وزير إسرائيلي يطرح «خطة مجنونة» لمواجهة انهيار محتمل للسلطة الفلسطينية

خبراء يحذرون من خطر عودة الاحتلال لإدارة شؤون الفلسطينيين

وزير إسرائيلي يطرح «خطة مجنونة» لمواجهة انهيار محتمل للسلطة الفلسطينية
TT

وزير إسرائيلي يطرح «خطة مجنونة» لمواجهة انهيار محتمل للسلطة الفلسطينية

وزير إسرائيلي يطرح «خطة مجنونة» لمواجهة انهيار محتمل للسلطة الفلسطينية

كشف وزير شؤون القدس في الحكومة الإسرائيلية، زئيف إلكين، أن الكثير من المؤسسات الإسرائيلية قبلت طرحه في فبراير (شباط) الماضي، وبدأت تعد الدراسات لمواجهة احتمال انهيار السلطة الفلسطينية. وعلل ذلك بالقول، إن «جميع الخبراء يدركون أن هذا الانهيار لم يعد مجرد احتمال بل بات حتميا». لكن الخبراء من جهتهم، حذروا بشدة من مثل هذا السيناريو، واعتبروه «خطرا داهما سيغرق إسرائيل في وحل يصعب الخروج منه».
وقال إلكين، خلال برنامج تلفزيوني خاص في القناة العاشرة للتلفزيون، إن خطته جاءت لتمنع تورط إسرائيل في الفوضى العارمة المتوقعة بعد انهيار السلطة: «فأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، كان أبا اتفاقيات أوسلو، وبغيابه ستنتهي هذه الاتفاقيات تماما. وسيكون على إسرائيل أن تتولى إدارة الشؤون المدنية». لكن الخبراء الإسرائيليين في الشؤون الفلسطينية، اعتبروا هذه الخطة مجنونة.
وقال البروفسور يتسحاق غال، المحاضر في الاقتصاد الفلسطيني، إن هناك ثمنا اقتصاديا وأمنيا رهيبا ستدفعه إسرائيل في انهيار السلطة، لذلك عليها أن تمنع ذلك بأي ثمن. وأضاف: «يوجد في السلطة اليوم 60 ألف رجل أمن يعملون في الشرطة وفي الأجهزة الأمنية المختلفة. كلهم مسلحون. ومن الحماقة أن نتوقع أن يقوموا بتسليم إسرائيل أسلحتهم في حال انهيار السلطة. فماذا ستفعل إسرائيل معهم؟ هل تعتقلهم؟ وهل اعتقالهم سيمر بسلام؟ وهل توجد لهم أماكن في السجون، التي تضيق حاليا بخمسة آلاف سجين؟». وتابع غال: «من المفيد النظر من حولنا للتعرف على تجارب غيرنا. فعندما دخلت الولايات المتحدة إلى العراق، فككت الجيش العراقي وقذفت بمئات ألوف الجنود والضباط إلى الشارع. وكانت النتيجة أن قسما كبيرا منهم انضموا إلى «داعش». فهل هذا ما نريده من تطور كهذا؟ فهؤلاء الفلسطينيون، حتى لو لم يريدوا الحرب، فسيجدون أنفسهم يشعرون بأن مصدر رزقهم قد انتهى، وأن حياتهم وحياة عائلاتهم مهددة بالضياع، وسيفكرون بطريقة أكثر تشددا، وسيلجأون إلى استخدام أسلحتهم التي لا يزالون يحتفظون بها».
وقد أكد هذا الموقف، خبراء عسكريون عدة، بينهم اللواء في جيش الاحتياط، غاد شاني، الذي شغل منصب قائد لواء المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، وهو المسؤول أيضا عن الضفة الغربية، فقال، إن كلا من المخابرات والجيش سيحتاج إلى مضاعفة قواته في الضفة في حال انهيار السلطة، وإلى مضاعفة النشاطات الميدانية مرات عدة، مع كل ما يعنيه ذلك من زيادة في الاحتكاكات مع الفلسطينيين. وهذا سيناريو غير معقول.
وأما في الجانب الاقتصادي، فقد أشار البروفسور غال إلى أن التكاليف ستزيد عن 20 مليار شيقل (5.3 مليار دولار) في السنة، على الأقل. وهذا المبلغ لا يشمل بندا مهما وخطيرا، هو انخفاض النمو الاقتصادي في إسرائيل بنسبة 1 - 2 في المائة. ولكي نفهم معنى هذا الرقم، أقول إن آبار الغاز التي اكتشفتها إسرائيل في البحر المتوسط، بكل مليارات الدولارات التي ستجنيها، سترفع نسبة النمو فقط بنسبة 1 في المائة. مما يعني أن الربح من الغاز سوف يتآكل وسيتآكل معه ربح بالقيمة نفسها من بقية مرافق الاقتصاد الإسرائيلي.
يذكر أن أول من طرح فكرة وجود خطر بانهيار السلطة الفلسطينية في الحقبة الأخيرة، كان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في ديسمبر (كانون الأول) من السنة الماضية. فقد ألقى يومها خطابا في مؤتمر بمعهد بروكينغز في واشنطن، وحذر من هذا الخطر. ودعا القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية إلى الانعطاف نحو مفاوضات تفضي إلى تسوية سياسية تاريخية على أساس مبدأ الدولتين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».