اجتماع أمني فلسطيني ـ إسرائيلي ثانٍ حول «قطع العلاقات» يفشل في التوصل إلى نتائج

الإدارة المدنية الإسرائيلية تتعاطى كجهة مسؤولة عن الفلسطينيين

فلسطينيون تظاهروا على ظهور الخيل في قرية عرابة بمناسبة «يوم الأرض» رافعين العلم الفلسطيني (رويترز)
فلسطينيون تظاهروا على ظهور الخيل في قرية عرابة بمناسبة «يوم الأرض» رافعين العلم الفلسطيني (رويترز)
TT

اجتماع أمني فلسطيني ـ إسرائيلي ثانٍ حول «قطع العلاقات» يفشل في التوصل إلى نتائج

فلسطينيون تظاهروا على ظهور الخيل في قرية عرابة بمناسبة «يوم الأرض» رافعين العلم الفلسطيني (رويترز)
فلسطينيون تظاهروا على ظهور الخيل في قرية عرابة بمناسبة «يوم الأرض» رافعين العلم الفلسطيني (رويترز)

أكد مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون، أن اجتماعًا أمنيًا ثانيًا عُقد، مساء الأربعاء، لمناقشة العلاقات الأمنية والسياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، بما في ذلك مستقبل التنسيق الأمني، لكن الأنباء تضاربت حول نتائجه.
وفي حين قال مسؤولون فلسطينيون إن الوفد الإسرائيلي سلم ردودًا على الطلبات الفلسطينية التي قُدمت في الاجتماع الأول، نفى مسؤولون آخرون ذلك.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن الجانب الإسرائيلي لم يعطِ ردا نهائيا خلال الاجتماع حول الرسالة الفلسطينية التي تم توجيهها إلى إسرائيل أخيرا، بشأن مستقبل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، وإنه لا يزال هناك أسبوعان من المهلة المحددة لتسلم الرد.
وجاء تصريح عريقات، بعدما أعلن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية جميل شحادة، أن اللجنة ستلتئم يوم الاثنين المقبل، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لتقييم الرد الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن اجتماع اللجنة سيبحث تحديد العلاقة مع إسرائيل، بالإضافة إلى بحث المبادرة الفرنسية لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
وكان يفترض أن يتسلم الوفد الفلسطيني ردًا على الرسالة التي سلمت للوفد الإسرائيلي، في الاجتماع الأول الذي جرى قبل نحو شهر، وتضمنت شروطًا فلسطينية للتراجع عن قرارات قطع العلاقات مع إسرائيل، بما يشمل وقف التنسيق الأمني.
وتركزت المطالب الفلسطينية على التزام إسرائيل بالاتفاقات، وأهمها الاعتراف بالولاية الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، بما يعني إعادة المكانة الأمنية في المنطقة «أ» و«ب»، للسلطة، حسب الاتفاقات، ومنع قوات سلطة الاحتلال إسرائيل من دخول مناطق «أ» وتنفيذ اغتيالات واعتقالات، إضافة إلى فتح مؤسسات القدس المغلقة، ووقف القرصنة الإسرائيلية على الأموال الفلسطينية. وأبلغ المسؤولون الفلسطينيون نظراءهم الإسرائيليين في الاجتماع الأول، أنه دون ذلك فسيطبقون قرارات المجلس المركزي.
وكان المجلس المركزي الفلسطيني الذي يُعد (برلمان) منظمة التحرير الفلسطينية، قرر، في مارس (آذار) الماضي، إعادة تعريف العلاقة مع إسرائيل، بما يشمل إلغاء اتفاقات سياسية وأمنية واقتصادية معها في حال لم تلتزم بالاتفاقات. ويتضمن ذلك وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهي القضية الأكثر حساسية بالنسبة للإسرائيليين.
ووضع «المركزي» آنذاك حلولاً بديلة لنهج المفاوضات القديم. وجاء في قرارات المركزي أن أي قرار جديد في مجلس الأمن، يجب أن يضمن تجديد الالتزام بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبما يضمن تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، وتمكين دولة فلسطين من ممارسة سيادتها على أرضها المحتلة عام 1967، بما فيها العاصمة القدس، وحل قضية اللاجئين وفقًا للقرار 194، على أن يتم ذلك تحت مظلة مؤتمر دولي تشارك فيه الدول دائمة العضوية، ودول «البركس» ودول عربية، وتتولى اللجنة التنفيذية العمل مع اللجنة العربية لتحقيق ذلك.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب الإسرائيلي عمد إلى نقاش حول المطالب الفلسطينية، ولم يُعطِ ردودًا نهائية. وأضافت: «أراد الإسرائيليون مفاوضات حول الطلبات، ورفض الفلسطينيون ذلك». وتشير التصرفات الإسرائيلية إلى أن السلطات هناك، لم تتعاطَ مع الطلبات الفلسطينية بالجدية اللازمة، إذ ما زالت الإدارة المدنية الإسرائيلية تتعامل كجهة مسؤولة عن الفلسطينيين.
وفي حين تتواصل الاعتقالات اليومية في أراضي السلطة، وبلغت، أمس، 16 حالة اعتقال، اقتحمت قوات الاحتلال مدينة الخليل جنوب الضفة، وهدمت منزل فلسطيني نفذ عملية طعن ضد مستوطن يهودي، أدت إلى مقتله في السابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن منسق الشؤون الإسرائيلية في الضفة وغزة، يؤاف بولي مردخاي، أمس، عن توسيع رقعة الصيد البحري جنوب وادي غزة من 6 إلى 9 أميال. وأوضح مردخاي في تصريح صحافي أنه «مع اقتراب بدء موسم الصيد على شواطئ غزة الذي من المفترض أن يبدأ الأسبوع المقبل، تقرر توسيع رقعة الصيد جنوب وادي غزة من 6 إلى 9 أميال».
كما أعلنت السلطات الإسرائيلية أن شركة الكهرباء الإسرائيلية قلصت إمداداتها الحالية من الكهرباء لمحافظة أريحا في الضفة الغربية المحتلة، بسبب تراكم الديون التي بلغت قيمتها 450 مليون دولار، بحسب ما أعلن مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون.
وقالت مسؤولة في قطاع الطاقة الإسرائيلي (اشترطت عدم الكشف عن اسمها) إن ديون الفلسطينيين وصلت إلى أكثر من 1.7 مليار شيقل (450 مليون دولار أميركي). وأكدت المسؤولة: «قمنا بإبلاغ كل الأطراف المعنية، وبعد محاولات لا حصر لها للتوصل إلى ترتيبات، قررنا التصرف لتخفيض الديون»، مشيرة إلى أن قطع الكهرباء عن أريحا خطوة «مفتوحة».
وبحسب المسؤولة الإسرائيلية، فإنه بإمكان الفلسطينيين تلقي الكهرباء من الأردن في حال احتاجوا إليها.
ولم يكن بالإمكان الحصول على تعليق فوري من وزارة المالية، أو مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهما يتشاركان في العادة في إصدار أي قرار حول تخفيض إمدادات الكهرباء للفلسطينيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».