يبذله المجتمع الدولي من جهود بهذا الخصوص».
ووفق رئيس وفد المعارضة السورية المفاوض في جنيف، أن الاجتماع، بحث أيضا، قضية الإرهاب الإيراني وما يتعلق بالهدنة وكيف أن النظام السوري، كان وما زال يمارس خرق الهدنة بأكثر من ألف خرق حتى الآن مع إصراره الاستمرار في ذلك، مشيرا إلى أن ذلك، يمثل تحديا صارخا للشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن الدولي وتحديا لكل من روسيا وأميركا راعيتي فكرة الهدنة.
وقال الزعبي، إن اجتماع الأمس، استعرض بنود ورقة دي ميستورا الـ12. وبعضها إيجابي يتفق مع بعض مبادئ وفد الثوار المفاوض، مثل التأكيد على وحدة الأراضي السورية، وتمثيل المرأة بأكثر من 30 في المائة، وإقامة نظام ديمقراطي تعددي مدني يكفل الحرية والحقوق والواجبات. أما النقاط التي تكتنفها الضبابية، مثل عبارة انتقال سياسي، غير الواضحة بتعبير «هيئة حكم انتقالي».
وأضاف: كذلك في الفقرة 4 في القرار 2254. هناك عبارة تتحدث عن «حكم ذي مصداقية»، بينما نصرّ على عبارة «هيئة حكم كامل الصلاحيات».
وفيما كانت المعارضة ولا تزال تطالب بإجراء مباحثات مباشرة بين طرفي المفاوضات، قال وفد الحكومة السورية إلى محادثات جنيف على لسان أحد أعضائه، محمد خير أحمد العكام، إن الأسد يريد «عملية انتقالية آمنة» ونقلت صحيفة «الوطن» السورية عنه قوله أمس، إن «الجولة المقبلة في جنيف لن تشهد محادثات مباشرة».، وهو الأمر الذي رأى فيه مروة، تهربا من المباحثات ومحاولة الضغط للحصول على ثمن ما سياسي في المقابل.
وأرجع العكام السبب وراء ذلك إلى «صعوبة توحيد رؤى هذه المعارضات التي تعاني مشكلة في بنيتها». وقال عضو الوفد المفاوض للصحيفة المحسوبة على النظام، إنه لم يتم الاتفاق حتى الآن على «ثوابت تنطلق منها المحادثات»، مثل الموقف من «الإرهاب ومن مبدأ حمل السلاح للاستيلاء على السلطة».
وحول رؤية الأسد التي أعلنها منذ أيام عن الشكل الانتقالي بأنه «حكومة وطنية تهيئ لدستور جديد»، أكد العكام أن الأسد «أشار إلى الانتقال الآمن، الذي يحافظ على السيادة وعلى نصوص الدستور النافذ والقوانين، لأن الدولة قائمة بمؤسساتها، ما يعني الانتقال من حكومة فيها معارضون إلى حكومة فيها معارضون أكثر مما كانت عليه بالسابق، ثم الانتقال من دستور نافذ إلى دستور جديد آخر يتفق عليه السوريون، ومن برلمان إلى برلمان ينتخبه السوريون»، معتبرًا أن المعارضة تفسر الانتقال على «أنه تفكيك السلطات وإعادة ترتيبها على شاكلة ما تريده الدول الداعمة لهم، وهذا أمر غير مقبول».
ورأى العكام، أن شكل الحكومة المقبلة المتوقع تشكيلها بعد انتخابات مجلس الشعب ومن ستمثل، مرتبط بنتائج الانتخابات، مستبعدًا مشاركة «المعارضات» التي قاطعت الانتخابات لأنهم «يقعون في تناقض عندما يرفضون المشاركة في أي استحقاق وطني ثم يريدون المشاركة في الحكومة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».