نشأ ويس مورغان في المنطقة القاسية في مدينة نوتنغهام، المعروفة على نحو غير دقيق بـ«ذا ميدوز» والتي تضم حانة معروفة باسم «ركن الشعراء»، لكن مع كل الاحترام لزبائنها، لن تجد فيها شخصا واحدا يتلو أشعار جون كيتس (شاعر إنجليزي رومانسي 1975 - 1821)على سبيل المثال.
يتحدث الجامايكي الدولي بطلاقة بلكنة مدينة لا يشك أحد فيها في أن مفردة «البط» هي الاستعمال الدارج للتعبير عن الحب. قضى السنوات الـ9 الأولى من مسيرته لاعبا في صفوف نونتنغهام فوريست، حيث لعب 6 سنوات في الدرجة الأولى «تشامبيونشيب» و3 في الدرجة الثانية، وعندما وجد طريقه أخيرا إلى الدرجة الممتازة (البريميرليغ) مع ليستر سيتي، كان عمره 30 عاما، في مرحلة من مسيرته ربما لم يتخيل أحد معها أن يتطور ليصبح وحش الدفاع الذي نراه اليوم.
اعتادت الجماهير أن تغني «أبدا لن تهزم ويس مورغان»، على نفس إيقاع أغنية ديس ووكر القديمة. وهذا الموسم نقل مورغان هذه الأغنية إلى أعلى مستوى في الكرة الإنجليزية. لا يستطيع المهاجمون المرور من مورغان بالطريقة التي مر بها سيرخيو أغويرو من كريس سمولينغ في ديربي مانشستر نهاية الأسبوع قبل الماضي، على سبيل المثال. كما لم يعد مورغان مندفعا كما كان سابقا، وهو يقود الفريق صاحب الفرص الأوفر للفوز بلقب البريميرليغ، ويقول لي المهتمون بالإحصائيات إنه منع تسديدات وقام بتغطيات، وقطع للكرة وضربات رأس أكثر من أي من لاعبي قلب الدفاع الآخرين – غاري كاهيل، سمولينغ، جون ستونز، وفيل جاجيلكا – الموجودين في تشكيلة المدرب روي هودغسون لمنتخب إنجلترا. وفي الأسبوع قبل الماضي، عندما عزز ليستر وضعه على قمة الجدول بثالث فوز على التوالي، بنتيجة 1-0 على كريستال بالاس، قام بإبعاد الكرات الخطيرة من منطقة جزاء فريقه أكثر مما قام به دفاع كريستال بالاس بالكامل.
ولو كانت الأمور قد سارت في اتجاه مختلف، فلن يكون من الغريب تماما مع هذا، أن نفكر في أن مورغان كان من الممكن أن يكون ثالث لاعب من ليستر، إلى جانب جيمي فاردي وداني درينكووتر، يصلح لارتداء قميص منتخب إنجلترا. لقد كان مورغان بعيدا عن دائرة اهتمام المنتخب الإنجليزي لدرجة أنه في سبتمبر (أيلول) 2013. قبل دعوة من جامايكا بدلا من ذلك. كانت هناك قناة تصل اللاعب بجامايكا عن طريق جده وجدته، ورغم أنه إنجليزي أصيل، فإنه فكر بأن يجرب حظوظه على المستوى الدولي. كانت إنجلترا حلما بعيدا، ومن ثم فقد قال نعم لجامايكا ويوم الجمعة قبل الماضي لعب مباراته الدولية رقم 25 ضد كوستاريكا والتي انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق.
تسير الأمور على هذا المنوال أحيانا، ولا يمكن لأحد أن يلوم الاتحاد الإنجليزي، فبعض اللاعبين يتألقون في وقت متأخر. ومن الناحية الواقعية ما كان أحد ليتخيل حتى مجرد إمكانية أن ينضم مورغان للمنتخب الإنجليزي عندما كان لاعبا في صفوف فوريست الذي تلقى هزيمة بـ5 أهداف على ملعبه من يوفيل في الدرجة الثانية. كان أول موسم يلعبه في البريميرليغ صعبا ولم يكن هناك من يطالب الاتحاد الإنجليزي بالتدخل عندما بدأت جامايكا تبحث في شجرة عائلته.
ولسوء حظ الاتحاد الإنجليزي، أنه لا يمكن بمثل هذه السهولة تفهم أسباب عدم تدخله، عندما يتعلق الأمر بأليكس إيوبي لاعب آرسنال، وهو قصة أخرى لحالات الجنسية المزدوجة وسلسلة من الأحداث تطرح بعض الأسئلة المحرجة عن الطريقة التي فقدت بها إنجلترا واحدا من أبرز المواهب الواعدة في الكرة الإنجليزية الآن.
بدا آرسنال في حيرة إزاء الغياب الواضح لأي تحركات لضمان أن يعرف إيوبي أن إنجلترا تريد أن يدافع عن ألوانها. على عكس مورغان، إيوبي ما زال في بداية مسيرته وكان أداؤه أمام برشلونة في دوري أبطال أوروبا قبل نحو ثلاثة أسابيع بمثابة دليل قوي على أن آرسين فينغر مدرب آرسنال كان محقا عندما فضله على لاعبين أكثر خبرة. حافظ المراهق إيوبي على مكانه في الفريق وسجل في أول مباراة له مع النادي، حيث كان رجل المباراة ضد إيفرتون نهاية الأسبوع قبل الماضي. نعم ما زال إيوبي في بداية مسيرته، لكنه أظهر بالفعل مستوى من التطور جعل المراقبين يتوقعون له مسيرة كروية زاخرة.
قال فينغر في يناير (كانون الثاني): «يجب أن يلعب لإنجلترا»، وقد لعب لإنجلترا في فترة ما بالفعل. حيث شارك إيوبي في 7 مباريات مع منتخب إنجلترا تحت 16 عاما، و3 مع منتخب تحت 17 عاما، ومباراة واحدة مع منتخب تحت 18، لكن بعد ذلك توقف استدعاؤه لتمثيل المنتخب. قال فينغر نهاية الأسبوع قبل الماضي، وكانت ملامح وجهه تنطق بوضوح بما يفكر فيه: «لعب (إيوبي) لمنتخبات الشباب بإنجلترا لفترة، لكن عندما وصل لمرحلة تحت 19، لم يختاروه». والآن فات الأوان. انتقل إيوبي إلى لندن وهو في الرابعة من عمره، لكنه ولد في لاغوس أكبر مدن نيجيريا ويوم الجمعة لعب بديلا لصالح منتخب نيجيريا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية ضد مصر. وهذا كان نهاية الأمر بالنسبة إلى إنجلترا. تنص لوائح الفيفا على أنه بمجرد أن يشارك لاعب مع أحد المنتخبات في مباراة تنافسية رسمية فإنه لا يجوز له أن يلعب لمنتخب آخر.
في تفسيره لقضية إيوبي، يقول الاتحاد الإنجليزي إن إيدي بوثرويد، المسؤول عن منتخب إنجلترا تحت 19 سنة، فضل ببساط لاعبين آخرين، كما يحق لكل مدرب أن يفعل، في مرحلة عمرية تعتبر قوية بشكل استثنائي، وفضل إيوبي نيجيريا لأنه أحس بالارتباط عاطفيا أكثر بالبلد الذي ولد فيه. سيكون عليك أن تقرر بنفسك ما إذا كان هذا التفسير مرضيا لك، لكن هذه بالتأكيد رواية أخرى للأحداث تختلف تماما عن وجهة نظر آرسنال الذي يعتبر أن ما حدث كان غفلة من الاتحاد الإنجليزي، والذي بدا في حيرة تجاه الغياب الواضح للتحرك لضمان أن يعرف إيوبي أن إنجلترا تريده، مثلما حدث على سبيل المثال، مع جاك غريليش (لاعب آستون فيلا ذي الأصول الآيرلندية). حسنا، ربما كان لدى فينغر قدر من المصلحة الشخصية، حيث يعني اللعب لمنتخب إنجلترا أن إيوبي لن يختفي في وسط الموسم كل سنتين للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية. ومع هذا فإيوبي نفسه قال في يناير (كانون الثاني) إنه كان «يود» لو لعب لمنتخب إنجلترا، ومن المثير للفضول أن نعرف لماذا لم يبذل الاتحاد الإنجليزي جهدا أكبر لكي يرتدي قميص إنجلترا قبل أن تحدث الطامة الكبرى يوم المواجهة مع مصر. تدخل هودغسون شخصيا للهجوم على خطط جمهورية آيرلندا بشأن غريليش. أما إيوبي، على النقيض تماما، فيبدو أنه تسرب من بين أيدينا من دون أن يحدث نفس النوع من القتال من أجله.
بالتأكيد لم يكن هذا مجرد قرار مفاجئ من جانب اللاعب المراهق، بالنظر إلى أن آخر ظهور له مع إنجلترا كان مع فريق تحت 18 عاما في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، وبعد ذلك بعامين تقريبا كان قد مل الانتظار، فانضم لتشكيل منتخب نيجيريا ولعب أول مباراتين وديتين. ومن الواضح أن إيوبي تحدث عن إحساسه بأنه غير مرغوب فيه من جانب إنجلترا، رغم أنه - لنكن منصفين تجاه الاتحاد الإنجليزي - يفترض أن عم اللاعب، جاي جاي أوكاشا، وهو من ملوك كرة القدم النيجيرية، لعب دورا في هذا. ومع هذا، فتبقى الحقيقة أن إيوبي كان في متناول إنجلترا، والأشخاص المعنيون – عن طريق الإهمال وسوء التقدير أو غياب التحرك الاستباقي، سمها ما شئت – ربما يندمون على ما حدث بالنظر إلى إمكانية أن يكون إيوبي لاعبا دوليا لعدة سنوات. وبالفعل يلعب إيوبي في آرسنال على حساب ثيو والكوت، أحد الوجوه المعتادة في تشكيل هودغسون، وتجدر الإشارة إلى أن عدد اللاعبين في منتخبات إنجلترا تحت 19 وتحت 20 وتحت 21 عاما، لديهم عقود مع فرق بالدوري الممتاز (البريميرليغ)، لكن على عكس إيوبي، فهم إما بعيدون عن المشاركة مع الفرق الأولى لأنديتهم، أو معارون لأندية مثل كامبريدج وكارلايل وكوفنترتي.
من هؤلاء اللاعبين أينسلي مايتلاند نيلس، وهو موهبة أخرى من الناشئين في صفوف آرسنال، وهو معار إلى إبسويتش، واختاره بوثرويد لمنتخب تحت 19 عاما مؤخرا. أما إيزاك هايدن، المعار من آرسنال إلى هال، فكان ضمن تشكيل منتخب تحت 21 عاما قبل أن يضطر لمغادرة الفريق. ويرى فينغر أن كلا اللاعبين ينتظرهما مستقبل واحد لكنهما ما زالا دون مستوى إيوبي، إذا رأيت تقييم تييري هنري للاعب الذي خسرته إنجلترا للأبد. قال هنري: «لم يهب أليكس الموقف ضد أفضل فريق في العالم في كامب نو (برشلونة). كان جريئا على الكرة، وهادئا في منطقة الجزاء وحولها وبرهن على كل العمل الذي استثمرته فيه أكاديمية الناشئين. إيوبي يعمل بجد ويستمع. وهو مثال رائع على السلوك الذي ينبغي للناشئ أن يتبعه ليصل إلى القمة».
في نفس الوقت، يواصل الاتحاد الإنجليزي العمل وراء الكواليس للفوز بخدمات رونالدو أرونز، وهو لاعب جامايكي المولد يقترب من اللعب للفريق الأول في نيوكاسل وحالته تشبه حالة إيوبي، من حيث ازدواجية الجنسية، وقد تم استدعاؤه للمرة الأولى للعب مع منتخب إنجلترا تحت 21 عاما. تفوز بالبعض وتخسر البعض الآخر. وعار على إنجلترا أن تضيع واحدا من أبرز اللاعبين الصاعدين الموهوبين، كما من العار أن كل هذا العدد من المسؤولين المعنيين أداروا ظهورهم لهذه القضية على ما يبدو.
أليكس إيوبي لاعب آرسنال.. خسارة لإنجلترا ومكسب لنيجيريا
جنسية اللاعب المزدوجة مشكلة تبحث عن حل قبل فوات الأوان ومزيد من الخسائر
أليكس إيوبي لاعب آرسنال.. خسارة لإنجلترا ومكسب لنيجيريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة