النظام يخترق الهدنة في الغوطة الشرقية بمجزرة «دير العصافير»

الائتلاف يرى فيه محاولة لإفشال الحل.. وسائق إسعاف بين الضحايا

النظام يخترق الهدنة في الغوطة الشرقية بمجزرة «دير العصافير»
TT

النظام يخترق الهدنة في الغوطة الشرقية بمجزرة «دير العصافير»

النظام يخترق الهدنة في الغوطة الشرقية بمجزرة «دير العصافير»

ارتكب طيران النظام السوري مجزرة في بلدة العصافير في الغوطة الشرقية لدمشق، في أكبر خرق للهدنة في المنطقة، وهو ما رأى فيه الائتلاف الوطني السوري محاولة من النظام لإفشال وقف إطلاق النار والتملص من استحقاقات ومتطلبات العملية السياسية، بينما هدّد «جيش الإسلام» على لسان عضو المكتب السياسي فيه محمد بيقدار، بالردّ قائلاً: «الهدنة مع النظام هي في كامل الأرض السورية وبالتالي أي خرق في أي جبهة يبيح الرد في كل سوريا».
وفي دمشق، خرقت يوم أمس طائرات استطلاعية (طائرات دون طيار) تابعة لـ«جيش الإسلام» أجواء العاصمة، ملقية منشورات في ثلاث مناطق بالمدينة هي: المهاجرين وبرزة ودمشق القديمة، منذرة بقرب الدخول إليها، وجاء في بعضها: «جيش الإسلام قادم.. الآلاف من المجاهدين على أسوار المدينة»، كما حذّر العائلات من إرسال أبنائهم للقتال إلى جانب النظام، وهو الأمر الذي أدى إلى حالة من الإرباك الأمني في العاصمة، وفق مصادر في المعارضة. في غضون ذلك، أعلن المرصد عن مقتل قيادي في تنظيم داعش في غارة لطائرة من دون طيار قرب مدينة الرقة في شمال سوريا أثناء توجهه إلى محافظة حلب ليشرف على المعارك هناك بأمر من زعيم التنظيم. كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بمقتل 23 شخصًا بينهم أربعة أطفال وأربع نساء جراء 14 غارة نفذتها طائرات حربية على مناطق في بلدة دير العصافير بالغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق. من جهته، قال «مكتب أخبار سوريا» إن طيران النظام استهدف البلدة بنحو 15 غارة بالصواريخ الفراغية، تركزت على مدرسة للتعليم الأساسي ومركز الدفاع المدني والمشفى الميداني الوحيد فيها، إضافة إلى مناطق سكنية، مما أدى إلى مقتل 32 شخصًا، وإصابة أكثر من 60 آخرين بجروح، ودمار واسع في المواقع المستهدفة.
ونقل المكتب عن مصادر طبية أن من بين القتلى سائق سيارة إسعاف استهدفه الطيران أثناء توجهه لإسعاف الجرحى الذين سقطوا بغارات سابقة، مؤكدة أن حصيلة القتلى والجرحى أولية، وذلك بسبب تركز القصف على مناطق مزدحمة واستهدافه كوادر إسعافية وطبية أثناء إسعاف الضحايا، فضلاً عن انهيار أبنية وعدم معرفة مصير العالقين تحتها. ووفق مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، فإن «هذا القصف استهدف مناطق عدة في البلدة، بينها مركز طبي، ولكن ليس في كامل المناطق السورية التي يسري فيها وقف الأعمال القتالية منذ نحو شهر».
وأشار عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود عشرات الجرحى، بينهم مدنيون.
وأوضح وائل عجّة، المتحدث باسم الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن هذه المجزرة هي الخرق الأكبر للهدنة في ريف دمشق، والثاني في سوريا، من أصل أكثر من 896 خرقًا وثّقتها الشبكة منذ بدء الهدنة، وأدت إلى سقوط 129 قتيلا.
وأشار عجّة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى المجزرة التي سبق أن ارتكبها الطيران الروسي في الرقة، حيث قال إنه استهدف مراكز تنظيم داعش، لكن في الواقع أدّى إلى سقوط نحو مائة قتيل وجريح، معظمهم من المدنيين. وتحاول قوات النظام، بحسب عبد الرحمن «منذ أسابيع التقدم ومحاصرة البلدة التي يعيش فيها ما بين 2500 و2700 عائلة».
ويوجد في دير العصافير، وفق قوله، فصائل معارضة عدة بينها «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن»، فضلا عن «جبهة النصرة»، إلا أنها ليست الأقوى.
ويستثني اتفاق وقف الأعمال القتالية، الذي لا يزال ساريا منذ 27 فبراير (شباط)، مناطق سيطرة تنظيم داعش وجبهة النصرة.
وتقتصر المناطق المعنية بالهدنة عمليًا على الجزء الأكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوبا، وريف حمص الشمالي (وسط) وريف حماه الشمالي، ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي.
وأدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المجزرة، مشيرًا إلى أن القصف استهدف مدرسة والمستشفى الوحيد فيها، بأكثر من 10 غارات جوية خلفت أكثر من 20 قتيلاً وعشرات الجرحى في حصيلة أولية، بينهم أفراد من الكادر الطبي وعدد من النساء والأطفال.
وقال الائتلاف في بيان له: «تضاف هذه الجريمة إلى سلسلة من الأعمال الإجرامية الرامية إلى تكريس الخروقات المستمرة للهدنة، وفرضها كأمر واقع، في مسعى لإفشالها، والتملص من استحقاقات ومتطلبات العملية السياسية».
وطالب الائتلاف المجتمع الدولي «باتخاذ إجراءات حقيقية وعاجلة تجاه هذه المجزرة، وتوجيه رسائل حازمة تدرك المخاطر الجدية التي ستترتب عليها، خصوصًا أن خروقات النظام للهدنة باتت واسعة ومتكررة وتكاد تفرغ مفهوم الهدنة من أي معنى أو قيمة».
وأكد على أهمية وقف الأعمال العدائية كأرضية أساسية للدفع بالعملية السياسية، وحذّر من أن الهدنة ليست قيدًا مفروضًا على طرف دون آخر، وأن استمرار جرائم النظام بحق المدنيين السوريين يعرض هذه الهدنة والمسار السياسي برمته لتهديد جدي، الأمر الذي لا بد للمجتمع الدولي من إدراك أبعاده ومخاطره. من جهة أخرى، قُتل قيادي في تنظيم داعش في غارة لطائرة من دون طيار قرب مدينة الرقة في شمال سوريا أثناء توجهه إلى محافظة حلب ليشرف على المعارك هناك بأمر من زعيم التنظيم، وفق ما أفاد به المرصد يوم أمس. ويعد مقتل القيادي أبو الهيجاء التونسي آخر حادث في سلسلة نكسات مني بها تنظيم داعش خلال الأسابيع الأخيرة.
وأفاد المرصد السوري بأن «طائرة من دون طيار يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن استهدفت ليل الأربعاء - الخميس عند أطراف مدينة الرقة سيارة تقل القيادي العسكري في تنظيم داعش أبو الهيجاء التونسي»، مما أسفر عن مقتله.
وأشار المرصد إلى أن زعيم التنظيم المتطرف أبو بكر البغدادي أرسل أبو الهيجاء التونسي من العراق ليشرف على العمليات العسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشمالي الشرقي. وأوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن أن «المعارك في ريف حلب الشمالي الشرقي، التي اشتدت خلال الأيام الماضية، قد تؤدي إلى طرد تنظيم داعش من المنطقة لينسحب باتجاه الرقة (معقله في سوريا)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.