استقال رئيس حكومة آيسلندا ديفيد سيغموندور غونلوغسون، أمس، ليكون أول ضحية سياسية لتسريبات «أوراق بنما» التي كشفت مخالفات مالية وعمليات تهرب ضريبي.
وصرح سيغوردور انغي يوهانسون، نائب رئيس الحزب التقدمي ووزير الزارعة، بأن «رئيس الوزراء أبلغ الكتلة البرلمانية لحزبه في اجتماع أنه سيستقيل من منصبه رئيسا للوزراء، وسأتولى أنا هذا المنصب مكانه». ويتعين الحصول على موافقة العضو الأصغر في الائتلاف الحكومي (وسط يمين) وهو حزب الاستقلال، على هذا التغيير. وكان غونلوغسون قد رفض الاستقالة رغم نزول آلاف الأشخاص إلى الشارع مساء الاثنين في ريكيافيك للمطالبة بذلك، بينما سلمت المعارضة مذكرة لحجب الثقة عنه.
وفي إيران، اعتبرت جهات إعلامية أن الوثائق التي سربت عن إيران، وعددها أربع، نشرت ضد إيران في وقت يواجه تجار إيرانيون في أميركا تهما بنقض العقوبات ومراوغتها. وذكرت صحيفة «شرق» أن التسريبات أشارت إلى أحمدي نجاد في إحدى الوثائق الأربعة، فيما أكّدت «تسود دويتشه تسايتونغ» أن أحد المسؤولين في مكتب «موساك فونسكا» للمحاماة استفسر عن أصحاب الشركات الإيرانية المتورّطة، وأنه اكتشف عبر أحد زملائه في لندن أن «مالك الشركات هو محمود أحمدي نجاد».
ونفى عدد من قادة ومشاهير العالم الذين وردت أسماؤهم في التسريبات ارتكابهم أي خطأ، رغم تزايد الغضب الدولي. وقال عدد من أبرز الشخصيات الذين وردت أسماؤهم في الفضيحة إنهم مستهدفون بشكل غير منصف، وسط اتساع نطاق التسريبات وتعهد سلسلة من الدول بفتح تحقيقات في التهرب الضريبي عقب تسريب 11.5 مليون وثيقة سرية.
وحصلت صحيفة «سوددويتشه تسايتونغ الألمانية» على الغالبية العظمى من الوثائق التي سرّبها مصدر مجهول من مكتب «موساك فونسيكا» البنمي، وتقاسمها «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين» مع أكثر من 100 وسيلة إعلامية، نشرت أولى نتائجها الأحد بعد تحقيق استمر عاما. ومن المنتظر أن يستمر تسريب الوثائق في الأيام المقبلة. وأكّد «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين» أنه بالإضافة إلى الشخصيات السياسية التي كشف عنها، تحتوي أوراق بنما على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة أوفشور في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم. وأوردت الأوراق أسماء 33 شخصا وشركة على الأقل، مدرجين على قائمة وزارة الخارجية الأميركية السوداء بسبب تعاملاتها مع إيران و«حزب الله» وكوريا الشمالية.
ومن بين من ذكرتهم الأوراق عائلة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وأشخاص مقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء آيسلندا ديفيد سيغموندور غونلوغسون، ولاعب برشلونة ليونيل ميسي.
ورغم أن التعاملات المالية من خلال شركات «أوفشور» لا تعتبر غير قانونية بحد ذاتها، فإنه يمكن استغلالها لإخفاء أصول عن هيئات الضرائب، وتبييض أموال يمكن أن يكون مصدرها نشاطات إجرامية، أو إخفاء ثروة تم الحصول عليها بشكل غير قانوني.
ولم يصدر رد فعل رسمي من بكين على المزاعم بأن ثمانية من الأعضاء السابقين للحزب الحاكم أخفوا ثرواتهم في ملاذات ضريبية أوفشور، إضافة إلى أقارب الرئيس الصيني الذي أشرف على حملة لمكافحة الإرهاب حصلت على دعاية كبيرة. وردا على سؤال حول ما إذا كانت الصين ستحقق مع الذين وردت أسماؤهم في التسريبات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية هونغ لي «ليس لدي تعليق على مثل هذه المزاعم التي لا أساس لها».
أما الكرملين فأشار إلى مؤامرة أميركية بعد أن تحدثت التسريبات عن تورط صديق مقرب من بوتين بإدارة إمبراطورية «اوفشور» تزيد قيمتها على ملياري دولار. وقال الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحافيين إن «بوتين، وروسيا وبلادنا واستقرارنا والانتخابات المقبلة، كلها الهدف الرئيسي وخصوصا من أجل زعزعة الوضع»، مضيفا أن «لا شيء جديدا أو ملموسا حول الرئيس الروسي» في التسريبات. إلا أن ذلك لم يمنع النيابة العامة الروسية من الإعلان عن عزمها التحقيق في المعلومات التي جاءت في «وثائق بنما» حول مواطنين روس، يُزعم أنهم يمتلكون شركات في مناطق ملاذات ضريبية آمنة.
وقال ألكسندر كورنوي، المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة الروسية إن «النيابة العامة تتحقق من المعلومات الواردة في تقارير استقصائية نشرتها وسائل إعلام أجنبية حول عدد من المواطنين والشخصيات الاعتبارية الروسية، وتزعم أنهم يملكون شركات وحسابات مالية في مناطق ملاذات ضريبية آمنة»، موضحًا أن الهدف من ذلك هو «تحديد ما إذا كان نشاط المواطنين الروس المشار إليهم يتناسب مع القوانين الروسية، والقانون والتشريعات الدولية، ولا يتعارض مع التزامات روسيا أمام المجتمع الدولي في مجال مكافحة الفساد وتبييض الأموال التي تم تحصيلها بطرق غير شرعية».
أما عائلة لاعب كرة القدم الشهير ميسي، فقالت إن التسريبات لم تكشف عن ارتكابه أي خطأ، بعد ظهور اسمه واسم والده كمالكي شركة في بنما لم يكشف عنها خلال التحقيق الإسباني في ضرائبهما. وقالت عائلته في بيان أمس إن «شركة بنما المشار إليها هي شركة غير ناشطة مطلقا، ولم يكن فيها أموال أو حسابات جارية مفتوحة».
وأعلنت كل من أستراليا وفرنسا وهولندا فتح تحقيقات في التسريبات التي نشرتها الصحف. وقال مصدر قضائي إن إسبانيا فتحت تحقيقا بتهمة تورط مكتب المحاماة في تبييض الأموال.
أما القضاء البنمي، فأعلن مساء أول من أمس فتح تحقيق في «الوقائع التي أوردتها وسائل إعلام وطنية ودولية تحت اسم «أوراق بنما»».
تسريبات بنما تدفع رئيس حكومة آيسلندا إلى الاستقالة.. وتحقيقات دولية في مصداقيتها
مصارف دولية ترفض التهم الموجّهة لها.. وتؤكد قانونية معاملاتها

رئيس حكومة آيسلندا ديفيد سيغموندور غونلوغسون المستقيل أمس في ريكيافيك (إ.ب.أ)
تسريبات بنما تدفع رئيس حكومة آيسلندا إلى الاستقالة.. وتحقيقات دولية في مصداقيتها

رئيس حكومة آيسلندا ديفيد سيغموندور غونلوغسون المستقيل أمس في ريكيافيك (إ.ب.أ)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة