محاكمة المعتدين على مكاتب «الشرق الأوسط» في بيروت تبدأ الاثنين

«حزب الله» يحرض الحكومة على التحرك.. والصفدي يحذر من جر لبنان إلى صراعات مفتوحة

مشهد من الدمار الذي خلفه هجوم بعض المعتدين على مكاتب {الشرق الأوسط} في بيروت الأسبوع الماضي (رويترز)
مشهد من الدمار الذي خلفه هجوم بعض المعتدين على مكاتب {الشرق الأوسط} في بيروت الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

محاكمة المعتدين على مكاتب «الشرق الأوسط» في بيروت تبدأ الاثنين

مشهد من الدمار الذي خلفه هجوم بعض المعتدين على مكاتب {الشرق الأوسط} في بيروت الأسبوع الماضي (رويترز)
مشهد من الدمار الذي خلفه هجوم بعض المعتدين على مكاتب {الشرق الأوسط} في بيروت الأسبوع الماضي (رويترز)

حدد القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، وائل صادق، يوم الاثنين المقبل، موعدا لمحاكمة 7 موقوفين، وأحد الفارين من العدالة، في قضية الاعتداء على مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت وتخريبها، وقدم وكيل الموقوفين، المحامي حسن بزي، طلبات لإخلاء سبيلهم، ينتظر أن تبت فيها المحكمة صباح غد الجمعة.
وكانت السلطات اللبنانية أوقفت الأسبوع الماضي 7 ضالعين، من أصل ثمانية، في الهجوم على مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت، وتخريب محتوياته، وترهيب موظفيه، ومنعهم من القيام بعملهم. وبعد استكمال التحقيقات معهم، ادعى النائب العام الاستئنافي في بيروت، القاضي زياد أبو حيدر، أول من أمس الثلاثاء، على الموقوفين بيار كريم حشاش، وبلال فواز علوة، وحسين علي ناصر الدين، ومحمد محمود حرز، وعلاء جمال حسين، وحسن بديع قطيش، وجاد نقولا أبو ضاهر، وعلى المتواري عن الأنظار عباس زهري، بجرم اقتحام مكتب جريدة «الشرق اﻷوسط» في بيروت، وتخريب أثاثه ومحتوياته، ومنع الموظفين فيه من مزاولة عملهم الصحفي، وذلك سندا لمواد في قانون العقوبات، تنص على السجن سنة.
وواصل ما يسمى «حزب الله» هجومه على «الشرق الأوسط»، على خلفية نشر الكاريكاتير الذي أوضحت جريدة «العرب الدولية» الالتباس حوله، حيث هاجم النائب عن الحزب في البرلمان نواف الموسوي الصحيفة، وانتقد في الوقت نفسه ما أسماه «عدم تحرك السلطات المعنية في لبنان، التي كان ينبغي أن تواجه هذا الموقف من الصحيفة باتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة من يتعرض للبنان واللبنانيين بالإهانة والازدراء»، من غير أن يأتي على إدانة اقتحام مكتبها في بيروت.
وفي المقابل، تواصلت المواقف المنددة بالاعتداء على مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت، حيث حذر النائب محمد الصفدي (وزير المال السابق) في تصريح له، من «خطورة جر لبنان إلى صراعات مفتوحة بين الدول والقوى الإقليمية والعالمية». وقال: «إن الحفاظ على الوحدة الوطنية في لبنان شرط لبقاء الدولة، ولتفادي التفكك الذي أصاب دولا عربية عدة»، وأضاف: «لا يزال الانتماء الطائفي للأسف هو الغالب بين اللبنانيين، وكذلك الانتماء المذهبي بين المسلمين على وجه التحديد، مما يجعل أهلنا من السنة وأهلنا من الشيعة منجذبين حكما لدول تشكل بالنسبة إلى كل مذهب مرجعية دينية طائفية، وسندا سياسيا، لذلك يجب التنبه إلى أن أي تهجم على دول المرجعيتين السنية والشيعية هو بمثابة تهجم على أهل السنة وأهل الشيعة في لبنان».
وتابع الصفدي: «لقد شهدنا في الآونة الأخيرة هجمات مركزة على المملكة العربية السعودية، تجاوزت الحد السياسي المقبول، فشعر أهل السنة في لبنان أنهم مستهدفون مذهبيا، لكون المملكة بالنسبة إليهم هي رمز الانتماء الديني، وهي أرض الحرمين الشريفين». وتمنى على كل من يتعاطى الشأن السياسي أن «يتروى قبل إطلاق التصاريح، وأن يأخذ في الاعتبار مشاعر الناس الذين ينتمون إلى دين ومذهب، تشكل المملكة العربية السعودية مرجعا له». ودعا الصفدي إلى «أخذ العبرة، وتحاشي ما قد يتسبب فيه الخطاب المنفلت من توتر يصل أحيانا إلى حد الفتنة، والفتنة أشد من القتل على حد ما ورد في القرآن الكريم».
وفي وقت أعلنت فيه نقابة محرري الصحافة اللبنانية رفضها «المساس بعلم لبنان والرموز الوطنية والوطن اللبناني من أي صحيفة أو وسيلة إعلام محلية، عربية أو دولية» (في إشارة للكاريكاتير الذي نشر في «الشرق الأوسط»)، أكدت «إدانتها واستنكارها لأي رد فعل من خارج الأطر القانونية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.