القومية الإيرانية.. تحديات انفصام الشخصية

ملالي طهران.. من تصدير الثورة إلى المزايدة بالتراث الفارسي

القومية الإيرانية.. تحديات انفصام الشخصية
TT

القومية الإيرانية.. تحديات انفصام الشخصية

القومية الإيرانية.. تحديات انفصام الشخصية

عام 2010، عندما توفي شجاع الدين شفا، الكاتب والأديب ومترجم الآثار الكلاسيكية الغربية، في منفاه بالعاصمة الفرنسية باريس، كان أقرب إلى صوت وحيد في واد.
لما لا يقل عن عقدين من الزمن سبقا «الثورة الخمينية»، كان «شفا» أحد ألمع الكتاب، وكانت أعماله بين الأعمال الأكثر رواجًا. وكشخصية منفية تعيش معزولة عن بيئته وجمهور قرائه، كان أمام شفا خياران: إما كسر قلمه واعتزال الكتابة، أو الاكتفاء بصفوة قليلة من القراء الذين يحنّون إلى «أيام الشاه» الخوالي. ولكن، بعد مرور ست سنوات، يظهر أنه انضم إلى ذلك الصوت الوحيد أصوات كثيرة أخرى من الماضي والحاضر، بل من المستقبل أيضًا، مشكلة جوقة تناوئ عقيدة الملالي الإسلاموية وتشدّد «إيرانية» الهوية عند الإيرانيين.
عودة إلى عام 1984، عندما سأل صحافي فرنسي الكاتب والأديب الإيراني شجاع الدين شفا عن رأيه في «أوضاع الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، جاء رد شفا ملمحًا إلى أنه لا وجود لشيء اسمه «(جمهورية إسلامية)، أما إيران، فهي إيران». هذا حصل عام 1984، أما ما هو مؤكد اليوم، فهو أن «القومية الإيرانية» على طريق العودة، وإن لم يكن بالضرورة بنسختها الراديكالية التي يؤمن بها شفا. وفي أي حال، المهم أن هذه العودة غير مفاجئة.
على امتداد نحو 15 قرنًا من الزمن، عانت إيران من «انفصام الشخصية»، فلا هي قادرة على نسيان «إيرانيتها»، ولا تذويبها في الإسلام الذي تعيشه وتعتنقه. وعلى سبيل المثال، هناك من يؤمن، كالكاتب محمد محيط طباطبائي، بأن «الهوية الإيرانية و(الإسلام) جناحا الطائر الأسطوري (سيمروغ)، المذكور في ملحمة (الشاهنامه)، اللذان يمكنانه من التحليق عاليًا». وفي حين يعد مفكّر كأحمد كسروي، الإسلام «عائقًا يحول دون عودة إيران إلى التاريخ على درب العظمة»، يرفض أمثال الدكتور علي شريعتي مفهوم «القومية الإيرانية»، ويعد أنه كمفهوم «قومي مستورد من أوروبا»، هو العائق الحقيقي، ولذا ينادي بـ«الانغماس الكلّي في الإسلام الشيعي».
مؤشر احتفالات «النوروز»
منذ عهد رضا شاه بهلوي، حاولت الغالبية العلمانية في مؤسسة السلطة والمجتمع، التخفيف من الهوية الدينية وانتماء إيران إلى «أمة إسلامية عريضة»، والعمل على تعزيز الشعور بالانتماء إلى أمة إيرانية. غير أن هذا المنحى انقلب رأسًا على عقب في عصر آية الله روح الله الخميني، على الرغم من أن التطبيق لم يكن متناسقًا، وهدف الملالي إلى «عودة الأسلمة» إلى إيران. غير أن ما يلفت بعض المراقبين أن الأمور تبدو مائلة من جديد إلى شيء من التحوّل باتجاه استنهاض الهوية «القومية الإيرانية»، مما قد يخلّف تبعات بالغة الأهمية على سياسات طهران الداخلية والخارجية على حد سواء. وكان من أبرز المؤشرات التي ظهرت خلال مارس (آذار) الماضي خلال احتفال الإيرانيين بـ«النوروز» (رأس السنة الجديدة)، بصورة غير مسبوقة.
لقد بدأت الاحتفالات قبل يوم 20 مارس الماضي بمائة يوم مع احتفال «جشن سده» (احتفال المائة) الموغل في القدم، عندما تجمع عشرات الألوف في تشك تشك، قرب مدينة يزد على أطراف الصحراء الإيرانية الكبرى، حيث يقال إن مهربانو، كبرى بنات يزدجرد الثالث – آخر الملوك الساسانيين – في قلب جبل أجرد. وحسب المرويّات التاريخية، قادت الأميرة جماعة من المقاتلين المتحمسين لقتال جيوش الفتح الإسلامي في مناوشات ومعارك طالت لمدة 15 سنة قبل أن تختفي في الجبل الأجرد. وتذهب المرويّات إلى حد القول إن شجرتين نبتتا لتظليل قبرها، كما تفجّر نبع ليذرف الدموع عليه.
لأكثر من 1400 سنة كان هذا المكان مزارًا للزرادشتيين الآتين من كل أصقاع المعمورة. ولكن بما أنه لم يبقَ في إيران اليوم أكثر من 30 ألف زرادشتي، يفترض المرء أن السواد الأعظم من «الزوّار» – أو «الحجّاج» – من الإيرانيين المسلمين.
المناسبة الثانية كانت «احتفال النار» – أو «تشارشنبه» – في يوم الأربعاء الأخير من السنة، الذي يقفز فيه الإيرانيون فوق النار وينشدون أناشيد من مرحلة ما قبل الفتح الإسلامي. ووفق تقارير وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» كانت احتفالات النار هذه السنة الأضخم في الذاكرة، مما استدعى نشر قوات كبيرة من الشرطة درءًا لأي «حوادث».
حتى مشهد والنجف
أيضًا، وفق «إرنا»، تنقل أكثر من 20 مليون إيراني – أي نحو ربع إجمالي سكان إيران – في أنحاء البلاد وخارجها في إجازة «النوروز» تماشيا مع التقاليد العتيقة. وفي حالات عدة حرص الزوّار على تمضية لحظة إطلالة السنة الجديدة، المعروفة بـ«سال تحويل»، في مقام أو مزار ديني، مما يجسد حالة «انفصام الشخصية» الإيرانية.. بل أمضى نحو مليون ونصف مليون زائر هذه المناسبة اللا إسلامية في مدينة مشهد، مرقد علي الرضا، الإمام الثامن من أئمة الشيعة. وأكثر من 30 ألفًا في النجف الأشرف بالعراق عند مرقد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، الإمام الأول. غير أن الشرطة العراقية منعت الزوار الإيرانيين من الدخول إلى المرقد، عادّة أنه لا يجوز استعمال مقام إسلامي لطقوس وثنية. وسبب الرفض العراقي غضبًا شديدًا تولى إخماده مكتب آية الله علي السيستاني.
تصاعد المدّ «القومي الإيراني» هذا ظهر كذلك في باسارغاد، إلى الشمال من مدينة شيراز، حيث قبر قورش الأكبر مؤسس الإمبراطورية الأخمينية الفارسية. جموع كبيرة جاءت إلى المكان من مختلف أنحاء إيران تحت شعارات: «لست وحدك يا قورش»، وثمة تقارير غير مؤكدة بأن عدد من وفد إلى هناك لحضور الاحتفال قارب مائة ألف زائر. وكانت هناك زيارات مماثلة قام بها ألوف الزوّار إلى معبد آناهيتا (أناهيد)، آلة الخصب والماء الوثنية، وقبر استير الزوجة اليهودية للملك الأخميني ارتحششتا في مدينة همدان، وقبر فيروز – الشهير بأبي لؤلؤة المجوسي – قاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أكثر من هذا، بمناسبة هذا «النوروز»، شارك أكثر من 50 موقعًا في مسابقة وطنية على مستوى البلاد لإعداد طبق «هفت سين» (السينات السبع) الذي تعده كل العائلات الإيرانية بغض النظر عن ديانتها، ويضم سبعة أصناف؛ تبدأ أسماؤها بحرف «السين» بالفارسية. وفازت مدينة كرمنشاه بمسابقة هذه السنة.
جدير بالذكر أن بعض القوى الإسلامية الراديكالية الهامشية سعت إلى حظر احتفالات «النوروز» ومحو كل تقاليد وطقوس المرحلة السابقة لدخول الإسلام إيران. كذلك، فكر الخميني بحظر «النوروز» في أول سنة من عمر ثورته، لكنه عدل لاحقًا عن تحدّي ميول غالبية الشعب. إلا أن بعض «خُمينيي الحاضر» طلبوا فتاوى من آيات الله حول «النوروز» وطقوسه، والملاحظ أن أيًا من آيات الله لم يفتِ بالحظر، وإن كان آية الله مكارم شيرازي، وهو أحد أبرز ملالي قُم وكبار رجال الأعمال الأثرياء، كان الأقرب إلى اعتبار «بعض» احتفالات «النوروز» قريبة من الخرافات. أما المرشد علي خامنئي، فتجاوز الموضوع بـ«دبلوماسية» قائلاً في فتواه: «هذه الاحتفالات لا تحمل بعدًا دينيًا»، مثبتًا ما يعرفه الجميع. وردًا على سؤال حول ما إذا كان على النساء خلع الحجاب إبان زياراتهن لأقاربهن خلال «النوروز»، جاءت إجابته على شيء من الغموض؛ إذ قال: «يجوز ذلك، ولكن شرط ألا تحول دون التخلي عن المحظورات».
التقويم الشمسي
موضوع آخر أثار جدلاً بين «القومية الإيرانية» و«الخمينية الإسلاموية»؛ كان اقتراح الكاتب سعيد حجاريان الداعي إلى كف السلطات عن الالتزام بالتقويم القمري الهجري الذي لا تفهمه سوى قلة من الإيرانيين، وبالتالي لا تتبعه. وللعلم، بما أن الإيرانيين كانوا يعتمدون تقويمهم الشمسي («الروزنامة» الشمسية) الخاص قبل الفتح الإسلامي، تقديرًا لإلهة الشمس الأسطورية «ميثرا»، وبموجبه تضم كل سنة 365 يومًا، فإنهم لم يستخدموا التقويم القمري الذي جلبه العرب مع الفتح في القرن السابع الميلادي.
حجاريان، الذي كان كبير المخططين الاستراتيجيين في فريق رئيس الجمهورية الأسبق محمد خاتمي، رأى أنه إذا أمكن تثبيت موعد الحج وشهر رمضان في مرحلة ما وفق التقويم الشمسي، فستنتفي الحاجة إلى التقويم القمري الهجري برمّته. كذلك عدّ ريان، المحسوب من أبرز منظّري «التيار الإصلاحي»، أن الأيام الـ24 المخصّصة كل سنة لأيام مولد أو وفاة «الأئمة المعصومين الـ14» – أي علي (رضي الله عنه)، الأئمة الـ12 – يمكن ضبطها بالتحديد على التقويم الشمسي. ثم ذهب أعد من ذلك مقترحًا جعل يوم «عيد الغدير» – الذي يقول الشيعة إن الرسول (صلى الله عليه وسلّم) سمّى فيها عليًا بن أبي طالب (رضي الله عنه)، في نفس يوم «النوروز» مزجًا للتقاليد الشيعية بالقومية الإيرانية، وكتب: «نحن، الإيرانيين، صرنا مسلمين، لكننا لم نتحوّل إلى عرب، وهذا أمر مهم». اقتراح كهذا يأتي من «التيار الإصلاحي» لافت جدًا، لأنه إبان حكم الشاه لم يكن أحد يجرؤ على الكلام عن تثبيت المناسبات الدينية على التقويم الشمسي. وكان الشاه، إلى حد ما متأثرًا بنصيحة شجاع الدين شفا، أصدر مرسومًا غيّر فيه بداية التقويم الإيراني مرجعًا إياها إلى تأسيس الإمبراطورية قبل 2576 سنة، قبل صرف النظر عنه بعد ثلاث سنوات.

حتى السلطة والفن

غير أن الميل للتحوّل من الشخصية الإسلامية إلى الهوية الإيرانية، لا يقتصر على مَن هم خارج السلطة اليوم، بل يظهر عند بعض رجال النخبة الحاكمة أيضًا؛ إذ دعا بهمن نامور – مطلق، نائب وزير التراث الثقافي، إلى أن على إيران أن تروّج لها في الخارج صورة «النوروز» بدلاً من كربلائيات الشهادة الإسلامية. وتابع: «..(النوروز) إرث فريد لأجدادنا الذين رأوا في الاعتدال الربيعي علامة من علامات تجدد الطبيعة، والاحتفاء بالحياة والجمال. هذه هي الرسالة التي نستطيع حملها إلى البشرية جمعاء، وسنكون على ثقة من حسن تقبلهم إياها». وخلال الشهر الماضي قرّرت بلدية العاصمة طهران تغيير أسماء عدد من الشوارع ومحطات المترو ملغية أسماء وصفتها بـ«الأجنبية»، بأسماء إيرانية. والطريف أن بين الأسماء التي غيّرت اسم محطة «ولي العصر» (التي تعني الإمام المستور)، أما الاسم الجديد فهو «مسرح المدينة» نسبة إلى مسرح قريب من المحطة.
أضف إلى ما سبق، أنه عندما أزاحت إيران الستار عن أحدث نسخة من الإنسان الآلي (الروبوت) الذي طوّره قسم التصنيع في الحرس الثوري، كانت الاقتراحات الأولى لاسمه محصورة في أسماء عدد من كبار القادة المسلمين الأوائل. ولكن لما تبيّن أن كل أولئك القادة من العرب الذين أسهموا بفتح إيران في القرن السابع، صرف النظر عنها، واختير للروبوت اسم القائد الإيراني القديم سورنا الذي هزمت قواته الفيالق الرومانية بقيادة كراسوس في معركة حرّان (في تركيا اليوم) عام 53ق.م، وقتل كراسوس في تلك المعركة.
عودة إلى بلدية طهران، فإنها دعت مائة فنان إيراني لرسم جداريات على امتداد العاصمة الإيرانية، ومجددًا في سياق تأكيد الرجوع إلى الهوية الإيرانية، استعيض عن مشاهد الاستشهاد الدينية أو منجزات الخميني، كلّف الفنانون بالاستيحاء مما ورد في ملحمة الشاعر فردوسي «الشاهنامة»، التي تتغنى بماضي إيران قبل الإسلام. وكان بين أبرز الجداريات جداريتان للفنان محمد رضا فرزانه، تصوّران مشاهد من مرور الأمير سياواش عبر النار، وتحديات رستم السبعة، والملك الساساني بهرام وهو يتصيد حُمُر الزرد.
تأكيد «القومية» يتجلى اليوم أيضًا في الأفلام والمسرحيات والمؤلفات الموسيقية التي يبدعها الإيرانيون. فالموسيقار لوريس تشكناورايان أطلق سلسة من الإبداعات السيمفونية المستندة إلى المضامين الثقافية الإيرانية. وفي الشعر، المجال الفني الذي أبدعت فيه إيران، تكاد المضامين الإسلامية تختفي إلا من بضعة أعمال لـ«شعراء السلطة» في تمجيد الخميني وخامنئي. وفي المقابل، التوجهات القومية القوية تظهر لدى عدد كبير من الشعراء أبرزهم إسماعيل خوئي ومحمد جلالي.
ثم إن الفكرة القائلة إن تسويق إيران عالميًا سينجح أكثر إذا ركّز على هويتها «الإيرانية» وليس على دورها كـ«بطل الإسلام الراديكالي»، أخذت تشق طريقها حتى إلى الخطاب السياسي الرسمي، وإن مغلفًا بالحيطة الشديدة؛ فخلال مقابلة نشرتها صحيفة «إيران» اليومية التي تصدرها الحكومة، حث محمد سريع الكلام، أحد مستشاري الرئيس حسن روحاني على اعتماد «سياسة خارجية قائمة على المصلحة الوطنية لا الآيديولوجيا». ورأى أن على إيران أن تبيّن للعالم أنها تطوّر تفاهمًا وطنيًا عريضًا على فكرة التصرف كدولة – أمة لا كمطية للتطرف. وفي الاتجاه نفسه، دعا الأستاذ الجامعي صادق زيبا - كلام، وهو مقرّب من الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إلى التصرف وفق مبدأ «إيران أولاً»، وحض السلطات في طهران على النأي عن أزمات منطقة الشرق الأوسط، قائلاً: «أنا أتفهم أولئك الذين يهتفون: لا غزة ولا لبنان! حياتي فقط فداء إيران؟». وأردف: «بالنسبة لي أيضًا، إيران أولاً وثانيًا وأخيرًا!».
أما الأمر الأكثر إثارة للدهشة، فهو أن علي أكبر محتشمي – بور، الملا الذي أسس الفرع اللبناني لـ«حزب الله» ونظّم قياداته، يأخذ الآن موقفًا مشابهًا؛ إذ قال محتشمي – بور أخيرًا: «هؤلاء القوم (أي جماعة حزب الله والقوى التي تموّلها طهران) يهموننا فقط ما داموا يخدمون مصالحنا القومية. ليست علينا التزامات لأحد، بل التزامنا الوحيد لإيران».
في هذه الأثناء، يقول فريدون عبد اللهيان إن «بطاقة غيران الرابحة» هي ثقافتها العريقة، مضيفًا: «صواريخنا لن تبلغ واشنطن أبدًا، لكن أطباق الـ(هفت سين) كانت في البيت الأبيض يوم (النوروز)، وحازت إعجاب الرئيس الأميركي وعائلته؛ بل إن إيران كانت الدولة الوحيدة التي تلقت رسائل معايدة وتهاني بمناسبة السنة الجديدة من أكثر من 140 ملكًا ورئيس دولة في العالم، بينهم الرئيس الأميركي».
ثم إنه في حين قد يفرّق الدين الإيرانيين، فإن مفهوم «القومية الإيرانية» يوحدهم بصرف النظر عن خلفياتهم، ومنهم مسيحيون مثل إدوارد جوزيف وهومر إبراهيميان وزافين هاكوبيان، ويهود مثل مشفق همداني وسيمون فرزمي، وزرادشتيون مثل بهرام شاهرخ وآردشير وَرجاوند.
ولكن كل هذا قد لا يقود إلى شيء، ذلك أن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد تحدّث قبل نحو عشر سنوات عن «الإسلام الإيراني»، وحاول لعب الورقة القومية عبر استعارة «أسطوانة قورش» التي يُقال إنها تحتوي أول إعلان لحقوق الإنسان، من المتحف البريطاني.. وشاهدها بالفعل أكثر من ثلاثة ملايين إيراني.
للعلم، أحمدي نجاد من أتباع حسن يعقوبي، العالِم والباحث الديني الذي يزعم أنه يطرح «إعادة قراءة» للإسلام من منطلق إيراني. ويعقوبي يعد قورش «موازيًا للأنبياء»، ويدّعي أنه «ذو القرنين» المذكور في القرآن الكريم. (طبعًا هناك من يقولون إن المقصود الإسكندر المقدوني الشهير بهذا اللقب). ومن ثم، استغل أحمدي نجاد «القومية» تكتيكا لاستعادة جزء من شرعية النظام التي كان قد فقدها في أعقاب الانتخابات الرئاسية المشكوك في نزاهتها عام 2009.
واليوم، من المحتمل أن يكون هاشمي رفسنجاني يحاول الآن تكتيكًا مشابهًا لتوسيع قاعدته الشعبية في خضم صراع النفوذ الدائر بينه وبين الخمينيين المتشددين. ولكن، مهما كانت حصيلة الفورة الحالية لـ«القومية الإيرانية»، فإن ثمة حقيقة لا جدال فيها، ألا وهي: أن محاولة نزع الهوية الإيرانية من إيران باسم الإسلام محكومة بالفشل بمقدار السعي في سالف الأيام لإلغاء الإسلام في إيران باسم القومية.
إن ما تحتاجه إيران حقًا، وما احتاجته دائمًا، طريقة ذكية وإنسانية «لإدارة» التناقض الجوهري في وجودها كأمة ودولة. إنه تناقض كان وراء معظم مشكلاتها، بالتوازي، مع كونه محفّزًا لكثير من إنجازاتها.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.