ضاعف التصعيد العسكري في شمال سوريا، العراقيل أمام جولة المفاوضات المقبلة، المزمع عقدها في موعدها الجديد في 13 من الشهر الحالي في جنيف، رغم أن المعارضة السورية تفصل العمليات العسكرية عن مباحثات الحل السياسي، وتراها «محصورة في سياق الرد على خروقات النظام».
غير أن الاشتباكات التي ارتفعت وتيرتها منذ الجمعة الماضي، وطالت مجمل المحافظات الشمالية، وبدّلت في خريطة السيطرة الجغرافية بشكل محدود، تهدد اتفاق الهدنة الهش الذي التزم به النظام والمعارضة إلى حد كبير في الشهر الأول للتوصل إليه. ويقول مصدر معارض في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط»: إن الاتفاق الذي وضعته الولايات المتحدة الأميركية وروسيا «بات على قاب قوسين أو أدنى من الانهيار».
واشتعلت جبهات حلب، وريفي حماة وحمص الشرقي، وريف اللاذقية في شمال سوريا، على خلفية ما قالت فصائل المعارضة إنه «رد على انتهاكات النظام للهدنة والاستمرار قي القصف الجوي». وتمكنت قوات المعارضة من السيطرة على بلدة العيس بريف حلب الجنوبي، وأسقطت طائرة حربية نظامية من نوع «سوخوي 22»، بالتزامن مع تواصل الاشتباكات في أرياف حلب.
ويقول القيادي السوري المعارض وعضو الائتلاف الوطني، عبد الأحد اسطيفو، إن التصعيد العسكري «لا يمكن ربطه بجولة المفاوضات المقبلة»، موضحا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن «ما يتم منذ أكثر من أسبوع، يتمثل في أن هناك إعادة بعض التوازنات في بعض المناطق تتم لصالح الجيش السوري الحر والفصائل المسلحة»، مستبعدا أن «يكون للتطورات تأثير في الجولة الثالثة من جنيف، أو أن نكون نسعى لتعزيز موقفنا من المفاوضات».
ويضيف: «لسنا مقتنعين بأن الجولة المقبلة من المحادثات في جنيف ستكون أساسية، ونعتقد أنها لن تكون بمنأى عن المماطلات وتضييع الوقت القائم». ويوضح: «لا ننتظر الكثير من الجولة الثالثة للمفاوضات. فإذا تم إحداث تطور على ملف المعتقلين، فإننا عندها نكون قد حققنا شيئا. وأعتقد أن الجولة الثالثة لن تصل إلى أسبوعين، ذلك أن التقدم في الملفات الثلاثة، بطيء، وهي الملف الإنساني، وملف الهدنة أو ملف المعتقلين»، مشددا على «أننا ما زلنا بعيدين عن القضايا الأساسية نتيجة المماطلة، وحرف اتجاه جنيف 3 عن مساره الطبيعي الآيل لتحقيق الانتقال السياسي، وتشكيل هيئة حكم انتقالي».
وقصفت قوات النظام، أمس، مناطق في بلدتي عندان وحيان في ريف حلب الشمالي، في حين قصفت طائرات حربية مناطق في محيط بلدة دارة عزة في ريف حلب الشمالي، كما استهدفت الفصائل الإسلامية تمركزات لقوات النظام في بلدة خان طومان في ريف حلب الجنوبي بصاروخ موجه، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من العناصر، في حين جددت قوات النظام قصفها مناطق في بلدات بداما، والناجية، والحمبوشية في ريف جسر الشغور الغربي.
وبينما قصفت وحدات حماية الشعب الكردي مناطق في طريق الكاستيلو شمال حلب، تواصلت الاشتباكات العنيفة مستمرة بين حركة «أحرار الشام الإسلامية»، و«الفرقة 16»، وفرقة «السلطان مراد»، و«لواء الفتح»، و«الفرقة الشمالية»، و«جيش المجاهدين»، و«تجمع فاستقم كما أمرت»، و«حركة نور الدين زنكي»، و«جيش الإسلام» من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردي من جهة أخرى في محيط حي الشيخ مقصود في مدينة حلب الخاضع لسيطرة الوحدات.
ويرى اسطيفو، أن العمليات العسكرية واستعادة بعض القرى في ريف حلب، «هي شيء طبيعي تدخل ضمن إطار توسع النظام خلال فترة الهدنة واستفادته من الهدنة التي مكنته من التوسع وفق القضم البطيء»، مشيرا إلى أن «الحراك العسكري أو التصعيد، هو عبارة عن أشخاص يدافعون عن أنفسهم، ويردون على اختراق الهدنة».
ويستبعد اسطيفو، أن يهدد هذا التصعيد المفاوضات، موضحا أن «أن هناك احتراما للهدنة تحقق بنسبة 70 في المائة، وقد قدمنا خلال الجولة الثانية من المفاوضات تقريرا مفصلا عن كل الانتهاكات».
وجرت العادة أن تتصاعد العمليات العسكرية قبيل أي جولة للمفاوضات، لكن سياق العمليات اليوم، يبدو مختلفا، بحسب ما يقول الباحث السياسي والعسكري، العميد نزار عبد القادر، لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن الجبهات تنقسم إلى جبهتين بأهداف مختلفة، هي جبهة بلدة «الراعي» الحدودية مع تركيا التي «اندلعت بغطاء تركي»، وجبهات ريف حلب الجنوبي «التي أرادتها جبهة النصرة لإثبات وجودها وقوتها في المنطقة بعد الضربات التي تعرضت لها».
ويقول عبد القادر: «في أقصى الشمال، يبدو أن قرار العمليات تركي، حيث تعمل قوات المعارضة وبينها فرقة السلطان مراد وفصائل أخرى مدعومة من تركيا، على التقدم في مناطق سيطرة داعش، بهدف تحقيق الهدف الأميركي بطرد (داعش) من المنطقة، ومنع الأكراد من إجراء عملية وصل لمناطق سيطرتهم في الكانتونات الكردية المزمع إقامتها ضمن الفيدرالية المعلن عنها بين جرابلس وعفرين، وبالتالي تسكن المنطقة بدلا من داعش، قوات حليفة لتركيا».
أما المعركة في ريف حلب الجنوبي، فلها سياق آخر. ويشرح عبد القادر، أن النظام «شن الهجوم المعاكس اليوم (أمس) على بلدة العيس وتلتها الاستراتيجية بهدف الحفاظ على معنوياته والهجوم الاندفاعي الذي قام به وأدى إلى استعادة سيطرته على القريتين وتدمر من يد (داعش)، كذلك للحفاظ على خط إمداده على طريق دمشق – حلب». ويشير إلى أن جبهة النصرة التي بادرت بالهجوم، قبل أن تستدرج قوات المعارضة للاشتراك معها، «فكانت تسعى لقطع خط الإمداد على النظام، وتحصيل مكاسب ميدانية، وتستعيد معنويات مقاتليها بعد خسائر تعرضت لها، بينها ضربة أميركية تعرضت لها في إدلب».
الهدنة «قاب قوسين من الانهيار».. والمعارضة تستبعد تأثيرها في محادثات جنيف
خبير: تركيا تدعم عمليات حدودية ضد «داعش».. و«النصرة» تستهدف خط النظام الحيوي

الهدنة «قاب قوسين من الانهيار».. والمعارضة تستبعد تأثيرها في محادثات جنيف

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة