المعارك التي فتحها تنظيم «داعش» في الجبهة الجنوبية، وعمليات الاغتيال التي نفذت لأبرز قادة الفصائل المعارضة، طرحت علامات استفهام حول تمكّن هذا التنظيم من التحرّك بسهولة في الجنوب، وخوض مواجهات مع الجيش السوري الحرّ والفصائل الأخرى، مثل «حركة أحرار الشام» و«جبهة النصرة» دفعة واحدة. وهو ما حمل المعارضة على اتهام النظام ومخابراته باستخدام ورقة التنظيم الإرهابي بما يشبه سيناريو الشمال. واعتبرت أن النظام يسعى من خلال تمدد «داعش» في الجنوب إلى إزعاج الأردن ومحاولة استدراج إسرائيل إلى الداخل السوري، عبر تسهيل وصول التنظيم إلى حدود الجولان المحتل.
ورأى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن «اختراق الجبهة الجنوبية من قبل (داعش) له أسباب متعددة، منه ضعف كتائب الجيش الحرّ وفصائل المعارضة الأخرى، وأهمها ربط جبهة الجنوب بالملف الإقليمي، ومحاولة إيصال التنظيم إلى حدود الأردن وحدود الجولان».
وأكد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن ما «يحصل في الجنوب يوحي بأن هناك من يدفع بوصول هذا التنظيم إلى حدود الأردن لإزعاج المملكة ردًا على تدريبها لمقاتلي المعارضة المعتدلة، والثاني تسهيل وصوله إلى حدود الجولان كمحاولة لاستدراج إسرائيل إلى الحرب السورية». وقال: «إن استمالة التنظيم للواء شهداء اليرموك ومن ثمّ (حركة المثنّى الإسلامية) التي كانت قريبة جدًا من الجيش الحرّ، يطرح أسئلة كبيرة على قدرة التنظيم على هذه الاختراقات».
ولفت مدير المرصد السوري إلى أن «نظام بشار الأسد أكبر المستفيدين من وجود (داعش) في كل المناطق، ليبرر أنه يواجه تنظيما إرهابيا»، مشددًا على أن هذا التنظيم «مخترق من مخابرات النظام وربما من أجهزة استخبارات خارجية».
أما عضو مجلس قيادة الثورة إسماعيل الداراني فكانت له قراءة مختلفة، حيث أوضح أن الثوار «هم من أعلنوا الحرب على تنظيم (داعش) في جبهة الجنوب وليس الأخير». وأشار إلى أن «الثوار اتخذوا قرارًا باجتثاث التنظيم من الجنوب، على أثر اغتيال الأخير لعدد من قيادات الجيش الحر والفصائل المعارضة الأخرى».
وقال الداراني لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقاتلي المعارضة تمكنوا خلال الأسبوعين الماضيين من طردهم (داعش) من 60 في المائة من المناطق التي كانت تحت سيطرتهم، خصوصًا تلك الفاصلة بين درعا والقنيطرة، مثل بئر العجم وتسيل والشيخ سعد، وأفشلنا مشروعهم الهادف إلى السيطرة على مناطق شمال السويداء، وإيصالها بنقاط وجودهم في القنيطرة»، مؤكدًا أن «قرار التخلّص من هذا التنظيم ومن يناصره اتخذ ولا عودة عنه».
وعن الأسباب التي أشعلت المواجهة بين الطرفين، ومكّن التنظيم من استمالة فصائل كانت محسوبة على المعارضة المعتدلة، ذكّر الداراني بأن «الهدوء الذي كانت تشهده جبهة الجنوب مردّه إلى الهدنة التي كانت قائمة مع التنظيم في هذه المناطق، لكن الأخير استغل الهدنة وبدأ باغتيال القيادات البارزة في المعارضة». وشدد على أن «داعش» لم يكن موجودًا في الجنوب «إنما حصلت مبايعات له بعد إعلان ما يسمى الخلافة، وتعاطفت معه بعض الفصائل المتشددة»، مشيرًا إلى أن «مبايعة فصائل مثل (لواء شهداء اليرموك) وحركة المثنى الإسلامية، مردّها إلى خلافات نشأن داخل هذه الحركات».
ميدانيًا، واصل «لواء شهداء اليرموك» التابع للتنظيم استهدافه لمواقع الجيش السوري الحر وعناصر فصائل المعارضة الأخرى، إذ اندلعت أمس الاشتباكات عنيفة بين الطرفين في محيط بلدتي حيط وتسيل في ريف درعا الغربي، كما دارت اشتباكات بين اللواء المذكور و«حركة المثنى الإسلامية» من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في عدة محاور بمنطقة حوض اليرموك، في محاولة من تنظيم «داعش» لفتح الطريق إلى ريف درعا الغربي، في وقت فجّر لواء شهداء اليرموك عربة مفخخة في قرية الشيخ سعيد في ريف درعا الغربي، محاولاً بذلك منع تقدم فصائل المعارضة و«جبهة النصرة» باتجاه القرية، ما أدى إلى مصرع مقاتل من الفصائل.
النظام السوري يستخدم «داعش» في الجبهة الجنوبية لإزعاج الأردن واستدراج إسرائيل
الفصائل المسلّحة تكثّف عملياتها ضدّ التنظيم بعد اغتياله أبرز قادتها

النظام السوري يستخدم «داعش» في الجبهة الجنوبية لإزعاج الأردن واستدراج إسرائيل

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة