لماذا تحرص روسيا على إنجاح اتفاقية تجميد إنتاج النفط؟

قطر ترسل دعوات لدول «أوبك» إلى اجتماع الدوحة.. وليبيا ترفض الحضور

ترقب واسع لاجتماع مصدري النفط الشهر المقبل في العاصمة القطرية الدوحة (رويترز)
ترقب واسع لاجتماع مصدري النفط الشهر المقبل في العاصمة القطرية الدوحة (رويترز)
TT

لماذا تحرص روسيا على إنجاح اتفاقية تجميد إنتاج النفط؟

ترقب واسع لاجتماع مصدري النفط الشهر المقبل في العاصمة القطرية الدوحة (رويترز)
ترقب واسع لاجتماع مصدري النفط الشهر المقبل في العاصمة القطرية الدوحة (رويترز)

يبدو أن موسكو حريصة على أسعار النفط الآن أكثر من أي وقت مضى. فبالأمس أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفيًا بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تناول التطورات الأخيرة في سوق النفط.
وقال الناطق بلسان الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، ردًا على سؤال بشأن ما إذا تناول الاتصال الهاتفي بين رئيس روسيا وأمير دولة قطر نية قطر لاستضافة اجتماع جديد لمنتجي النفط: «نعم، جرى تناول هذا الموضوع».
وتسعى روسيا الآن لإنجاح اتفاقية تجميد الإنتاج بين منتجي النفط بحرص شديد وواضح، وجهود في التنسيق للاتفاق هي أكبر من جهود غالبية المنتجين بمن فيهم السعودية، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد روسيا.
إذ إن المسؤولون الروس، وعلى رأسهم بوتين، بذلوا الكثير من الخطوات من أجل دعم الاتفاق المبدئي بين السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر الشهر الماضي لتجميد الإنتاج عند مستوى يناير (كانون الثاني).
وكانت أولى الخطوات هي اجتماع الرئيس الروسي مع رؤساء الشركات النفطية الروسية الشهر الماضي للتأكد من رغبتهم في تجميد إنتاجهم. ثم حاولت روسيا إقناع دول «أوبك» أن يقام اجتماع المنتجين المقبل في سان بطرسبرغ، ولكن البوصلة في الأخير تحولت إلى الدوحة بسبب رئاسة قطر هذا العام للمؤتمر الوزاري للمنظمة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قام وزير الطاقة الروسي إلكساندر نوفاك بالكثير من الاتصالات مع المنتجين من أجل التنسيق لحضورهم إلى الاجتماع.
ولكن ما الذي جعل روسيا تتنازل قليلا عن «كبريائها» وتغير من موقفها تجاه السوق والأسعار وتكون أول المبادرين لإنجاح هذا الاتفاق، وهي التي كان المسؤولون يصرحون فيها بأنهم لن يقوموا بعمل شيء وسيتركون السوق لتصحح نفسها؟
الإجابة عن هذه السؤال تكمن في وضع الاقتصاد الروسي الذي يعتمد هو أيضًا على النفط بشكل أكبر من باقي دول مجموعة السبع. فبحسب الإحصاءات الفيدرالية الرسمية الصادرة أول من أمس، ارتفع عدد الذين يمكن تصنفيهم كفقراء في روسيا بنحو 3.1 مليون شخص العام الماضي، ليصل إجمالي العدد إلى 19.2 مليون شخص. وهو أعلى معدل منذ عام 2006.
وحتى على مستوى الأجور، يعاني الروس حاليًا بشكل كبير، فمعدل الأجور الحقيقية انخفض العام الماضي بنحو 2.6 في المائة عن العام الذي سبقه، وسط ركود للاقتصاد الروسي للعام الثاني على التوالي.
ورغم أن العملة الروسية تحسنت كثيرًا العام الحالي، وازدادت قوتها أمام الدولار مقارنة بالعام الماضي وأواخر 2014، فإن الاقتصاد لا يزال يواجه مشكلة في ثقة المستهلكين وفي الاستثمارات، بحسب ما أوضحه وزير الاقتصاد الروسي إلكسي أوليوكاييف الأسبوع الماضي.
وبالأمس، أوضح أوليوكاييف في مقابلة صحافية أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا انكمش بنسبة 2.7 في المائة في فبراير (شباط)، مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي.
وقال أوليوكاييف أيضًا إنه إذا بلغ متوسط أسعار النفط هذا العام 40 دولارا للبرميل فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيكون بين صفر في المائة و - 0.5 في المائة.
ويقول المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الرمادي في تعليق على الوضع الروسي: «الحكومة لا يمكن أن تستمر في المقامرة والاستمرار في لعب الروليت الروسي، وترك أسعار النفط تهبط دون أن يكون لها قاع. كل الدول تعاني وكل الدول تريد أن ترى قاعًا لأسعار النفط. واتفاقية تجميد الإنتاج قد لا ترفع أسعار النفط كثيرًا، ولكنها بالتأكيد وضعت لها قاع رأيناه كلنا في الأسابيع الماضية».
ويبدو أن السوق كلها أصبحت على قناعة أن أسعار النفط في 2016 وجدت القاع بعد أن كانت المصارف الكبرى مثل «غولدمان ساكس» و«سيتي بنك» تقول قبل توصل الدول المنتجة إلى اتفاق لتجميد الإنتاج، إن القاع في النصف الأول سيكون في مستوى عشرين دولار.
وأول من أمس، أوضح الأمين العام لمنظمة «أوبك» الليبي عبد الله البدري أنه يتوقع صعود أسعار النفط بصورة معتدلة هذا العام إذ إنها وصلت إلى القاع.
وذكر البدري أن السوق النفطية ما زالت تعاني من تخمة إذ إن المخزونات الحالية في مستوى 300 مليون برميل يوميًا فوق متوسط الخمس سنوات، ولكنه توقع أن تتوازن السوق مع الوقت وسيبدأ المخزون في الانخفاض.
وفي بيان الأسبوع الماضي، أعلن وزير الطاقة القطري محمد السادة الذي يشغل أيضًا منصب رئيس «أوبك» في الوقت الحالي أن الاتفاقية المبدئية لتجميد الإنتاج بين كل من السعودية وقطر وروسيا وفنزويلا كانت مهمة، إذ إنها أسهمت في وضع أرضية لأسعار النفط منذ أن تم الإعلان عنها.
وليست «أوبك» وحدها التي تتفاءل حيال الأسعار، بل إن رئيس شركة أرامكو السعودية أمين الناصر أوضح، أول من أمس، في بكين أنه يتوقع صعود الأسعار مع نهاية العام الحالي، ولكنها لن تعود إلى مستويات عامي 2013 و2014 عندما كانت تتداول فوق 100 دولار في الغالب.
وقالت وزارة الطاقة القطرية أمس إن الدوحة دعت جميع الدول الأعضاء في «أوبك» وبعض كبار المنتجين من خارجها لحضور مباحثات بشأن اتفاق لتثبيت الإنتاج عند مستويات يناير لدعم سوق النفط العالمية.
ومن المنتظر أن يجتمع أعضاء «أوبك» ومنتجو النفط الأساسيون الآخرون في العاصمة القطرية الدوحة يوم 17 أبريل (نيسان)، لمناقشة تحقيق استقرار الأسعار من خلال تثبيت الإنتاج.
وقالت الوزارة في خطاب الدعوة إن الحاجة لاستعادة التوازن إلى السوق والانتعاش إلى الاقتصاد العالمي باتت أمرًا ملحًا.
وأكدت إيران أنها ستزيد إنتاجها عقب رفع العقوبات الغربية في يناير الماضي، وأنها لن تثبت الإنتاج. لكن مصادر في «أوبك» سبق أن أوضحت لـ«الشرق الأوسط» إن دول الخليج الأعضاء في المنظمة تدعم الاتفاق حتى لو رفضت طهران المشاركة.
وكان أمين عام «أوبك» البدري قد أوضح، أول من أمس، أن هناك نحو 15 إلى 16 دولة ستحضر الاجتماع، وهو تأكيد لما سبق ونشرته «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي حول أعداد الدول المشاركة. ولكنه قال إنه ليس كل الدول الأعضاء في «أوبك» ستحضر للاجتماع.
وأوضح البدري أنه من الضروري أن يتكاتف الجميع من داخل «أوبك» وخارجها لإعادة الاستقرار إلى السوق، إذ إن «أوبك» بمفردها غير قادرة على إعادة التوازن له.
وكانت ليبيا هي أولى الدول التي أبدت عدم رغبتها في حضور الاجتماع إذ نقلت وكالة بلومبيرغ عن مصدر ليبي في «أوبك» بالأمس، أن ليبيا لا تنوي حضور اجتماع الدوحة القادم، لأنها تريد زيادة الإنتاج عندما يسمح الوضع بذلك.



«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
TT

«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2025 إلى 4.2 في المائة من 4 في المائة، حيث توقعت استقرار ظروف الائتمان، وأن تؤدي جهود التحفيز التي بذلتها بكين منذ سبتمبر (أيلول) إلى التخفيف من بعض التأثيرات المحتملة للزيادات في التعريفات الجمركية الأميركية.

في المقابل، أظهرت بيانات وزارة المالية أن الإيرادات المالية للصين في أول 11 شهراً من عام 2024 انخفضت 0.6 في المائة مقارنة بالعام السابق، مما يمثل تحسناً طفيفاً عن الانخفاض بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول). من ناحية أخرى، نما الإنفاق المالي بنسبة 2.8 في المائة في الفترة نفسها، مقارنة بزيادة قدرها 2.7 في المائة في أول 10 أشهر من العام.

نمو صناعي وتراجع استهلاكي

كما شهد الناتج الصناعي في الصين نمواً طفيفاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما جاءت مبيعات التجزئة مخيبة للآمال، مما عزز الدعوات إلى زيادة التحفيز الذي يركز على المستهلكين. وتعكس البيانات المتباينة التحديات الكبيرة التي يواجهها قادة الصين في تحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام قبل عام 2025 في وقت قد تشهد فيه العلاقات التجارية مع أكبر سوق تصدير للصين تدهوراً، في حين يبقى الاستهلاك المحلي ضعيفاً، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

وأوضح المحللون أن تعهد ترمب بفرض تعريفات تصل إلى 60 في المائة على السلع الصينية قد يدفع بكين إلى تسريع خططها لإعادة التوازن إلى اقتصادها البالغ حجمه 19 تريليون دولار، وهو ما يعكس أكثر من عقدين من النقاشات حول التحول من النمو المدفوع بالاستثمار في الأصول الثابتة والصادرات إلى نموذج اقتصادي يعتمد بشكل أكبر على الاستهلاك.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج الصناعي نما بنسبة 5.4 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى نمو قدره 5.3 في المائة. ومع ذلك، سجلت مبيعات التجزئة، التي تعد مقياساً رئيساً للاستهلاك، أضعف زيادة لها في ثلاثة أشهر بنسبة 3 في المائة، وهو ما جاء أقل من الارتفاع المتوقع بنسبة 4.6 في المائة، وأقل من معدل النمو في أكتوبر البالغ 4.8 في المائة.

وأشار دان وانغ، الخبير الاقتصادي المستقل في شنغهاي، إلى أن السياسات الاقتصادية الصينية كانت تروج بشكل مستمر للمصنعين على حساب المستهلكين، على الرغم من مؤشرات الضعف المستمر. وأضاف أن بكين قد تتجه نحو تعزيز القدرة الإنتاجية، مما قد يفاقم مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية، ويحفز الشركات الصينية للبحث عن أسواق جديدة خارجية.

كما شهد الاستثمار في الأصول الثابتة نمواً أبطأ بنسبة 3.3 في المائة في الفترة بين يناير ونوفمبر، مقارنة بتوقعات كانت تشير إلى نمو بنسبة 3.4 في المائة.

وفيما يتعلق بالسياسات المستقبلية، عبر صناع السياسات عن خططهم لعام 2025، مع الأخذ في الاعتبار أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض قد تضع ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد الصيني. وقال مسؤول في البنك المركزي الصيني إن هناك مجالاً لمزيد من خفض الاحتياطيات النقدية، رغم أن التيسير النقدي السابق لم يحقق تعزيزاً كبيراً في الاقتراض.

من ناحية أخرى، يواصل قطاع العقارات معاناته من أزمة طويلة الأمد تؤثر على ثقة المستهلكين، حيث تُعد 70 في المائة من مدخرات الأسر الصينية مجمدة في هذا القطاع. وفي الوقت نفسه، لا يزال من المبكر الحديث عن تعافٍ حقيقي في أسعار المساكن، رغم وجود بعض الإشارات المشجعة مثل تباطؤ انخفاض أسعار المساكن الجديدة في نوفمبر.

وفي إطار هذه التطورات، أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الصين ستعزز من النمو المستدام في دخل الأسر خلال عام 2025 من خلال تكثيف الدعم المالي المباشر للمستهلكين، وتعزيز الضمان الاجتماعي. وقد حددت الصين توسيع الطلب المحلي بصفته أولوية رئيسة لتحفيز النمو في العام المقبل، في ظل استمرار التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع العقارات المتضرر من الأزمة، والتي تعرقل الانتعاش الكامل.

ونقلت الوكالة عن مسؤول في اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية قوله إن الصين ستزيد بشكل كبير من الأموال المخصصة للسندات الخاصة طويلة الأجل في العام المقبل، لدعم الترقيات الصناعية، وتعزيز نظام مقايضة السلع الاستهلاكية، بهدف تحفيز الاستهلاك. وأوضحت أن هذه الخطوات ستتركز على تعزيز دخل الأسر من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على الاستهلاك، وتحسين الضمان الاجتماعي، وخلق مزيد من فرص العمل، وتطوير آليات نمو الأجور، بالإضافة إلى رفع معاشات التقاعد للمتقاعدين، ودعم التأمين الطبي، وتنفيذ سياسات تهدف إلى تشجيع الإنجاب.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة «شينخوا»: «من خلال متابعة الوضع الاقتصادي الحالي، نتوقع أن يكون النمو الاقتصادي السنوي نحو 5 في المائة». كما توقع المسؤول أن تشهد سوق الإسكان مزيداً من الاستقرار، ودعا إلى اتخاذ تدابير سياسية ذات تأثير مباشر على استقرار القطاع العقاري في أقرب وقت، مع منح الحكومات المحلية مزيداً من الاستقلالية في شراء المخزون السكني.

من جانبه، أعرب جوليان إيفانز بريتشارد، رئيس قسم الاقتصاد الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»، عن اعتقاده بأن التحفيز الاقتصادي في نوفمبر من المرجح أن يكون مؤقتاً، مع احتمالية تعافي النمو في الأشهر المقبلة بفضل الدعم السياسي الزائد. ولكنه أشار إلى أن هذا التحفيز لن يحقق أكثر من تحسن قصير الأمد، خاصة أن القوة الحالية للطلب على الصادرات من غير المرجح أن تستمر بمجرد أن يبدأ ترمب في تنفيذ تهديداته بشأن التعريفات الجمركية.

تراجع الأسواق الصينية

وفي الأسواق المالية، انخفضت الأسهم الصينية بعد أن أظهرت البيانات ضعفاً غير متوقع في إنفاق المستهلكين، في حين راهن المستثمرون على مزيد من الدعم السياسي لتحفيز النمو الضعيف. وفي فترة استراحة منتصف النهار، تراجع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية الصينية بنسبة 0.37 في المائة، ليضيف إلى التراجع الذي شهده الأسبوع الماضي بنسبة 1 في المائة.

في المقابل، سجل مؤشر «شنغهاي المركب» ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 3395.11 نقطة. وانخفض قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 1.04 في المائة، في حين خسر مؤشر العقارات 1.41 في المائة وضعف مؤشر الرعاية الصحية الفرعي بنسبة 0.94 في المائة. كما تراجع مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.57 في المائة ليغلق عند 19856.91 نقطة.

وعلى الصعيد الإقليمي، تراجع مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الآسيوية باستثناء اليابان بنسبة 0.20 في المائة، بينما انخفض مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 0.18 في المائة. أما اليوان، فقد تم تسعيره عند 7.2798 مقابل الدولار الأميركي، بانخفاض بنسبة 0.09 في المائة مقارنة بإغلاقه السابق عند 7.2731.