من يستطيع فك شفرة ليستر السرية؟

بعد مرور 8 أشهر على انطلاق الدوري الإنجليزي ما زال الفريق يمثل لغزًا محيرًا

داني درينكووتر يقود النحل العامل  داخل خلية ليستر سيتي (رويترز)
داني درينكووتر يقود النحل العامل داخل خلية ليستر سيتي (رويترز)
TT

من يستطيع فك شفرة ليستر السرية؟

داني درينكووتر يقود النحل العامل  داخل خلية ليستر سيتي (رويترز)
داني درينكووتر يقود النحل العامل داخل خلية ليستر سيتي (رويترز)

التساؤل الذي يفرض نفسه على كبار أندية الدوري الإنجليزي الممتاز الآن، كيف يمكن التفوق على ليستر سيتي بقيادة المدرب كلاوديو رانييري بعد أن تمكن حتى الآن في تصدر البطولة بهذا المستوى المذهل من الأداء؟
كيف يمكن وقف قطار ليستر سيتي السريع؟ حتى هذه اللحظة، وبعد مرور ثمانية أشهر على انطلاق الدوري الممتاز، ما يزال ليستر سيتي لغزًا محيرًا يصعب على الجميع فك طلاسمه، رغم أن الجميع أصبح يألف الآن أسماء نجومه وحيلهم ومهاراتهم، التي أبرزها ضراوة الهجمات المرتدة للفريق. ورغم هذا، ما يزال أبناء رانييري أشبه بشفرة سرية محكمة تأبى كشف أسرارها. المذهل أن ليستر سيتي مني بثلاث هزائم فقط على امتداد مسيرته الموسم الحالي بالدوري الممتاز - وخضعت واحدة منها فقط، وهي خسارته بخمسة أهداف مقابل هدفين أمام آرسنال في سبتمبر (أيلول)، للتحليل الدقيق.
إذن يبقى التساؤل: كيف يمكن هزيمة هذا الفريق الذي لا يهزم؟ كان هذا هو التساؤل الذي طرحه دان ألتمان - الخبير الاقتصادي المتخرج في جامعة هارفارد من خلال دراسة أجرتها شركة «نورث يارد أناليتيكس» التي يعمل بها والتي تتعاون مع عدد من أندية الدوري الممتاز. وخلال مؤتمر التحليلات الرياضية الذي يستضيفه معهد ماساتشوستس للتقنية الذي يعقد في شهر مارس (آذار) من كل سنة،، شرع ألتمان السبت الماضي في طرح رؤيته الخاصة بالنسبة لإجابة هذا التساؤل. وفي حديثه أمام حشد من الجمهور، بدأ تحليله على النحو التالي: «كلما زاد معدل تمرير ليستر سيتي للكرة، قل عدد الأهداف التي يسجلها». وقد علم ألتمان ذلك لأنه حلل كل لعبة هجومية بدأها ليستر سيتي من داخل نصف الملعب الخاص به خلال هذا الموسم.
وقد شمل ذلك تفحص إجمالي طول التمريرات في كل حركة هجوم، علاوة على ما إذا كان الاستحواذ أدى لتصويب كرة باتجاه المرمى ومدى جودة الفرصة التي أثمرها. والمثير أن هذا التحليل مكنه من تقدير مدى مباشرة الهجمات التي يشنها ليستر سيتي مقارنة بالفرق الأخرى - وكيف تؤثر سرعة تنفيذ الهجمات على خلق الفرص لإحراز أهداف. وجاءت النتائج التي خلص إليها ألتمان مذهلة. أولاً: نجح لاعبو ليستر سيتي في خلق فرص أفضل كثيرًا عندما كانوا يتحركون باتجاه مرمى الخصم مباشرة. وعليه، فإنهم مثلاً إذا استحوذوا على الكرة على مسافة 80 ياردة من المرمى، فإن معدل الأهداف المتوقعة مقابل الاستحواذ يأتي في أعلى مستوياته عندما كان يجري تمرير الكرة لما بين 80 و120 ياردة قبل التصويب على المرمى. ويعني ذلك أن فرصهم تصبح في أفضل مستوياتها عندما يتبعون أسلوبًا مباشرا في اللعب. أما عندما يتبعون أسلوبًا أكثر تحفظًا، مثل آرسنال أو مانشستر سيتي، فإن فرصهم في تسجيل هدف تتضاءل بشدة عن الفرق الأخرى القريبة من ترتيبهم بالدوري الممتاز.
كما كشفت البيانات عن أمر آخر، وهو أن داني درينكووتر ونيغولو كانتي يعتبران بمثابة رئيسا النحل العامل داخل خلية ليستر سيتي، حيث يتوليان حماية اللاعبين الأربعة في خط الظهر، بينما يتقدمان من حين لآخر نحو منتصف الملعب. وبالطبع لا يأتي هذا من فراغ، بالنظر لحقيقة إن كانتي يتصدر لاعبي الدوري الممتاز في عدد مرات اعتراضه طريق وتداخله مع لاعبين آخرين للاستحواذ على الكرة. ومع ذلك، فإنه حسبما أوضح ألتمان، على امتداد المباريات الـ16 الأولى من هذا الموسم، بدأت النسبة الأعلى من أخطر كرات ليستر سيتي من عند درينكووتر أو كانتي. أيضًا، احتلت الكرات الطويلة الصادرة عن حارس المرمى كاسبر شمايكل مركزا متقدم في هذه الإحصائية.
لكن كيف يمكن للفرق أن توقف ليستر؟ أو على الأقل تبطئ تقدمهم. بالنظر إلى أن فريق رانييري يحتاج لأن يكون مباشرا، يتحتم على الفرق أن تجبر فريقه على اللعب على الجناحين في أغلب الأحوال، وذلك لأن الفريق يجد نفسه مضطرا للتراجع للمنتصف ليصنع لنفسه فرصا أفضل، الأمر الذي يقلل من سرعة الهجمات. يحتاج الفريق كذلك إلى الضغط عن طريق اللاعبين درينكووتر وكانتي بشكل أكبر.
في الحقيقة، بحسب أتلمان، بدأنا نرى ذلك بالفعل، فعند عقد مقارنة بين أول 16 مباراة لليستر سيتي في الموسم الحالي وبين الاثنتي عشرة مباراة التالية، لاحظنا أن الهجمات التي بدأها اللاعبان درينكووتر وكينتي كانت أقل تأثيرا في أغلب الأحيان بسبب اندفاعهما. أغلب لعب ليستر يبدأ ويستمر عن طريق الأجناب، خاصة المدافع كريستيان فوتشس. كان تأثير هجوم ليستر واضحا، ففي 17 مباراة من إجمالي 28 مباراة في الدوري الممتاز، زاد معدل التصويب بعد امتلاك الكرة من نصف ملعبهم بواقع 50 في المائة. الأهداف المتوقعة بعد استحواذهم على الكرة - وهي طريقة لتقييم جدوى الفرص التي سنحت لهم - تراجعت بواقع 25 في المائة. أكد ألتمان أن محاضرته لم تكن خطة شامله لإيقاف ليستر، لكنها كانت مجرد صورة صغيرة تحوي بيانات، بالإضافة إلى أن اتباع الطرق التقليدية مثل التحليل باستخدام مقاطع الفيديو، كلها يمكن أن تساعد الفرق على تطوير قدراتها.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».