المغرب: تفكيك خلية إرهابية من 9 أفراد بعد يومين من هجمات بلجيكا

الرباط وبروكسل يجمعهما تعاون وثيق في مجالي الأمن والاستخبارات

أعلام عربية مرفوعة في ساحة «لابورس» في بروكسل أمس تضامنًا مع عائلات الضحايا (أ.ف.ب)
أعلام عربية مرفوعة في ساحة «لابورس» في بروكسل أمس تضامنًا مع عائلات الضحايا (أ.ف.ب)
TT

المغرب: تفكيك خلية إرهابية من 9 أفراد بعد يومين من هجمات بلجيكا

أعلام عربية مرفوعة في ساحة «لابورس» في بروكسل أمس تضامنًا مع عائلات الضحايا (أ.ف.ب)
أعلام عربية مرفوعة في ساحة «لابورس» في بروكسل أمس تضامنًا مع عائلات الضحايا (أ.ف.ب)

تمكنت السلطات الأمنية المغربية أمس من تفكيك خلية إرهابية جديدة موالية لتنظيم داعش في ليبيا، مكونة من 9 أشخاص، كانت تعتزم تنفيذ عمليات إرهابية في البلاد، وذلك بعد يومين فقط من الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بروكسل وأسفرت عن مقتل 34 شخصا.
وأفاد بيان أصدرته وزارة الداخلية أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الاستخبارات الداخلية)، تمكن من تفكيك خلية إرهابية موالية لفرع تنظيم داعش الإرهابي بليبيا، تتكون من تسعة أفراد، ينشطون بمدينتي مراكش والسمارة، وبلدات «الحيدات» و«الزبيرات» بإقليم سيدي بنور (جنوب الدار البيضاء) بالإضافة إلى بلدة حد السوالم, كانوا في طور الإعداد لتنفيذ عمليات إرهابية بالمملكة.
وأوضح المصدر ذاته أن بعض أفراد هذه الخلية الإرهابية خططوا، أيضا، للالتحاق بمعسكرات «داعش» بليبيا من أجل اكتساب خبرات قتالية، أسوة بأحد المقاتلين الذي ينحدر من المنطقة نفسها (سيدي بنور)، والذي لقي حتفه خلال هجوم استهدف مركزا للاعتقال بمدينة طرابلس في سبتمبر (أيلول) 2015.
وأضاف البيان أنه سيتم تقديم المشتبه فيهم إلى العدالة فور انتهاء البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، مشيرا إلى أن هذه العملية تندرج في إطار التصدي للتهديدات الإرهابية ذات الصلة بما يسمى بتنظيم داعش.
في سياق متصل، قال فرانكو بيكيس نائب مدير صحيفة «ليبيرو» الإيطالية، إن المغرب نبه الاتحاد الأوروبي إلى اقتراب وقوع هجوم إرهابي ينفذه تنظيم داعش قبل أيام من وقوع الهجمات التي عرفتها العاصمة البلجيكية بروكسل.
وأضاف بيكيس أن السلطات المغربية أمرت الطائرات التابعة لخطوطها الجوية القادمة من الأراضي الأوروبية بتغيير مساراتها التقليدية والتحليق لمدة أطول، ما أمكن فوق البحر وتفادي المرور فوق اليابسة، يوم السبت الماضي، أي قبل الحادث بيومين اثنين.
وأوضح بيكيس أنه في يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، سلكت الطائرات المنطلقة من إيطاليا مسارا يمر فوق جزيرة سردينيا ثم تونس فالجزائر وصولاً إلى المغرب، بدلاً من التحليق فوق الأراضي الإسبانية والفرنسية قبل الوصول إلى المغرب، وذلك تفاديًا لمضاعفات هجوم محتمل على المنشآت النووية الأوروبية، مشيرًا إلى أن السلطات البلجيكية انتبهت إلى هذا لأمر، وقامت بتوفير حراسة مشددة في وقت وجيز، كما أنها قامت بإفراغ منشأتين نوويتين من العاملين بها.
ووصف الصحافي الإيطالي جهاز الاستخبارات المغربي، عبر مقطع فيديو نشرته قناة «ليبيرو كوتيديانو» على موقع يوتيوب، بأنه الوحيد الذي يحظى بالثقة وبالفعالية ليس في المنطقة فحسب، بل على الصعيد العالمي، مشيرا إلى أنه نبه إلى هجوم وشيك على أوروبا، لكن البلدان الغربية لم تأخذ التنبيه على محمل الجد.
يذكر أن بلجيكا كانت قد طلبت من المغرب عقب هجمات باريس، تعاونا وثيقا ومتقدما في مجال الأمن والاستخبارات، لا سيما وأن الرباط كانت قد قدمت لباريس معلومات عن مكان إقامة «أباعود» العقل المدبر لتلك الهجمات، الذي قتل أثناء مداهمة المنزل الذي كان يقيم فيه. حيث اتصل ملك بلجيكا فيليب بالملك محمد السادس هاتفيا، وأبلغه رغبة بلاده في التعاون الأمني لمواجهة التهديدات الإرهابية، وذلك في سياق البحث عن أحد المتورطين في أحداث باريس، وهو صلاح عبد السلام الفرنسي الذي اعتقل أخيرا ببلجيكا.
واستجاب المغرب للطلب وأجرى وزير الداخلية المغربي محمد حصاد مباحثات مع نظيره البلجيكي جان جامبون من أجل تفعيل فوري وملموس لطلب السلطات البلجيكية، على غرار التعاون القائم مع فرنسا، بحسب ما كشفت عنه الداخلية المغربية آنذاك.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».