سو تشي تتخلى عن طموحاتها الرئاسية وترشح أحد أنصارها

بسبب حمل أبنائها الجنسية البريطانية

سو تشي تتخلى عن طموحاتها الرئاسية وترشح أحد أنصارها
TT

سو تشي تتخلى عن طموحاتها الرئاسية وترشح أحد أنصارها

سو تشي تتخلى عن طموحاتها الرئاسية وترشح أحد أنصارها

تخلت الزعيمة البورمية، أونغ سان سو تشي، أمس رسميا عن طموحاتها الرئاسية، وطرحت اسم أحد أشد أنصارها ولاء والذي رافقها خلال أيام الانشقاق الصعبة، ليكون رئيسا بدلا منها.
وقالت خين سان هلانغ، النائبة عن الرابطة الوطنية للديمقراطية، حزب أونغ سان سو تشي، في تصريح أمام البرلمان: «أريد أن أطرح اسم هتين كيو باسم الرابطة الوطنية للديمقراطية». ولا تستطيع سو تشي أن تصبح رئيسة بسبب مادة في الدستور الموروث من المجلس العسكري تمنع أي شخص يحمل أبناؤه جنسية أجنبية من تولي الرئاسة. وتنطبق هذه المادة على أونغ سان سو تشي التي يحمل ابناها الجنسية البريطانية.
لكن أنصارها كانوا يأملون حتى صباح أمس في أن يحصل تغيير مفاجئ، وأن تقدم سيدة رانغون التي تتمتع بشعبية كبيرة على ترشيح نفسها.
ومنذ أشهر، لم تسفر المفاوضات التي تواصلت في هذا الصدد مع كبار المسؤولين العسكريين عن نتيجة. وسادت شائعات مختلفة، وطرحت اسم طبيب أونغ سان سو تشي أو نائبتها، ليصبح رئيسا. إلا أن اسم هتين كيو (69 عاما) تكرر بقوة في الأيام الأخيرة.
وهتين كيو، الحائز على إجازة في الاقتصاد، هو ابن كاتب وشاعر بورمي ذائع الصيت، وصديق طفولة أونغ سان سو تشي. وقام أحيانا بمهمة السائق الشخصي لسو تشي. ويترقب البورميون الذين شاركوا بكثافة في الانتخابات التشريعية في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، الانتخاب الرسمي للرئيس الذي سيستغرق بضعة أيام، وتشكيل أول حكومة منتخبة من الشعب منذ أجيال، في بلد دمرته خمسون عاما من الديكتاتورية العسكرية.
ولم تدل أونغ سان سو تشي، بأي تعليق، مكتفية ببيان قبل الكشف عن اسم هتين كيو. واكتفت بالقول: «هذه مرحلة مهمة نحو تحقيق أمنيات وتوقعات الناخبين الذين دعموا بحماسة الرابطة الوطنية للديمقراطية» في انتخابات نوفمبر 2015.
ويشدد المعلقون السياسيون، مثل المؤرخ ثانت ميينت - يو، على «نزاهة» هذه الشخصية المحترمة في الرابطة الوطنية للديمقراطية والمقربة من أونغ سان سو تشي. والرابطة الوطنية للديمقراطية التي تشكل الأكثرية في مجلسي البرلمان، على الرغم من وجود ربع النواب من العسكريين غير المنتخبين، واثقة من قدرتها على حمل النواب على انتخاب هتين كيو، الذي سيخلف مطلع أبريل (نيسان) الرئيس المنتهية ولايته ثين سين، الجنرال السابق في المجلس العسكري الذي تولى قيادة المرحلة الانتقالية منذ 2011.
وهتين كيو هو مرشح مجلس النواب في البرلمان. وقد اختار مجلس الشيوخ الذي تسيطر عليه أيضا الرابطة الوطنية للديمقراطية، مرشحه هنري فان ثيو المجاز في الحقوق وممثل أقلية شين الإتنية. وسيعرض النواب العسكريون غير المنتخبين مرشحا ثالثا. لكن هتين كيو سيكون رئيسا ما لم تحصل مفاجآت، والمرشحان الآخران سيكونان نائبين له.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»