احتدام المعارك في الضباب.. والمقاومة تأسر 80 مسلحًا بينهم قيادي كبير

ناشط حقوقي: الميليشيات ستستثمر الاتفاق الجديد للدفع بتعزيزات عسكرية في تعز

الدمار الذي لحق بمدينة تعز التي ظلت تحت الحصار لعدة شهور من قبل الميليشيات الانقلابية (رويترز)
الدمار الذي لحق بمدينة تعز التي ظلت تحت الحصار لعدة شهور من قبل الميليشيات الانقلابية (رويترز)
TT

احتدام المعارك في الضباب.. والمقاومة تأسر 80 مسلحًا بينهم قيادي كبير

الدمار الذي لحق بمدينة تعز التي ظلت تحت الحصار لعدة شهور من قبل الميليشيات الانقلابية (رويترز)
الدمار الذي لحق بمدينة تعز التي ظلت تحت الحصار لعدة شهور من قبل الميليشيات الانقلابية (رويترز)

احتدمت المعارك العنيفة في جبهة الضباب، غرب مدينة تعز ثالث كبرى المدن اليمنية، بين الميليشيات الانقلابية وقوات الشرعية في تعز بمساندة قوات التحالف، وتقدمت المقاومة في المنطقة وتمكنت من السيطرة على السجن المركزي، وأفشلت محاولات الميليشيات التسلل إلى مواقع المقاومة في السجن المركزي والمنشآت وشارع الثلاثين، وأجبرتهم على الفرار بعد معارك عنيفة سقط على أثرها قتلى وجرحى من الجانبين.
وعاودت الميليشيات الانقلابية فرض حصارها على مدينة تعز من المنفذ الجنوبي الغربي بعد سيطرتها على أجزاء من الضباب، مما جعلها تقطع جميع الطرق الواصلة إلى مدينة تعز على القادمين من مدينة عدن الجنوبية وكذلك من مدينة التربة ومن مناطق الحجرية، من الوصول إلى المدينة ومنطقة بيرباشا وحتى الوصول إلى منفذ الدحي الذي فتحت قوات الشرعية الحصار عنه قبل أيام، ويبعد عن النقطة الجديدة التي استحدثتها الميليشيات بنحو عشرة كيلومترات.
ومنذ أمس، أصبح الأهالي ينقلون المواد الغذائية والضرورية إلى وسط المدينة وعلى ظهور الحمير عبر الطرق الوعرة.
ودفعت الميليشيات بتعزيزات كبيرة إلى محافظة تعز، وذلك بعد تقدم قوات المقاومة الشعبية والجيش الوطني، وبعد إعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بأنه وجه بإرسال لواء عسكري لدعم قوات الشرعية، لتكمل بذلك تحرير المحافظة من الميليشيات الانقلابية.
وبينما سقط العشرات من الميليشيات الانقلابية بين قتيل وجريح، أعلنت المقاومة الشعبية أسر ما لا يقل عن ثمانين مسلحا من الميليشيات كانوا خلايا نائمة في المناطق الخاضعة لسيطرة المقاومة، ومنها في جبل حبشي ومدينة التربة، بالإضافة إلى أسر قيادي حوثي وهو ضابط كبير في الحرس الجمهوري، فضلت عدم ذكر اسمه سوى أنه يدعى «ص غ غ»، وأنه من منطقة أنس التابعة لمحافظة ذمار، الواقعة على بعد نحو 130 كيلومترا جنوب صنعاء، وذلك في كمين محكم من قبل المقاومة الشعبية في منطقة الزاهر شمال شرقي مدينة تعز.
وأكد المسؤول الإعلامي بالمجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية في تعز، رشاد الشرعي، أن «هناك تقدما في الجبهة الشرقية، وطيران التحالف العربي يقوم بغارات مركزة ومكثفة في شرق المدينة، وحاولت الميليشيا مرارا اختراق الجبهة هناك والتقدم إلى وسط المدينة أو استعادة ما فقدته من مواقع سابقة إلا أنها فشلت».
ومن جانبه، ثمن الرئيس عبد ربه منصور هادي ما يقدمه أبناء تعز. وأكد أن «نصر الحالمة تعز على الميليشيا قادم لا محالة، وستنتصر تعز وأبناؤها على كل المؤامرات والمشاريع الضيقة، والمصالح الشخصية».
في المقابل، تفاوتت آراء الأهالي في محافظة تعز، حول الوضع الراهن الذي ستشهده المحافظة خلال الأيام المقبلة، خصوصا بعدما قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أبلغه بقبول الحوثيين تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216». بالإضافة إلى ما قاله المبعوث الأممي لليمن إن المفاوضات الجديدة في النصف الثاني من الشهر المقبل تهدف إلى التوصل إلى اتفاقية مكثفة من النزاع واستئناف الحوار السياسي الشامل، استنًادا إلى القرار الأممي «2216»، وبأن هذه المفاوضات ستكون مباشرة وجها لوجه بين الطرفين، فمنهم من يرى بأنه سيكون هناك تصعيد، وعدد قليل من يرى غير ذلك.
ويقول الناشط الحقوقي درهم الصلاحي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «سيكون هناك تصعيد خلال الأيام القادمة، خصوصا مع اشتداد المواجهات العنيفة في مختلف جبهات تعز.. لكن الميليشيات الانقلابية ستستثمر كل اتفاق وكل تهدئة، ليرتبوا صفوفهم وينقضوا على ما تبقى.. المبشرات العكسية لهذا الاتفاق ازدياد الإمدادات للميليشيات الانقلابية لتدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة في تعز، ومحاولتهم بشتى السبل استرداد ما تمكنت المقاومة من تحريره».
ويقول المحلل السياسي الدكتور فيصل علي، لـ«الشرق الأوسط»: «يلعب صانعو السياسات أدوارا مهمة وقت الحروب، وتعد مكملة لعمل الجيوش، والسياسي الذي يلعبها صحيحا يؤدي دورا أكبر من فعل الجيش»، ولذا «لا بد لكل عمل عسكري من عمل سياسي مساوٍ له في الجهد موازٍ له في الاتجاه، وبأن الاتفاقيات والمفاوضات والتسويات وقت الحرب كلها جهود تستخدمها القوى السياسية والحكومات لفرض رأي المنتصر على المهزوم تكميلا لعمل الجيش والمحاربين في الميدان».
وعلى الصعيد الميداني، سقط العشرات من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح بين قتيل وجريح، جراء المواجهات مع قوات الشرعية في مختلف الجبهات، وجراء غارات التحالف على مواقع وتجمعات الميليشيات في مناطق مختلفة من مدينة تعز وأطراف المدينة. وأفاد شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، بأن غارات طيران التحالف استهدفت مواقع وتجمعات الميليشيات في مناطق عدة من بينها تجمعات في مفرق شرعب والربيعي، غرب المدينة، وغارات دمرت دبابة للميليشيا في شارع الستين شمال مدينة تعز، وتجمعات أخرى في منطقة حذران بالقرب من اللواء 35 غرب مدينة تعز، وغارات على معسكر جبل العلا بالحوبان شرق المدينة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.