قوات نظام الأسد على مشارف تدمر.. بدعم جوي روسي

ناشطون روس يؤكدون مقتل عسكري سادس لموسكو في سوريا

سوري أصيب في القصف الذي تعرض لها حيه يتمشى مع طفلته في منطقة بردى بدمشق (أ.ف.ب)
سوري أصيب في القصف الذي تعرض لها حيه يتمشى مع طفلته في منطقة بردى بدمشق (أ.ف.ب)
TT

قوات نظام الأسد على مشارف تدمر.. بدعم جوي روسي

سوري أصيب في القصف الذي تعرض لها حيه يتمشى مع طفلته في منطقة بردى بدمشق (أ.ف.ب)
سوري أصيب في القصف الذي تعرض لها حيه يتمشى مع طفلته في منطقة بردى بدمشق (أ.ف.ب)

وصلت قوات النظام السوري أمس الأربعاء إلى مشارف مدينة تدمر الصحراوية التاريخية في ريف محافظة حمص التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» المتطرف منذ مايو (أيار) 2015. وتستعر الاشتباكات العنيفة في محيط تدمر بالتزامن مع حملة غارات جوية للطيران الحربي الروسي دعمًا لقوات الأسد، في وقت أفادت فيه مجموعة من المدوّنين الروس بأن عسكريًا روسيًا سادسًا قتل في العملية العسكرية التي تنفذها بلاده في سوريا خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، لكن وفاته لم تعلن رسميًا.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» ووكالة أنباء «سانا» السورية الرسمية أفادا بأن قوات النظام والميليشيات الحليفة تقدمت على حساب مقاتلي تنظيم «داعش» ليصبحوا على مشارف المدينة التاريخية. وأشار «المرصد» إلى أن الاشتباكات احتدمت حول المدينة بعدما سيطرت قوات النظام على معظم أجزاء جبل قريب بدعم جوي من طائرات حربية روسية وسورية.
من جانبها، نقلت وكالة «سانا» عن مصدر عسكري نظامي قوله إن «الجيش وميليشيا متعاونة معه حققا تقدمًا على التلال المحيطة بتدمر وعلى مفترق طرق بعد القضاء على آخر تجمّعات إرهابيي (داعش) فيها». وقال جندي سوري للتلفزيون المحلي في بث مباشر من محيط تدمر إن القوات النظامية تقف الآن على مسافة تقل عن كيلومتر واحد من المدينة وتأمل في استعادتها خلال ساعات من قبضة مقاتلي «داعش». وأوضح الجندي أن القوات على بعد 850 مترًا من تدمر، وأنها ستعلن خلال ساعات تأمين المدينة بالكامل. ويحاول الجيش النظامي راهنًا استعادة تدمر لفتح طريق إلى محافظة دير الزور بشرق سوريا التي يسيطر التنظيم المتطرف على معظم أنحائها. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توقع أن تستعيد قوات الأسد السيطرة على تدمر قريبًا.
في هذا الوقت، قالت مجموعة من المدونين الروس إن جنديا روسيا سادسا قتل في العملية العسكرية التي تنفذها بلاده في سوريا في شهر فبراير الماضي لكن وفاته لم تعلن رسميا.
من جهة ثانية، أوضح المدوّنون الروس الذين يراقبون حملة بلادهم في سوريا ويعملون تحت اسم «فريق مراقبة الصراع»، على موقعهم الإلكتروني أن سيرغي تشوبوف (51 سنة) وهو ضابط بقوات وزارة الداخلية الروسية، قتل في سوريا يوم 8 فبراير الماضي، ودفن في حي بالاشيخا بالعاصمة الروسية موسكو.
يذكر أن روسيا اعترفت حتى الآن بمقتل 5 فقط من أفراد قوات الأمن المشاركين في العملية في سوريا. وكان الرئيس الروسي بوتين قد أمر أخيرًا بسحب القسم الأكبر من قواته من سوريا، قائلا إنها «حققت معظم أهدافها هناك».
على صعيد آخر، بالنسبة للتطورات الميدانية، أفاد «مكتب أخبار سوريا» بسيطرة فصائل المعارضة ليل الثلاثاء – الأربعاء على قريتي تل بطال والأحمدية المحاذيتين للشريط الحدودي مع تركيا في ريف محافظة حلب الشمالي في أعقاب اشتباكات مع تنظيم «داعش» وبدعم من المدفعية التركية وطيران التحالف الدولي، غير أن التنظيم تمكن بعد بضع ساعات من استعاد السيطرة على القريتين المذكورتين. وذكرت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» أن مسلحي التنظيم تصدّوا لهجوم كتائب المعارضة على أربع قرى هي تل البطال والأحمدية والعزاتية والطوقلي، حيث هاجم مسلح من التنظيم بسيارة مفخخة تجمعًا للمعارضة في العزاتية مما أسفر عن مقتل كثير من مسلحي المعارضة، وأجبر الباقين على التراجع.
أما في جنوب سوريا، على جبهة الغوطة بمحيط العاصمة دمشق، فقد تصدى مقاتلو المعارضة، بحسب «شبكة الدرر الشامية» لمحاولة تقدُّم جديدة لقوات نظام الأسد في منطقة المرج بالغوطة الشرقية، موقعين قتلى وجرحى في صفوفهم. وذكرت مصادر ميدانية أن المقاتلين المعارضين يخوضون «معارك طاحنة» للتصدي للحملة العسكرية التي تشنها قوات الأسد على منطقة المرج بالغوطة الشرقية وتركزت على جبهة بلدة بالا ومحيطها، بالتزامن مع قصف مدفعي وغارات جوية كثيفة؛ إذ نفذ الطيران الحربي نحو 20 غارة جوية استهدف خلالها بلدة ‫‏بالا وأطراف بلدة ‫‏جسرين، إضافة لغارتين على بلدة ‏زبدين.‬‬‬
وفي وسط البلاد، تحدث «مكتب أخبار سوريا» عن استهداف الطيران الحربي النظامي، قرى مسعود ورسم العوابد وعطشان وسرحا الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماه الشرقي، وبلدة كفرنبودة في الريف الشمالي. وقال الناشط الإعلامي المعارض أحمد الخلف، إن القصف أدى إلى مقتل رجل وزوجته وجرح 3 أطفال في قرية مسعود، ومقتل 3 مدنيين وجرح آخرين في رسم العوابد، وإصابة عدد من المدنيين في عطشان. وأكد الخلف أن المناطق المستهدفة خالية من أي مقرات أو عناصر من «جبهة النصرة» أو تنظيم «داعش»، اللذين لم يشملهما قرار مجلس الأمن لوقف الأعمال العدائية في سوريا، الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 من الشهر الماضي.
وفي ريف محافظة اللاذقية، بشمال غربي سوريا، قصفت قوات النظام براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، قريتي أوبين واليمضية الخاضعتين لسيطرة المعارضة في ريف المحافظة الشمالي والطرق المؤدية إليهما، واستهدفت بست غارات جوية مقر الدفاع المدني المعارض في قرية اليمضية، ما أدى لدمار عدة سيارات ومعدات إنقاذ وإطفاء تابعة له، كما طالت الغارات جبل التفاحية وقرية كبانة والتلال المحيطة بهما.
أما في محافظة طرطوس المجاورة، والخاضعة أيضًا لسيطرة النظام، فشيعت القوات الحكومية أول من أمس 11 قتيلاً من عناصرها في موكب جماعي وسط إطلاق نار كثيف في الهواء. وأوضح ناشطون معارضون في مدينة طرطوس، عاصمة المحافظة، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن القتلى من أبناء المدينة ومن القرى المحيطة بها، وكانوا قد نقلوا من مشفى «الباسل» في المدينة إلى مثواهم الأخير، تزامنًا مع انتشار أمني كثيف وحضور عدد كبير من ذويهم ومن أهالي المدينة في التشييع.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».