في الوقت الذي تبذل فيه المجموعة التنسيقية الرباعية، التي تستضيفها باكستان، والتي تضم كلاً من باكستان وأفغانستان والصين والولايات المتحدة، جهودًا غير عادية لجمع الجماعات المتناحرة للتفاوض بشأن محادثات السلام الأفغانية، تقدمت أفغانستان بدعوة الهند للانضمام إلى الآلية الاستشارية الإقليمية لموازنة التحديات الخطيرة التي تواجه تلك الدولة التي مزقتها الحروب. وهذه المجموعة الجديدة المعروفة باسم مجموعة «6+1»، سوف تضم الهند، وباكستان، وإيران، وروسيا، والولايات المتحدة، والصين، بالإضافة إلى أفغانستان.
وقد لا تكون المجموعة الجديدة بديلاً عن المجموعة التنسيقية الرباعية، نظرا لأنها تقع تحت سيطرة الولايات المتحدة وباكستان وتدعمها الصين، وتهدف إلى دفع جهود المصالحة بين طالبان وكابل. وفي حين أعلنت حركة طالبان الأفغانية المتمردة رفضها الضغوط الباكستانية للحضور إلى مائدة المفاوضات، كان قلب الدين حكمتيار، زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني المتمرد، يعقد محادثات مع القادة الأفغان لوضع الأسس المتفق عليها لمفاوضات السلام. بينما لا تزال حركة طالبان مصرّة على شروطها المسبقة لإجراء حوار، المتعلقة بضرورة انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، وقد علق وحيد موجده، المحلل السياسي الأفغاني على ذلك، قائلا: «من أجل توفير مثل هذا الضمان لحركة طالبان لا بد عند عقد المحادثات من وجود ممثلين عن روسيا والهند وإيران، نظرًا لإمكانية ممارسة هذه الدول الثلاث الضغوط على الولايات المتحدة لضمان الجدول الزمني لانسحاب القوات الأجنبية عن البلاد، وبخلاف ذلك فسوف تفشل مفاوضات المجموعة الرباعية بسبب وجود انقسامات بين المشاركين، ومن المتوقع أيضًا مستقبلاً ألا تخرج مفاوضات المجموعة التنسيقية الرباعية بأي نتائج محددة للسبب ذاته».
والمجموعة حديثة التكوين تعكس بدرجة ما «نادي المبعوثين الخاصين»، المعروف باسم «مجموعة الاتصال الدولية»، وحيث إن أفغانستان تتولى زمام المبادرة في الآلية الجديدة، فإنه من المتوقع أن تكون لها الكلمة العليا في تلك المجموعة. ومن بين الأعضاء الثلاثة الجدد، طالبت إيران بالفعل بأن تضطلع بدورها في المجموعة التنسيقية الرباعية، ولكن لم تعرب باكستان ولا الولايات المتحدة الأميركية عن استعدادهما لقبول ذلك بعد. كما أنه من شأن الوجود الروسي في المحادثات أن يثير حفيظة الولايات المتحدة، التي تعتقد أن روسيا تقحم نفسها في الصراعات حتى تحافظ على أهمية وجودها على الصعيد السياسي العالمي، وبطبيعة الحال فقد حافظت باكستان دومًا على موقفها من استبعاد الهند من أية مفاوضات تتعلق بأفغانستان.
من جهته، لم يعد الرئيس الأفغاني غني مستعدًا للتخلي عن دور الهند في القطاع الأمني الأفغاني، حيث يقوم بإطلاع الجانب الهندي على تطورات الأوضاع داخل المجموعة التنسيقية الرباعية. كما أنه استقبل ورحب أيما ترحيب برئيس الوزراء الهندي مودي إبان زيارته الأخيرة إلى كابل في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015.
وكان المحللون الأفغان يشعرون كذلك بالقلق من أن وجود الولايات المتحدة والصين في المجموعة الرباعية من شأنه أن يدفع الرئيس الأفغاني إلى قبول مزيد من التنازلات نحو طالبان، رغم أنهم لم يتمكنوا من ممارسة ما يكفي من الضغوط للتأثير على باكستان لاستخدام أدوات النفوذ لديها. وقد صرح الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي أخيرا بأن المحادثات الحالية بين المجموعة التنسيقية الرباعية كانت «الأمل الوحيد للسلام في أفغانستان»، على الرغم من حقيقة أن تلك المحادثات تعقد في باكستان، وأضاف موضحًا: «ليس لدينا أمل آخر في السلام، مما يدفعنا دفعًا إلى قبول الشروط التي لسنا سعداء بشأنها (بشأن عقد المحادثات في باكستان). ومن دون شك فإننا لسنا سعداء بأن هذه المحادثات لن تنعقد في أفغانستان».
وتابع الرئيس الأسبق كرزاي قوله: «نعتقد أن للصين تأثيرها على باكستان، ونأمل في أن تمارس الصين قدرًا من الضغوط من أجل إحلال السلام في أفغانستان. وهذا الحوار الرباعي يشير إلى أن المشكلة الأفغانية مشكلة خارجية، ومن ثم فهناك لاعبون خارجيون مهمون في تلك المحادثات، وأول هؤلاء اللاعبين إيران، ثم الهند، ثم روسيا. وكلهم من الأصدقاء والجيران للشعب الأفغاني، ولذا فإنني آمل في أن تشمل تلك المحادثات وجودهم أيضًا».
يرى بعض المحللين أن كلمات كرزاي، وعلى غرار آراء الكثيرين من غيره في كابل، تشير إلى حالة عميقة من القلق حيال نقص النتائج المترتبة على المحادثات مع حركة طالبان حتى الآن، إلى جانب أسوأ أحداث عنف تشهدها البلاد منذ عام 2015، حيث يؤدي صعود تنظيم داعش الإرهابي، والانقسامات التي تعصف بحركة طالبان ذاتها، إلى المزيد من أعمال العنف، مع تصعيد المتمردين من حملتهم الشرسة للاستيلاء على الدور القيادي لحركة طالبان في التمرد.
وعلاوة على ذلك، تدرك حركة طالبان أن الانضمام إلى المفاوضات قد يدفع بالقادة الميدانيين في الحركة، وهم أمراء الحرب الأثرياء من أرباح تجارة الأفيون، والذين لديهم القليل جدًا ليكسبوه من صفقات السلام، إلى التخلي عن قيادتهم القديمة والمدعومة منذ فترة طويلة من قبل باكستان. ومن جانبها، لا يمكن لإسلام آباد الخوض في مخاطرة ممارسة الكثير من الضغوط على حركة طالبان، خشية استفزاز كوادر الحركة لمستوى مساعدة المتطرفين العاملين ضد الدولة الباكستانية، كما يقول جايانت براساد، السفير الهندي الأسبق لدى أفغانستان.
وعقدت المجموعة التنسيقية الرباعية أربعة اجتماعات حتى تاريخه. وإلى الآن، تبدو باكستان قد وافقت إلى حد ما على السماح بعقد الاجتماعات المباشرة بين ممثلي الحكومة الأفغانية وممثلين عن حركة طالبان في إسلام آباد. وقد صدرت تصريحات إعلامية عن محمد نفيس زكريا، المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، قال فيها إن الدول الأربع الراعية للمحادثات «أوصت بعدم وجود شروط مسبقة لعقد المحادثات، وتبذل الدول الأربع جميعها قصارى جهدها لجلب حركة طالبان إلى مائدة المفاوضات».
وحسب متابعين للشأن السياسي، فإن باكستان تمتلك قوة نفوذ هائلة على حركة طالبان، نظرًا لأن زعماء الحركة يتمتعون بملاذ آمن داخل الأراضي الباكستانية، والكثير من المقاتلين الموالين لهم يلجئون إلى باكستان لتلقي العلاج هناك، كما سبق وأن أعلن ذلك رسميًا من قبل سارتار عزيز المستشار الأمني لرئيس الوزراء الباكستاني.
بالإضافة إلى ذلك، فقد مارست الصين هي الأخرى ضغوطها على باكستان لجلب حركة طالبان إلى مائدة المفاوضات، ومن المتوقع أنه، إن لم يكن الآن، فسوف تنضم الحركة إلى المحادثات المقرر انعقادها في أبريل (نيسان) المقبل.
مقترحات بتكوين مجموعة «6+1» لدفع جهود المصالحة بين طالبان وكابل
في ظل تعثر محادثات السلام في أفغانستان
مقترحات بتكوين مجموعة «6+1» لدفع جهود المصالحة بين طالبان وكابل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة