خلال الربع الأول تراجع الطلب في السعودية على المشاريع الإسكانية التجارية

ارتفاع الأسعار وشراكة «الإسكان» مع المطورين انعكسا بشكل مباشر على أداء السوق

تقلص المشاريع تسيد حالة السوق السعودية خلال الربع الأول من هذا العام (تصوير: خالد الخميس)
تقلص المشاريع تسيد حالة السوق السعودية خلال الربع الأول من هذا العام (تصوير: خالد الخميس)
TT

خلال الربع الأول تراجع الطلب في السعودية على المشاريع الإسكانية التجارية

تقلص المشاريع تسيد حالة السوق السعودية خلال الربع الأول من هذا العام (تصوير: خالد الخميس)
تقلص المشاريع تسيد حالة السوق السعودية خلال الربع الأول من هذا العام (تصوير: خالد الخميس)

لا يزال القطاع العقاري في السعودية يواصل أداءه الضعيف منذ بداية العام الحالي، وحتى انتهاء الربع الأول منه، حيث شهد السوق خلال الأسابيع الماضية مستويات قياسية متدنية لم يبلغها خلال السنوات الخمسة الماضية، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على إطلاق المشاريع الإسكانية التجارية محليًا، في ظل تراجع الطلب، وارتفاع الأسعار، ودخول وزارة الإسكان في البلاد في شراكة مع بعض شركات التطوير العقاري.
وفي هذا الشأن، أكد عبد الله المحسن الذي يمتلك شركة المحسن للتطوير العقاري، أن تقلص المشاريع يتسيد حالة السوق خلال الربع الأول من هذا العام، مرجحًا ألا تشهد الفترة القريبة تغيرًا، لأن المعطيات لا تسير بالشكل المطلوب بل عكس ذلك. وقال: «رغم محاولات إنعاش القطاع بالتوسع في التمويل، فإن الطلب لا يزال منخفضًا منذ ثلاث سنوات، خصوصًا خلال السنة الماضية التي كانت الأكثر انخفاضا، نتيجة تحليق الأسعار خارج السرب، رغم حاجة السعودية إلى مئات آلاف الوحدات السكنية، لسد العجز في الإسكان».
ودعا المحسن إلى إعادة النظر في الأسعار الحالية للعقارات، لأنه مهما زادت العروض والمغريات فإن المواطن العادي لا يستطيع امتلاك العقار. واعتبر أن الحل الوحيد لعودة القطاع إلى وضعه الطبيعي هو انخفاض الأسعار وليس فتح أبواب التمويل التي قد تسهم بشكل محدود في ذلك، مقارنة بالآثار التي سيتركها انخفاض القيمة.
وارتفعت قيمة الصفقات العقارية الأسبوع الماضي بنسبة 28.6 في المائة، بعد خمسة أسابيع متتالية من الانخفاض، لتستقر بنهاية الأسبوع عند مستوى 5.1 مليار ريال (1.36 مليار دولار)، لكن هذا الارتفاع يظل أدنى من المتوسط العام لقيمة الصفقات العقارية للعام الحالي بنسبة 21.7 في المائة، والمستقر عند 6.6 مليار ريال (1.76 مليار دولار) كمتوسط أسبوعي للصفقات العقارية خلال عام 2016، في حين بلغ متوسط عام 2015 نحو 7.0 مليارات ريال (1.86 مليار دولار)، ومتوسط عام 2014 نحو 9.2 مليار ريال (2.45 مليار دولار).
إلى ذلك، أشار ناصر التويم، الذي يمتلك مؤسسة عقارية متخصصة، إلى أن «مؤشرات السوق العقارية تشهد أن هناك تقلصًا، أو توقفًا - إن صح التعبير - يلف قطاعاته بشكل عام، بغض النظر عن بعض التحركات الفردية، أو الصفقات الصغيرة التي تتم من فترة لأخرى، والتي تعد محركًا بسيطًا في قطاع كبير يعمل بمليارات الريالات، ومن المفترض أن يكون أداؤه أضعاف حركته الحالية»، لافتًا إلى أن الحال لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه، إذا أخذ بالحسبان أن العقارات تشيخ مع الزمن، وتنقص معها قيمتها، خصوصًا أن بعضها تبلغ قيمته ملايين الريالات، ما يجعل الاستثمار غير مرغوب فيه مثل الفترات السابقة.
ولفت التويم إلى أن الكثير من شركات التطوير العقاري توقفت بشكل ملحوظ عن إنشاء المجمعات السكنية التجارية، نتيجة تخبط حالة السوق وضبابية الرؤية المستقبلية له، بل إن بعض العقاريين «تورطوا» في إقامة مشاريع كانت تحت الإنشاء في بداية الأزمة في السنوات الخمس الأخيرة، وحاولوا أن يجدوا حلاً لذلك، عبر ترويج بضائعهم بأسعار يخيل لهم بأنهم خفضوا فيها ليخدعوا المشترين، أو عبر عروض شراء المنزل مع بعض الهدايا مثل السيارات أو بعض قطع الأثاث، وهو الأمر الذي يعكس مدى تورطهم بهذه المشاريع.
وأكد التويم وجود فيلات بأعداد كبيرة تجاوز عمرها خمس سنوات «خاوية على عروشها»، كما أن رسوم الأراضي أثرت بشكل كبير على أداء جميع القطاعات العقارية هذا العام.
وشهدت أسعار العقار السعودي مستويات مرتفعة من الزيادة في القيمة، إلا أن ذروتها كانت في السنوات الثماني الماضية التي وصلت فيها الأسعار إلى ما يزيد عن الضعف وهو ما دفع بالحركة العامة للعقار إلى التوقف بجميع فروعها، باستثناء قطاع التأجير الذي شهد إقبالاً كبيرًا أثر على زيادة القيمة فيه.
وفي ذات الموضوع، أشار ربيع الدوسري، الخبير العقاري، إلى أن السعودية من أكثر الدول المحتاجة إلى المزيد من الإنشاءات العقارية، ولكن التوقف عن المبيعات جعل الشركات الإنشائية الكبرى تؤجل مشاريعها أو تنهيها في ظل هذه الحالة المتردية، لافتًا إلى أن مشاريع كبرى توقفت أو ألغيت بسبب نقص سيولة المواطنين، الذين أصبحوا يتفرجون على المباني دون أن تكون لهم القدرة المادية على امتلاكها، رغم تنافس البنوك على تمويلهم لتملك العقارات، الأمر الذي دفع الشركات إلى الدخول مع الشراكات في المشاريع الحكومية التي تعتبر ذات ربح مضمون وجيد إلى حد كبير. كما لفت إلى أن القطاع العقاري لم يعد جاذبا للاستثمار رغم تزعمه لشتى القطاعات الاقتصادية الأخرى في فترات ماضية.
وعن تأثير هذا الركود على الأداء العام للسوق، أوضح الدوسري أن عمليات البناء شبه متوقفة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وأسعار المقاولين، إضافة إلى ارتفاع تكاليف مواد البناء، التي أصبحت تشكل ضغطًا إضافيًا على أداء القطاع الذي لم يعد يحتمل مزيدًا من الضغوطات، خصوصا أن السوق تترنح بشكل يعجز الناس عن تفسير ما يحدث فيه، مؤكدًا أن التجار يتوجسون خيفة عن حال السوق في الأعوام القادمة، خصوصا إذا أتمت وزارة الإسكان مشاريعها التي وعدت بها، وهو ما يعتبرونه «المسمار الأخير في نعشهم»، وهو ما تسعى إليه الآن عبر إعلانها توقيع الكثير من العقود الإنشائية التي توفر خيارات سكنية غير ربحية.
وسجل المؤشر العام لإجمالي الوحدات السكنية ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الماضي، بلغت نسبته 0.3 في المائة، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 0.1 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 776.4 نقطة، في حين سجل متوسط ذات المؤشر خلال الفترة الماضية منذ مطلع 2016 حتى الأسبوع الحالي، انخفاضا بلغت نسبته 3.5 في المائة مقارنة بمتوسط المؤشر للعام الماضي، مستقرا عند 786.7 نقطة. وبلغت نسبة انخفاض متوسط المؤشر العقاري السكني العام مقارنة بقيمته المسجلة خلال عام 2014 وعام 2013. نحو 17.8 في المائة، ونحو 23.4 في المائة على التوالي.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».