ليبيا: طرابلس مرشحة لمعارك عنيفة بالتزامن مع عودة حكومة السراج

ميلشيات مصراتة تستعد للسيطرة على المدينة

ليبي يقف وسط الدمار الذي لحق بإحدى البنايات في طرابلس خلال مواجهات أمس (رويترز)
ليبي يقف وسط الدمار الذي لحق بإحدى البنايات في طرابلس خلال مواجهات أمس (رويترز)
TT

ليبيا: طرابلس مرشحة لمعارك عنيفة بالتزامن مع عودة حكومة السراج

ليبي يقف وسط الدمار الذي لحق بإحدى البنايات في طرابلس خلال مواجهات أمس (رويترز)
ليبي يقف وسط الدمار الذي لحق بإحدى البنايات في طرابلس خلال مواجهات أمس (رويترز)

اندلعت أمس اشتباكات بين جماعتين مسلحتين متنافستين في وسط العاصمة الليبية طرابلس، مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين، فيما نفت قوة الردع الخاصة الموالية لحكومة طرابلس غير الشرعية علاقتها بهذه الاشتباكات.
وتوقعت مصادر أمنية وسياسية في العاصمة الليبية لـ«الشرق الأوسط» تصاعد وتيرة هذه الاشتباكات، فيما وصفته بـ«البروفة» قبل تمكن حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، برئاسة رجل الأعمال الطرابلسي، من دخول المدينة.
وكشفت المصادر ذاتها النقاب عن أن تجارب غير معلنة لتنفيذ الخطة الأمنية المقترحة لتأمين دخول حكومة السراج تجرى منذ نحو أسبوعين على الأقل في طرابلس، مشيرة إلى أن هذه الحكومة نجحت في استمالة غالبية الميلشيات المسلحة هناك و«شراء ولائها».
وتحتشد قوات أمنية وعسكرية من مصراتة، الداعمة للسراج، على تخوم المدينة في انتظار لحظة انطلاقها للسيطرة على كل المرافق الحيوية بالمدينة، وذلك بالتزامن مع وصول طائرة خاصة تقل الحكومة الجديدة من تونس.
إلى ذلك، قال شهود عيان ومصادر أمنية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات التي جرت أمس، والتي استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والخفيفة دارت بين ميليشيات قادمة من مدينة مصراتة لتأمين عودة حكومة السراج في محيط معسكر 77 سابقا بين قوة المعسكر، وقوة أخرى تابعة للأمن المركزي. وقد لقي أحد عناصر الفرقة السادسة التابعة لقوات الردع الخاصة، التي يرأسها القيادي المتطرف عبد الرؤوف كارة، لدى مهاجمتها لمواقع بالكتيبة 77 للواء الصمود القادم من مصراتة.
ولاحقا انتقلت الاشتباكات إلى شارع الزاوية، حيث أظهرت لقطات مصورة من سكان محليين، احتراق عدد من السيارات، بينما كان صوت الانفجارات وإطلاق الرصاص يدوي في المنطقة. وقال شهود إن الاشتباكات التي خلفت عددا من السيارات المحترقة في الشوارع بين منطقتي زاوية الدهماني وباب العزيزية، انتهت بعد نحو ساعة قبل عودة الهدوء للعاصمة. وتصاعدت أدخنة سوداء فوق المنطقة وشوهدت مركبات عسكرية تنفذ دوريات في الشوارع المجاورة.
لكن قوات الردع الخاصة نفت في بيان رسمي، نشرته صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، علاقتها بما حدث في وسط طرابلس، مشيرة إلى أن مقرها المعروف بقاعدة أمعيتيقة لم تخرج منه أي سيارة أو فرد، وقالت إن «القوة التي خرجت هي من الفرقة السادسة التابعة للأمن المركزي، وعلى أي فرد من أفراد القوة موجود في هذه الاشتباكات عليه أن يتحمل مسؤولية نفسه».
إلى ذلك، أعلن الجيش الليبي، بقيادة الفريق خليفة حفتر، مسؤوليته عن قصف ناقلة بحرية قادمة من مدينة مصراتة، محملة بعدد كبير من الدبابات والعربات المصفحة كانت قادمة كدعم لما تبقى من الجماعات الإرهابية داخل مدينة بنغازي. وقال الجيش في بيان له مرفوق بلقطات فيديو مصورة لعملية رصد الناقلة قبل قصفها، إنه تم أيضًا استهداف زوارق بحرية تحتوي على رادارات كانت قادمة لتمهيد الطريق لهذه الناقلة.
وأقر العميد عبد السلام الحاسي، آمر غرفة عمليات الكرامة بمسؤولية الجيش عن هذه الغارة الجوية، وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية إن «سلاحنا الجوي أغرق قبالة شواطئ مدينة بنغازي العوامة البحرية (ماعون) والقادمة من غرب ليبيا».
ونقلت قناة «النبأ» المحلية الموالية للمتطرفين عن مقاتل بمجلس شورى ثوار بنغازي المتطرف والمناوئ للجيش أن قطعة بحرية تابعة للمجلس تعرضت لهجوم مسلح داخل المياه الإقليمية الليبية، بينما كانت تتجهز للدخول إلى ميناء المريسة البحري.
إلى ذلك، أعلن الجيش الليبي عثوره على مقبرة جماعية تحوي 11 جثة أثناء تمشيط محيط مصنع الإسمنت بمنطقة الهواري غرب بنغازي، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة كانت تحت إمرة الميليشيات التابعة لمجلس شورى ثوار بنغازي.
ومن جهته، أعلن السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني أن رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، الذي التقاه أول من أمس، أعرب له عن دعم تونس «الكامل واللامحدود» للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني. وقال مكتب السراج في بيان له إن اللقاء الذي جاء بدعوة من الصيد، وحضره وزير الخارجية التونسي خميس الجيهناوي، تطرق إلى بحث أوجه التنسيق بين الحكومة التونسية وحكومة الوفاق الوطني في مجال «مكافحة الإرهاب، وحفظ الأمن القومي لكلا البلدين، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».