نشاط إيراني في سوق العقارات السورية.. وتحذير من مشروع «استيطاني»

طهران تعمل على تغيير ديموغرافي في الشام بالتعاون مع نظام الأسد

سوريون يقفون على جسر بساحة المرجة في دمشق (أ.ف.ب)
سوريون يقفون على جسر بساحة المرجة في دمشق (أ.ف.ب)
TT

نشاط إيراني في سوق العقارات السورية.. وتحذير من مشروع «استيطاني»

سوريون يقفون على جسر بساحة المرجة في دمشق (أ.ف.ب)
سوريون يقفون على جسر بساحة المرجة في دمشق (أ.ف.ب)

قالت مصادر سورية إن تجارا ومقاولين إيرانيين قاموا بشراء عقارات وأراض سكنية في عدد من المدن السورية بتشجيع ودعم من الحكومة الإيرانية وبتعاون من الحكومة السورية.
وأعرب مراقبون سوريون عن قلقهم إزاء سيطرة التجار الإيرانيين على سوق العقارات في زمن تشهد فيه سوريا حربا أهلية بين قوات النظام وقوى المعارضة. وبحسب مصادر سورية، فإن سوق العقارات في دمشق وحمص ومناطق أخرى من سوريا باتت مغرية للإيرانيين، خصوصا في ظل وجود عدد كبير من قوات الحرس الثوري، مستغلين الفوضى الحاصلة على الأرض السورية.
في هذا الصدد، يتهم الناشطون السوريون النظام الإيراني بالعمل على إحداث تغيير ديموغرافي واسع في سوريا «يحقق رغباته ويضمن مصالحه على المدى الطويل» كما يمكنه من توفير حالة من «الاستيطان المستديم» في دمشق ومحيطها.
وتدافع طهران رسميا عن وجود قوات الحرس الثوري في سوريا وتقول إن قواتها تقدم «الاستشارة» بطلب من الحكومة السورية، وإنها تحافظ على قواتها ما دامت دمشق لم تطلب مغادرتهم، ولكن عدد قتلى قوات الحرس الثوري والميليشيات التابعة لها، يظهر أن الوجود الإيراني في سوريا، على خلاف ما تدعيه، ذو طابع قتالي وعسكري، خصوصا بعد مقتل قياديين من وحدات النخبة التابعة للحرس الثوري.
في السياق ذاته، ذكر تقرير ميداني أعده «الفريق الرقمي للثورة السورية» حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن إيران جندت شبكة من «العملاء» في المخابرات والأمن ومن تجار العقارات ومجموعات السماسرة وأصحاب المكاتب العقارية في سوريا، عبر ضخها ملايين الدولارات في محاولة منها «لشراء عقارات وأملاك السوريين المنهكين من الحرب والراغبين بالفرار من الموت، لصالح أفرادها وعناصرها في كل منطقة حيوية». ووفقا للتقرير، فإن بشار الأسد أصدر قرارا يتضمن مصادرة أموال الفارين من بيوتهم تحت ذريعة مصادرة أموال داعمي الإرهاب.
وذكر مصدر سوري رغب في عدم الكشف عن اسمه أن قوات النظام ركزت «قصف البراميل» على أحياء سكنية في عدد من المناطق الراقية بغية تهجير أهلها من أجل مصادرة العقارات وبيعها إلى الإيرانيين.
بدوره، يشير تقرير «الفريق الرقمي للثورة السورية» إلى أن إيران قامت بـ«تزوير بيانات وقيود السجلات العقارية وتزوير وكالات ووثائق الكتّاب بالعدل وغيرها مما يتعلق بنقل الملكيات العقارية، ومن ثم نقلت الملكيات، إما مباشرة عن طريق دوائر السجل العقاري في المناطق، أو عن طريق استصدار أحكام قضائية لدى المحاكم المدنية»، كما أشار التقرير إلى أن «ابتزاز السوريين وإجبارهم على التخلي عن عقاراتهم لقاء أثمان زهيدة مقابل السماح لهم بالخروج من مناطق الحصار»، من بين الإجراءات التي تلجأ لها العناصر المرتبطة بالمشروع الإيراني.
ويرى المحلل السياسي السوري غسان إبراهيم أن الموضوع الإيراني في سوريا «أصبح على صعيد كبير مكشوف للعلن» وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إيران عمدت لشراء عقارات؛ سواء كانت أراضي، أو منشآت، أو أماكن مخصصة للاستخدام المدني، أو حتى الفنادق والنزل المختلفة، في مناطق متعددة في دمشق وريفها، وغيرها، إما لتوسيع البؤر المحسوبة عليها من ناحية طائفية، أو أحيانا لإقامة بؤرة جديدة تخلق مثل سياج حول العاصمة دمشق»، ورأى أن سبب ذلك أن «الإيرانيين على قناعة بأنه سيحدث تغيير في سوريا، وهذا التغيير سيخلق مرحلة جديدة الأسد سيذهب من خلالها أو قبلها أو بعدها».
وينقل «الفريق الرقمي للثورة السورية» عن أحد تجار العقارات في منطقة «ركن الدين» وسط دمشق، قوله إن من لديه القدرة على شراء العقارات هم مجموعة وسطاء سوريين يقومون بتحويل ملكية تلك العقارات إلى أشخاص إيرانيين، كما أن المعلومات تشير إلى أن الإيرانيين قاموا بشراء عقارات في عدة مناطق من العاصمة.
وكانت معلومات وردت في وسائل الإعلام ذكرت إن إيران تقدم مبالغ مالية ضخمة لأصحاب الفنادق والعقارات في دمشق وحلب وحمص بهدف الاستيلاء عليها وضمان بقائها في سوريا. وذكر تقرير نشرته «الغارديان» البريطانية في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن السفارة الإيرانية تسيطر على أراض تمت مصادرتها في منطقة المزة وسط دمشق، لبناء مشروع سكني إيراني كبير قرب مبنى السفارة، وأضافت الصحيفة أن الإيرانيين يشترون عقارات كثيرة وكبيرة في سوريا.
وكشف تقرير لإذاعة «صوت أميركا»، أول من أمس، أن الحكومة الإيرانية تشجع تجار عقارات من العاصمة طهران على شراء أراض وعقارات في الأحياء الراقية في العاصمة دمشق، وذكر التقرير أن رجال أعمال إيرانيين تربطهم علاقات وثيقة بالنظام السوري حصلوا على عقارات ومنازل في الأحياء الراقية من العاصمة السورية. وبحسب «صوت أميركا»، فإن ارتفاع طلب الإيرانيين على شراء العقارات أدى إلى تضخم في سوق العقارات السورية.
ونقلت الإذاعة عن خبير اقتصادي سوري قوله إن «5 ملايين منزل تعرضت للدمار خلال الحرب الأهلية السورية»، مما أدى إلى ارتفاع الطلب الإيراني على شراء الأراضي والعقارات في دمشق. وبحسب ما ورد في التقرير، فإن إيران اعتمدت على رجل الدين الشيعي البارز عبد الله نظام، في ترتيب الصفقات والتعاملات العقارية في سوريا، من خلال استخدام نفوذه واتصالاته الوثيقة بالحكومة السورية. وتابع التقرير أن عبد الله نظام تمكن من إقناع أصحاب العقارات ببيع ممتلكاتهم إلى رجال الأعمال الإيرانيين.
وأفاد التقرير بأن الحكومة الإيرانية شجعت خلال الفترة الأخيرة العمال الإيرانيين على الذهاب إلى سوريا، ونقلت عن المقاول الإيراني أمير مقصودلو، قوله إنه تلقى دعوة منذ أشهر للنشاط في سوريا، وأضاف مقصودلو أن بعض كبار المقاولين من ذوي العلاقات الوثيقة بالسلطات (الإيرانية) أعلنوا عن توفر فرص عمل للإيرانيين في مجال العقارات في سوريا، مضيفا أنه رفض الذهاب إلى سوريا لأسباب عائلية وأمنية. هذا، وتوجه أصابع الاتهام إلى إيران بالسعي وراء الإخلال بالتركيبة السكانية وتغيير الديموغرافية، لأهداف طائفية.
من جهته، قال غسان إبراهيم إن إيران عمدت من خلال نظام الأسد إلى تجنيس بعض الشخصيات من مكونات غير سورية جلبتهم من الخارج وطلبت من النظام تجنيسهم مقابل الدفاع عنه، «فبالتالي هناك مجموعة كبيرة من الشخصيات والعناصر والميليشيات تم تجنيسها سوريًا، لتصبح مستوطنات إيرانية في سوريا، إضافة إلى أنه لا يوجد عدد دقيق، ولكنه بالآلاف، حسب المعلومات التي يتم تناقلها».
وقال غسان: «النظام يتستر على هذه الأعداد وهذه العملية لكي لا يفضح نفسه، وبقاؤه أصبح نتيجة الميليشيات المرتزقة التي جلبوها خارجيا وجيشوها طائفيا وآيديولوجيا وعقائديا، ومنحوها الجنسية السورية، وأحيانا سكنوها في بيوت سوريين بعدما دخلوا إلى بعض المناطق واستوطنوا فيها، وبالتالي إيران تعمل بكل الوسائل لتقوية نفوذها المستقبلي بعد إدراكها أن روسيا تسير في مرحلة سوف تتنازل فيها عن الأسد ضمن صفقة إقليمية دولية، وبالتالي آخر الأدوات المتبقية لدى إيران في سوريا هي إنتاج هذه الميليشيات لتكون أداة إيران».



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.