تهريب مجموعة من اليمنيين اليهود سرًا إلى إسرائيل

50 شخصًا من اليهود اليمنيين المتبقين رفضوا الهجرة وفضلوا البقاء في وطنهم

صورة أرشيفية تعود إلى عام 2008 لعدد من الصبية اليمنيين اليهود برفقة مدرسهم عمران سعيد الجرادي (الثاني من اليمين) أمام مدرسة رايدة (أ.ف.ب) - سلمان إشيا (الثاني من اليسار) أحد 19 يهوديا يمنيا جلبوا إلى إسرائيل أمس لدى وصوله إلى مركز استيعاب في بئر السبع (رويترز)
صورة أرشيفية تعود إلى عام 2008 لعدد من الصبية اليمنيين اليهود برفقة مدرسهم عمران سعيد الجرادي (الثاني من اليمين) أمام مدرسة رايدة (أ.ف.ب) - سلمان إشيا (الثاني من اليسار) أحد 19 يهوديا يمنيا جلبوا إلى إسرائيل أمس لدى وصوله إلى مركز استيعاب في بئر السبع (رويترز)
TT

تهريب مجموعة من اليمنيين اليهود سرًا إلى إسرائيل

صورة أرشيفية تعود إلى عام 2008 لعدد من الصبية اليمنيين اليهود برفقة مدرسهم عمران سعيد الجرادي (الثاني من اليمين) أمام مدرسة رايدة (أ.ف.ب) - سلمان إشيا (الثاني من اليسار) أحد 19 يهوديا يمنيا جلبوا إلى إسرائيل أمس لدى وصوله إلى مركز استيعاب في بئر السبع (رويترز)
صورة أرشيفية تعود إلى عام 2008 لعدد من الصبية اليمنيين اليهود برفقة مدرسهم عمران سعيد الجرادي (الثاني من اليمين) أمام مدرسة رايدة (أ.ف.ب) - سلمان إشيا (الثاني من اليسار) أحد 19 يهوديا يمنيا جلبوا إلى إسرائيل أمس لدى وصوله إلى مركز استيعاب في بئر السبع (رويترز)

وصل إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، فجر أمس، مجموعة من يهود اليمن الذين تم تهريبهم في عملية سرية، وصفت بأنها معقدة. وقوام المجموعة 19 شخصا، وصل منهم أمس، 17 وسيصل الباقيان قريبا. وشاركت في عملية التهريب جهات مجهولة، بمساعدة من الوكالة اليهودية العالمية والولايات المتحدة الأميركية. ومن بين أفراد المجموعة، الحاخام سليمان داهري، رجل الدين اليهودي الذي وصل مع والديه وزوجته، والتقى ليلاً أولاده الذين سبقوه إلى إسرائيل. وقد كشف مصدر سياسي في تل أبيب، أن داهري جلب معه كتاب توراة عتيقا عمره نحو 500 عام، مكتوب على جلود حيوان، وتم حفظه طوال مئات السنين كوثيقة أثرية نادرة.
ومع أن السلطات الإسرائيلية فرضت تعتيما شديدا على طريقة تهريب هؤلاء اليهود ومسار خروجهم من اليمن، إلا أن معلومات رشحت عن بعض القوى التي أسهمت في جلبهم، تؤكد أنهم خرجوا متخفين وبـ«خديعة كبيرة». وقد بدأت هجرتهم مع مباشرة الحوثيين احتلال مناطق في قضاء صنعاء، حيث أمروا اليهود بتغيير دينهم واعتناق الإسلام لكي يسلموا من الذبح. في حينه، حماهم نظام علي عبد الله صالح ووفر لهم مساكن حكومية في العاصمة صنعاء. ولكن عندما تحالف صالح مع الحوثيين وباشروا الحرب، خشي اليهود الباقون من تبعات ذلك، وراحوا يفتشون عن طريق للهرب. وراحوا يتنقلون خلال السنوات الأخيرة من مكان إلى آخر، إلى أن تمكنوا من عبور الحدود البحرية بوساطة أميركية، ومن هناك إلى دولة أخرى ثالثة، ثم طاروا بعدها إلى إحدى دول أوروبا، ومنها إلى إسرائيل.
وقد حاولت إسرائيل تهجير جميع من تبقى من يهود اليمن، إلا أن نحو 50 شخصا رفضوا الفكرة، وأعلنوا أنهم سيظلون في وطنهم اليمني ولا يجدون أي ضرورة للهجرة إلى إسرائيل.
وكان من بين أبرز العاملين على الاتصال بالجهات المعنية لتنظيم عملية هربهم، نائب وزير شؤون التطوير الإقليمي في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، أيوب قرا، الذي استقبل المجموعة في مطار تل أبيب فجر أمس. وقرا، الذي ينتمي لحزب الليكود الحاكم، معروف بعلاقاته الواسعة في سوريا والعراق. وقد رفض التعقيب على الموضوع، واكتفى بالقول إنه أخذ على عاتقه مهمة تهجير يهود اليمن منذ نحو سنتين، حينما توجه إليه أقاربهم في إسرائيل. وقال إن رب عائلة معروفا من يهود اليمين، أهرون زنداني، قتل قبل نحو أربع سنوات لكونه يهوديا، وقد عاشت عائلته في رعب دائم، واليوم وصل خمسة منهم إلى إسرائيل، وانضموا إلى اثنين من أفراد العائلة اللذين سبق وأن هاجرا سرا إلى إسرائيل السنة الماضية.
وروى مصدر في الوكالة اليهودية بأن وزارة الخارجية الأميركية وجهات أميركية حكومية أخرى، شاركت في هذه العملية السرية أيضًا، وساعدت على تنسيق عملية النقل المُعقدة.
يذكر أن هذه ليست العملية السرية الأولى التي تتم على الأراضي اليمنية في السنوات الأخيرة. ففي عام 2013، تم استقدام مجموعة مكونة من 20 قادمًا جديدًا من اليمن ضمن عملية تمويه، من خلال دولة ثالثة، على أثر مقتل شخصين من الجالية اليهودية في الدولة - وتم نقلها إلى المدينة الجنوبية في إسرائيل، بئر السبع. وفي عالم 2009، حطت في إسرائيل مجموعة مُكونة من 10 قادمين جدد من اليمن. وتعود أسباب مغادرة اليهود لليمن، إلى فقدان الأمان من جراء الحرب الأهلية العنيفة الدائرة هناك، وكذلك من التعامل السيئ لبعض قوى الإسلام السياسي.
والمعروف أن نحو 51 ألف يهودي يمني هاجروا إلى إسرائيل منذ إقامتها. معظمهم قدموا في العامين 1949 و1950. وقد ترافقت هجرتهم، آنذاك، مع عملية خطف بشعة للأطفال، تحولت إلى فضيحة كبرى للحركة الصهيونية. فقد اكتشفت عصابة يهودية إسرائيلية تخطف الأطفال من عائلاتهم المسكينة القابعة في أحياء ومعابر فقيرة جنوبي إسرائيل، ثم تبيعهم للعائلات الغنية القادمة من أوروبا. وقد أقيمت لجنة تحقيق رسمية في الموضوع، تعمل منذ عشرات السنين، ولم تتوصل بعد إلى نتائج شافية، علما بأن كثيرا من أمهات هؤلاء الأطفال متن تحسرا على أولادهن ولم يعرفن مصيرهم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.