إنهم يخوفون الصحافة!

إنهم يخوفون الصحافة!
TT

إنهم يخوفون الصحافة!

إنهم يخوفون الصحافة!

لماذا ينبغي التنديد بالهجوم على مكتب جريدة «الشرق الأوسط» في بيروت، وعدم اعتباره حدثًا عاديًا ضمن سلسلة من الأحداث غير المعقولة التي تتزايد في منطقتنا يومًا بعد يوم؟
الحادث أكبر من كونه تعبيرا «منفلتًا» عن الرأي، وهو يفوق كونه اعتداءً جرميًا تتم معالجته عبر أجهزة القضاء والشرطة. هو أكبر من ذلك، لأنه يتصل بثقافة عامة لا تولي احترامًا لوسائل الإعلام إلا بمقدار ما تتفق معها. الناس تريد الصحافة صوتًا لهم، وهذا حقهم، بل هذه الوظيفة الأولى للصحافة ووسائل الإعلام أن تكون صوتًا للناس وتعبيرًا عنهم، ودفاعًا عن قضاياهم. لكّن البعض لا يريد الصحافة ضميرًا جمعيا، بل تعبيرًا خاصًا عنه وعما ينتمي، وهذه ليست وظيفة الصحافة أن تكون جزءا من أي انقسام، أو تعبيرًا عن أي تحزب أو تخندق أو انتماء فرعي.
مهمة الصحافة مقدسة لأنها تحاول أن تكون صوت الحقيقة، والحقيقة أولى ضحايا الحروب والنزاعات. ولا يمكن أن تؤدي الصحافة رسالتها والصحافي يشعر بالخوف والتهديد والترهيب. كان السائد أن الحكومات هي التي تمارس التخويف والقمع ضد الصحافة من أجل احتكارها ومنعها من قول الحقيقة. وسجل الحكومات في العالم العربي والشرق الأوسط ليس نظيفًا في هذا السياق. لكّن اليوم نواجه تهديدًا من نوع آخر، تهديد الجمهور الذي يفتئت على سلطة الدولة والقضاء والقانون، ويعتدي على الصحافة ويقمع حريتها. هذا تهديد مسكوت عنه، وهو متصل بالثقافة التي ننشأ عليها، والتي لا تولي بالاً للاختلاف، ولا للقبول بالرأي الآخر.
لا يعني أن الصحافة لا تخطئ، أو أن رجالها معصومون ومنزهون، ولكنها تعبير عن الرأي، ولا يمكن مواجهة الرأي بالاعتداء والبلطجة. وإذا كانت الصحافة مهمة للناس العاديين، فهي لأولئك الذين يحملون شعارات وطنية وإصلاحية أكثر أهمية، لأن الصحافة هي سندهم، والحرية التي تتمتع بها هي ضمانة لهم، فكيف يخربون بيوتهم بأيديهم؟.
إن الحق في التعبير وحرية تدفق المعلومات، حق أصيل من حقوق الإنسان، كفلته المواثيق الدولية، حيث قررت الهيئة العامة للأمم المتحدة في أول اجتماع لها في 14 / 12 / 1946 أن: (حرية المعلومات هي حق أساسي للإنسان، وحجر الزاوية لجميع الحريات التي تنادي بها الأمم المتحدة). وحين صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 نصّت المادة 19: (لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقّيها وإذاعتها بأي وسيلة دون التقيّد بالحدود الجغرافية).
وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1966، نصّت المادة 19 أيضًا منه، أن: (لكل إنسان الحق في حرية التعبير مما يوليه الحرية في طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقّيها وإذاعتها بأي وسيلة يختارها).
ولا يوجد أكثر وضوحًا من قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 2010، الذي ينصّ: «يلزم لحرية الصحافة حماية خاصة كي تتمكن من لعب دورها الحيوي المنوط بها، وتقديم المعلومات والأفكار التي تهم الرأي العام».
لذلك، فإن الاعتداء على «الشرق الأوسط»، ليس جرمًا عاديًا، لأنه يتصل بعلاقتنا مع حرية الرأي والتعبير، كعنوان عريض لحقوق الإنسان وكرامته، ومتى ما تعرضت الصحافة للاعتداء، وتعرض الصحافي للقمع والتخويف، كانت الحقيقة أولى الضحايا.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.