وسط تكهنات باعتزام مجلس النواب الليبي تسليم السلطة إلى مجلس عسكري، برئاسة الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، اشترط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف موافقة مجلس الأمن الدولي قبل القيام بأي عملية عسكرية في ليبيا، التي احتل ملفها صدارة اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس.
وقالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك اتجاها بين بعض أعضاء البرلمان المعترف به دوليا، والموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي لتسليم السلطة إلى مجلس عسكري، يقوده الفريق حفتر، في حالة تصاعد الضغوط الدولية على البرلمان لإجباره على تمرير الحكومة المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، برئاسة رجل الأعمال الطرابلسي فائز السراج.
لكنّ ناطقا رسميا باسم البرلمان قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن جدول أعمال البرلمان لا يتضمن رسميا مناقشة هذا الأمر، بينما قال مقربون من الفريق حفتر إنه «ملتزم بفكرة تجنيب الجيش الخوض في المسائل السياسية».
ومع ذلك بدأ ناشطون وموالون للجيش في ما يمكن اعتباره «عملية جس نبض» للرأي العام الليبي لدراسة مدى تقبله لهذه الفكرة، حيث بدأ هؤلاء في طرح أسئلة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة رد فعل الشارع الليبي على المقترح، الذي لم تعلن أي جهة رسمية تبنيه بعد.
ولم يعلن البرلمان الليبي رسميا بعد موقفه من الإعلان المفاجئ الذي أصدرته حكومة السراج من مقرها المؤقت في تونس قبل يومين، والذي طالبته فيه «كل المؤسسات السيادية والجهات العامة في الدولة الليبية، وعلى رأسها المؤسسات المالية الرسمية، بالتواصل معها لوضع الترتيبات اللازمة لتسليم السلطة بشكل سلمي ومنظم».
ويستند بيان مجلس حكومة السراج إلى بيان وقعه مائة عضو من مجلس النواب نهاية الشهر الماضي، لكن المجلس لم يمنح هذه الحكومة ثقته لإخفاقه في عقد جلسة رسمية يتوافر فيها النصاب القانوني المطلوب للتصويت.
وفشل برلمان طبرق أمس في عقد جلسة لمنح الثقة للحكومة، بعد تغيب معظم النواب ورئيس البرلمان عقيلة صالح. ومع ذلك، فقد تعهدت حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالعمل بشكل وثيق مع حكومة السراج باعتبارها هي الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا.
وطالب بيان أصدره وزراء خارجية هذه الدول، بالإضافة إلى ممثل للاتحاد الأوروبي، بضرورة تسهيل الانتقال السلمي الفوري للسلطة في ليبيا إلى حكومة السراج، مؤكدا أن هذا التسليم يجب أن يتم تنفيذها في أقرب وقت ممكن. كما توعد البيان بفرض عقوبات على جميع من يقفون ضد نيل الحكومة الثقة، بينما قال وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك أيرولت: «إننا نعمل على ذلك مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتبني عقوبات سريعا إذا تبين أن ذلك ضروري».
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إثر اجتماع في باريس: «نحن ندعو كل المؤسسات العامة الليبية إلى تسهيل انتقال منظم وسلمي للسلطة، حتى يستطيع القادة الليبيون الجدد أن يحكموا انطلاقا من العاصمة»، بينما أعلن نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني أن الدعم الذي تلقاه حكومة الوحدة الوطنية من مجموعة من المسؤولين السياسيين الليبيين يجب أن «يترجم سريعا من خلال خطوات أولية، بحيث يكون مقر هذه الحكومة في طرابلس».
وناقش وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم في بروكسل أمس الملف الليبي، إلى جانب جملة من القضايا المتعلقة بالعلاقات مع روسا وعملية السلام في الشرق الأوسط. وقالت تقارير إن الاجتماع أظهر على ما يبدو موقفًا موحدًا لجهة الإصرار على ضرورة التوصل إلى إرساء حكومة وحدة وطنية، والتوجه إلى معاقبة كل طرف يعرقل هذا الهدف.
وفي هذا السياق لفت رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، والذي شارك في الاجتماع، إلى وجود ما وصفه بحالة عاجلة تستدعي «التحرك في ليبيا بسبب صاعد التهديد الإرهابي واستمرار والانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي».
ونقلت وكالة «أكي» الإيطالية عن كوبلر قوله: «الأمر واضح على كل الأطراف التحرك من أجل تأمين انتقال سلمي للسلطة»، مشيرا إلى وجود أغلبية من النواب الليبيين ممن وقعوا على الموافقة على حكومة السراج، رغم أن البرلمان في طبرق لم يصوت على منحها الثقة بعد.
ومع أنه اعتبر أن هذا الأمر كاف للتحرك إلى الأمام، لكنه قال في المقابل إن الأمم المتحدة لن تقدم توصية للأوروبيين بشأن اتخاذ عقوبات أم لا على الأطراف الليبية، التي تعرقل العملية السلمية.
وسرب الاتحاد الأوروبي مؤخرا معلومات مفادها أنه يدرس إمكانية فرض عقوبات على شخصيات ليبية، متهمة تعطيل مساعي الأمم المتحدة لتشكيل حكومة جديدة، من بينهم علي نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، ورئيس حكومته خليفة الغويل، بالإضافة إلى المفتي المعزول من منصبه الصادق الغرياني، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب والموجود في طبرق.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية لافروف إنه لا يمكن القيام بأي عملية عسكرية في ليبيا إلا بموافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتابع لافروف بعد محادثات مع نظيره التونسي في موسكو موضحا: «نعلم بخطط التدخل العسكري، بما في ذلك التدخل في الوضع في ليبيا، ووجهة نظرنا المشتركة هي أن ذلك ممكن فقط بإذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة... وأي تفويض محتمل لعملية ضد الإرهابيين في ليبيا يجب أن يكون محددا بوضوح، بما لا يسمح بتفسيرات منحرفة أو خاطئة».
ميدانيا، أعلن الجيش الليبي الذي يخوض معارك عنيفة ضد المتطرفين في محور مصنع الصمت بغرب مدينة بنغازي بشرق البلاد، أنه سيطر أمس على منطقة أم مبروكة غرب المدينة، بعد مواجهات قال إنه قتل خلالها عشرات المتطرفين ودمر آليات عسكرية تابعة لهم.
ليبيا: تكهنات بنقل السلطة إلى مجلس عسكري برئاسة حفتر
موسكو تشترط موافقة أممية على أي عمل عسكري
ليبيا: تكهنات بنقل السلطة إلى مجلس عسكري برئاسة حفتر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة