تقرير فلسطيني: إسرائيل مستمرة في ترسيخ هويتها اليهودية والاستيطانية

قال إن تل أبيب تسعى إلى فرض حل بالقوة.. وليس إدارة النزاع

تقرير فلسطيني: إسرائيل مستمرة في ترسيخ هويتها اليهودية والاستيطانية
TT

تقرير فلسطيني: إسرائيل مستمرة في ترسيخ هويتها اليهودية والاستيطانية

تقرير فلسطيني: إسرائيل مستمرة في ترسيخ هويتها اليهودية والاستيطانية

خلص التقرير السنوي للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) إلى أن إسرائيل مستمرة في ترسيخ هويتها كدولة يهودية واستيطانية. وقال التقرير، الذي صدر أمس، أن سنة 2015 شهدت استمرار مساعي حسم هوية إسرائيل كهوية يهودية استيطانية يمينية من جهة، وخطوات فرض الحل الأحادي للصراع على الأرض، وفق المصالح والرؤية الإسرائيلية الاستيطانية والأمنية من جهة أخرى.
وتحدث التقرير عن المحاور التي تظهر هذا التحول في إسرائيل، وتضم هذه المحاور «المحور الفلسطيني - الإسرائيلي.. والمحور السياسي الداخلي، والعلاقات الخارجية، والمحور الأمني العسكري، بالإضافة إلى المحور الاقتصادي والاجتماعي.. ومحور الفلسطينيين في إسرائيل».
وركز التقرير على مساعي حسم الهوية من خلال الإضاءة على القوانين والتشريعات المستحدثة، وتبني خطاب الولاء ليهودية الدولة وقيمها الصهيونية، والتحريض على من يعارض الاحتلال، وعلى الفلسطينيين في إسرائيل. وأوضح التقرير بشكل خاص الممارسات المختلفة التي اتخذتها حكومة نتنياهو الرابعة خلال عام 2015 بهدف ضبط هوية الدولة كدولة يهودية يمينية، من خلال تقليص حيز العمل السياسي للفلسطينيين في إسرائيل، وملاحقة ممثليهم ومؤسساتهم السياسية والأهلية والثقافية.
ويقرأ تقرير «مدار» الكيفية التي تقوم بها إسرائيل بفرض حل أحادي، وليس إدارة النزاع، وذلك عبر فرض وقائع على الأرض، وتبييض البؤر الاستيطانية، واستمرار البناء في المستوطنات، ويشدد على كيفية تغيير الوعي في إسرائيل تجاه المستوطنات، حيث تحولت من مشروع خلافي إلى حد ما، إلى جزء أصيل من الإجماع الوطني الإسرائيلي، وكيف تم ذلك بموازاة تغول قيم الفاشية في إسرائيل، وتجريم الحركات المناهضة للاحتلال، وإضعاف مؤسسات حقوق الإنسان، واستهداف الإعلام غير المتجند.
وجاء في التقرير أن «سنة 2015 بشكل خاص اتسمت بمساعي حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرابعة، وتيارات اليمين الجديد بالاستمرار في ما سبق من خطوات، وإجراءات تهدف إلى حسم وترسيخ هوية إسرائيل كدولة قومية يهودية يمينية استيطانية، بالتوازي مع فرض حل أحادي على الفلسطينيين»، مضيفا أنه «مع انقضاء عام على تشكيلها (حكومة نتنياهو) تظهر تقسيمات الوظائف المفتاحية فيها، وأداء وزرائها، مدى انغماسها في تثبيت تغييرات بنيوية لترسيخ الهوية اليهودية اليمينية الاستيطانية، سواء أكان تشريعيا أم ثقافيا أو سياسيا».
وفي ما يتعلق بالاستيطان يتضح من معطيات جمعها المركز أن حكومة نتنياهو بدأت عام 2015 في بناء 1800 وحدة سكنية في المستوطنات، 69 في المائة منها في مستوطنات معزولة. ويضيف التقرير في هذا السياق أنه «منذ انتخاب نتنياهو في 2009 بنيت في المستوطنات المعزولة 7683 وحدة سكن، شكلت 61 في المائة من مجموع ما بني، وهو ما يوضح الوجهة السياسية للحكومة لفرض وتثبيت الوقائع على الأرض».
ويلفت التقرير النظر إلى تنصيب شخصيات من خلفيات دينية استيطانية، ويمينية في وظائف مفتاحية في الدولة، خاصة في المجال الأمني، إلى جانب إحداث تغييرات غير مسبوقة في التركيبة الدبلوماسية الإسرائيلية، من خلال تنصيب شخصيات معروفة بمواقفها المتطرفة وعدم تميزها «بالكياسة الدبلوماسية»، وهو ما يعني أن التحول نحو قيم اليمين موجه للرأي العالمي أيضا، حيث قام نتنياهو، على سبيل المثال، بتعيين داني دانون مُمثلا لإسرائيل في الأمم المتحدة، وطرح اسم داني دايان مدير عام مجلس المستوطنات السابق سفيرا في البرازيل، قبل أن ترفضه الحكومة البرازيلية.
كما يستعرض التقرير التغيرات الإقليمية من منظور الأمن القومي الإسرائيلي، ومن أبرزها «تراجع التهديد العسكري التقليدي العربي لأسباب مختلفة، منها التفكك الفعلي للجيشين العراقي والسوري، وانشغال الجيش المصري بالشأن الداخلي».
وبهذا الخصوص قال نبيل شعث، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ومفوض العلاقات الخارجية فيها، إن اتجاه إسرائيل نحو فرض الحل برسم الوقائع على الأرض من طرف واحد، بدلا من إدارة النزاع، قائم فعليا منذ اتفاقيات «كامب ديفيد» التي عنت عمليا البدء بحلول دائمة مع الدول العربية، التي لها أراض محتلة، مقابل حلول انتقالية مع الجانب الفلسطيني، مضيفا أن «هذه الحلول الانتقالية لم تكن سوى قناع لاستمرار الاستيطان وسرقة الأراضي. لكن ما يحدث الآن هي أن الوتيرة أصحبت قوية، والسياسة أصبحت مكشوفة، وغير مسبوقة، بسبب اتساع الهوة في موازين القوى لصالح الاحتلال، وبسبب حالة الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط، وحالة الضياع العربي».
وختم شعث بأن التصدي للدراما التي يعرضها التقرير يتطلب الانطلاق من فلسطين، من خلال مجموعة عناوين أساسية: إنهاء الانقسام، واستعادة الشرعية الديمقراطية الانتخابية، واستعادة دور منظمة التحرير، وفي مد اليد للشتات الفلسطيني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.