تحولت العاصمة الليبية طرابلس أمس إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، وذلك بعد انتشار مفاجئ لكتائب وميليشيات مسلحة إثر إعلان رئيس حكومة الإنقاذ الوطني خليفة الغويل، التي تدير العاصمة «حالة الطوارئ القصوى»، فيما بدا أنه بمثابة استعداد لمنع محاولة حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، والتي يترأسها رجل الأعمال الطرابلسي فائز السراج، من دخول المدينة. فيما نفت سلطات طرابلس ما تردد عن وصول مسؤولين في حكومة السراج من تونس على متن طائرة خاصة، إلى قرية النخيل العربي بجنزور غرب العاصمة.
وأعلنت حكومة طرابلس حالة الطوارئ القصوى، وقالت في بيان أصدرته إن مجلس وزرائها سيكون في حالة انعقاد دائم. كما كلفت وزارتي الدفاع والداخلية، بالإضافة إلى جهاز المخابرات، وجهاز المباحث العامة وكتائب الثوار، باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الأمنية للحفاظ على استقرار البلاد، وذلك من خلال تكثيف الدوريات والاستباقات الأمنية للحفاظ على المرافق السيادية.
وقال سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة كانت مساء أمس شبه اعتيادية وسط طرابلس، فيما التزمت حكومة السراج الصمت، ولم تعلق على هذه التطورات. واستند الغويل في إعلان «حالة الطوارئ» إلى دعوة مماثلة صادرة مطلع هذا العام عن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، غير المعترف به دوليا في طرابلس، والذي يدعم الحكومة فيها.
ولا يتضمن الإعلان الدستوري الليبي الصادر عام 2011 تعريفا واضحا لحالة الطوارئ، لكن القانون رقم 22 الخاص بإعلان «التعبئة»، والذي استند الغويل إليه أيضا، كما جاء في البيان الحكومي، يشير إلى أنه يترتب على إعلان «التعبئة العامة» في البلاد «تسخير كافة الموارد البشرية والمادية لخدمة المجهود الحربي». وتأتي هذه الخطوة القاضية برفع مستوى التأهب الأمني بعد إعلان السراج أن حكومته، المدعومة من الأمم المتحدة، ستنتقل إلى العاصمة للعمل منها «خلال أيام»، رغم رفض حكومة الغويل تسليمها السلطة.
وتسيطر القوات الموالية لحكومة طرابلس، والمنضوية ضمن تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا»، على معظم المناطق الواقعة في غرب ليبيا، وبينها العاصمة منذ أكثر من عام ونصف. وترفض هذه الحكومة تسليم السلطة إلى حكومة السراج المنبثقة عن اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة، وقعه نهاية العام الماضي في منتجع الصخيرات بالمغرب نواب في البرلمان المعترف به دوليا في شرق ليبيا، والبرلمان الموازي في طرابلس، لكن بصفتهم الشخصية.
وعاود أمس الصادق الغرياني، مفتي ليبيا المقال من منصبه، شن هجوم حاد على الجيش الوطني الموالي للسلطات الشرعية في شرق البلاد، والذي يقوده الفريق خليفة حفتر، حيث أفتى بوجوب قتال الجيش الليبي، الذي يخوض معارك عنيفة منذ العام الماضي ضد الجماعات المتطرفة في بنغازي بشرق البلاد، ووصف الجيش بأنه الفئة الباغية، على حد زعمه.
وفي تحريض واضح للشباب على دعم الإرهابيين، زعم الغرياني أيضا في حديث لمحطة تلفزيونية، موالية لجماعة الإخوان المسلمين في طرابلس، أن هذا الأمر لا يشترط فيه الحصول على إذن ولي الأمر أو الأهل، وحث كل القادرين على التوجه لما سماه بالجهاد في بنغازي للقتال ضمن الجماعات المتطرفة، التي ما زلت تتحصن بالمدينة، والتي أطلق الجيش الليبي فيها عملية حق الشهيد نهاية الشهر الماضي، بهدف تحريرها من قبضة المتطرفين، الذين بسطوا هيمنتهم عليها منذ نحو خمس سنوات.
حكومة طرابلس ترفع حالة التأهب.. وانتشار مفاجئ لميليشيات مسلحة في العاصمة
مفتي ليبيا المعزول يحرض الشباب على القتال ضد الجيش في بنغازي

صورة تعود إلى فبراير الماضي لمسلح من ميليشيات {فجر ليبيا} في صبراتة (أ.ف.ب)
حكومة طرابلس ترفع حالة التأهب.. وانتشار مفاجئ لميليشيات مسلحة في العاصمة

صورة تعود إلى فبراير الماضي لمسلح من ميليشيات {فجر ليبيا} في صبراتة (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة