تواصل روسيا محاولاتها لدفع الولايات المتحدة، ومعها التحالف الدولي الذي تقوده ضد الإرهاب، إلى تعاون أوسع في الشأن السوري. وفي ظل الأجواء التي خلفتها استعادة السيطرة على مدينة تدمر من «داعش» تسعى روسيا إلى إقناع الولايات المتحدة بالقيام بمهام التصدي للإرهاب داخل سوريا، بالتنسيق مع قوات النظام السوري، التي تقول الخارجية الروسية إنها امتلكت زمام المبادرة الاستراتيجية، وأثبتت قدرتها في التصدي على الإرهاب من خلال تحرير مدينة تدمر.
في هذا السياق، نقلت وكالة «تاس» عن مصدر عسكري - دبلوماسي قوله إن وزارة الدفاع الروسية تقترح على وزارات دفاع الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد الإرهاب بزعامة الولايات المتحدة، المشاركة في عمليات نزع الألغام في مدينة تدمر، لافتًا إلى أن «هذا الاقتراح الروسي سيتم تسليمه قريبًا إما للزملاء الأميركيين في عمان عبر المركز الروسي في مطار حميميم لمراقبة وقف إطلاق النار، أو عبر ممثلي روسيا في جنيف العاملين ضمن مجموعة وقف إطلاق النار المنبثقة عن المجموعة الدولية لدعم سوريا»، معربًا عن أمله في أن يوافق التحالف الدولي كله على هذه المبادرة الروسية «وإن لم يكن فبعض الدول الأعضاء فيه على الأقل».
من جانبه، لم يستبعد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي إمكانية التنسيق بين الولايات المتحدة والجيش السوري في عملية تحرير دير الزور والرقة من «داعش». وإذ لفت إلى أنه «لا يوجد تنسيق مباشر بينهما حاليًا»، رأى نائب وزير الخارجية الروسي أن هذا أمر ممكن لكن من خلال الجانب الروسي، أي بعبارة أخرى تنسيق غير مباشر، مؤكدًا في السياق ذاته وجود تنسيق مكثف بين العسكريين الروس والأميركيين إن كان في جنيف، أو عبر المركز الأميركي في عمان لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، بغية أن تكون الحرب ضد الإرهاب فعالة بأقصى درجة ممكنة، حسب قول بوغدانوف الذي شدد على أن القوة الرئيسية في التصدي للإرهاب على الأرض إن كان في سوريا أو في العراق، وفق الرؤية الروسية، هي القوات النظامية، أي الجيشين العراقي والسوري.
وجاء رد الولايات المتحدة على محاولات تسخير روسيا لتحرير تدمر من أجل تقديم جيش النظام السوري بأنه شريك في الإرهاب، على لسان المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية الذي أكد أن واشنطن على قناعة بأن «الجيش السوري بقيادة الأسد لا يمكنه أن يجلب السلام في سوريا»، مضيفًا أن «أفضل احتمال لسوريا والشعب السوري هو الحد من توسيع إمكانيات بشار الأسد في ترهيب السوريين»، وفق ما ترى الولايات المتحدة الأميركية. ومع هذه التباينات الحادة بين الراعيين للعملية السياسية في سوريا، فإن المشاورات بينهما حول الشأن السوري مستمرة دون انقطاع، حيث كشف سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي عن لقاء سيجمعه في موسكو اليوم الأربعاء مع توماس شينون، نائب وزير الخارجية الأميركي، حيث سيجريان محادثات تركز بصورة رئيسية على الشؤون السورية. وقال ريابكوف إن هناك «الكثير من المسائل (المتعقلة بالأزمة السورية) التي يجري بحثها بصورة يومية بالمعنى الحرفي للكلمة». في غضون ذلك أعرب خبراء روس عن قناعتهم بأن الاتفاق الأميركي - الروسي حول مراقبة وقف إطلاق النار لا يعني أن واشنطن مستعدة لتنسيق جهودها مع موسكو لتحرير المدن السورية من «داعش».
ويشكك ليونيد إيفاشوف مدير المركز الدولي للدراسات الجيوسياسية في إمكانية توحيد جهود الولايات المتحدة وروسيا في هذا المجال، معربًا عن قناعته بأنه «ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأميركية، أثناء التحضيرات للانتخابات الرئاسية، أن تقر بنجاح بشار الأسد وموسكو في تحرير تدمر. كما أنهم غير مستعدين لعملية عسكرية مشتركة لتحرير الرقة، الأميركيون لا يحبون مغادرة الصفوف الأولى».
وفي شأن متصل، ذكرت قناة تلفزيون «زفيزدا» الروسية أن المجموعة الأولى من خبراء المركز الدولي لنزع الألغام التابع لوزارة الدفاع الروسية، مزودة بأحدث المعدات، بما في ذلك روبوتات خاصة، قد اتجهت على متن طائرة نقل عسكري لتشارك في نزع الألغام في مدينة تدمر. في الشأن ذاته، نقلت وكالة «تاس» عن مصدر عسكري قوله إن روسيا أرسلت قرابة 100 خبير في مجال نزع الألغام إلى سوريا، وقد يتطلب الأمر عدة أشهر لإنجاز هذه المهمة.
روسيا ترسل خبراء في نزع الألغام إلى تدمر وتدعو التحالف للانضمام
بوغدانوف لا يستبعد التنسيق بين واشنطن والجيش السوري في تحرير دير الزور والرقة
روسيا ترسل خبراء في نزع الألغام إلى تدمر وتدعو التحالف للانضمام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة