الحكومة المغربية تفشل في دفع مجلس المستشارين لمناقشة مشاريع إصلاح المعاشات

نائبة من «العدالة والتنمية» تطالب باللجوء إلى التحكيم الملكي لفض النزاع

الحكومة المغربية تفشل في دفع مجلس المستشارين لمناقشة مشاريع إصلاح المعاشات
TT

الحكومة المغربية تفشل في دفع مجلس المستشارين لمناقشة مشاريع إصلاح المعاشات

الحكومة المغربية تفشل في دفع مجلس المستشارين لمناقشة مشاريع إصلاح المعاشات

فشلت الحكومة المغربية، مساء أول من أمس، في إقناع مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) بالشروع في مناقشة مشاريع قوانين المعاشات بعد نجاح الاتحادات العمالية (النقابات) في تعليق أولى جلسات المناقشة البرلمانية. ولم تنجح مساعي المستشار رحال المكاوي، رئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، في رفع الجلسة للتشاور من أجل تدليل العقبات بين مواقف الحكومة وممثلي الاتحادات العمالية بالغرفة الثانية، لتنتهي الجلسة البرلمانية بعد عشر ساعات من المناقشات إلى تعليق الاجتماع إلى أجل غير محدد، وذلك لفسح المجال أمام المفاوضات بين رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران وقادة الاتحادات العمالية.
في غضون ذلك، تحدثت النائبة أمينة ماء العينين، المنتمية إلى حزب العدالة والتنمية متزعم التحالف الحكومي (مرجعية إسلامية)، عن إمكانية لجوء الحكومة إلى تفعيل الفصل 42 من الدستور والمطالبة بتدخل العاهل المغربي الملك محمد السادس للتحكيم في الصراع، الدائر بين الغرفة البرلمانية الثانية والحكومة بسبب قوانين المعاشات. وعدت ماء العينيين في تدوينة لها أمس على صفحتها في «فيسبوك» أن الحكومة ستكون مضطرة إلى اللجوء إلى التحكيم الملكي ما دامت كل عناصر الحاجة إليه قائمة دستوريا، حيث أصبحت الأزمة محتدمة بين المؤسسات، وليست مشكلة قائمة بين الأحزاب أو الفاعلين السياسيين، وأضافت قائلة: «إنه مشكل يمس بحسن سير مؤسسات الدولة.. ويمس بالاختيار الديمقراطي».
في سياق ذي الصلة، حذر إدريس الأزمي، الوزير المنتدب في الموازنة، من خطر يهدد تعويضات 400 ألف متقاعد أصبحوا في مهب الريح، إذا لم يتم إصلاح أنظمة المعاشات خلال السنة الأخيرة من الولاية الحكومية الحالية.
وكشف الأزمي عن إنفاق مهول لاحتياطات المتقاعدين، موضحا أن سنة 2014 التهمت ما يقارب 104 ملايين دولار من مساهمة الموظفين في نظام المعاشات، كما بلغ استهلاك الاحتياط سنة 2015 حدود 312 مليون دولار، فيما تذهب التوقعات خلال السنة الحالية إلى سحب 624 مليون دولار من احتياطات المعاشات، وهو ما يهدد بنفاذها مع حلول سنة 2022.
ودافع الأزمي عن المقاربة التوافقية التي صاحبت إعداد مشاريع المعاشات، وقال بهذا الخصوص: «شخصيا لا أعرف مشروع قانون مر بهذه المنهجية التي مر منها هذا المشروع»، مضيفا أن اللجنة الوطنية للتقاعد التي تضم كل الفاعلين النقابيين والحكومة اجتمعت ثماني مرات، بينما اجتمعت اللجنة التقنية أكثر من 80 مرة.
من جهتهم، رفض ممثلو الاتحادات العمالية بالغرفة البرلمانية الثانية تقديم الحكومة بشكل رسمي لمشاريع قوانين المعاشات، داعين إلى إجراء حوار مفتوح مع رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران قبل الشروع في النقاش البرلماني، وذلك رغم التزام الوزير الأزمي بالتزام الحكومة الدفاع عن كل تعديلات الاتحادات العمالية خلال مناقشة مشاريع التقاعد بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، حيث تملك الحكومة أغلبية واضحة.
واتهمت المستشارة خديجة الزومي، المنتمية إلى الاتحاد العام للشغالين في المغرب (الذراع النقابية لحزب الاستقلال المعارض) الحكومة بالالتفاف على مكاسب الربيع العربي، وعدت استفراد الحكومة بإعداد مشاريع قوانين المعاشات استبدادا، ودعت الحكومة إلى سحب قوانين التقاعد، وفتح حوار بشأنها على طاولة الحوار الاجتماعي، موضحة أن عدة مشاريع قوانين تم إرجاعها لطاولة الحوار مع النقابات بعد وضعها داخل البرلمان.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.