أبرز العوامل التي تتحكم في عطاء الأطفال

يفضلون مشاركة أشيائهم الخاصة مع الأصدقاء بدلاً من الغرباء

أبرز العوامل التي تتحكم في عطاء الأطفال
TT

أبرز العوامل التي تتحكم في عطاء الأطفال

أبرز العوامل التي تتحكم في عطاء الأطفال

نعتقد جميعا أن الأطفال بفطرتهم السليمة دائما ينحازون إلى الاختيارات الإنسانية بشكل كامل وغير مشروط. وهذا الاعتقاد حقيقي وعملي، وهو الأمر الذي يجعل من الأطفال المثال الحقيقي للإنسانية من دون تحيز أو حسابات مسبقة أو مصالح معينة أو حتى أي انتماء سواء كان عقائديا أو عرقيا أو اجتماعيا. وبطبيعة الحال، فإن إجابة سؤال مثل: هل عطاء الأطفال مشروط؟ سوف تكون بالضرورة «لا».
ولمحاولة الإجابة عن هذا السؤال بشكل علمي، قام فريق من العلماء بإجراء دراسة على الأطفال في عمر ما قبل الدراسة، فأظهرت نتائج غير متوقعة، خصوصا أن الدوافع وراء محبة الأطفال للعطاء ومشاركة أشيائهم الخاصة مع الآخرين، كانت دائما محل دراسة.
* دراسة مثيرة
كانت الدراسة التي قام بها باحثون من جامعة «لودفيج ماكسميليان» بميونيخ Ludwig - Maximilians - Universitaet (LMU) في ألمانيا، التي نشرت في مطلع شهر مارس (آذار) الحالي في مجلة «علم النفس التجريبي» Journal of Experimental Child Psychology قد أشارت إلى أن الأطفال يفضلون مشاركة أشيائهم الخاصة مع الأصدقاء حتى في حالة عدم احتياجهم، بدلاً من الغرباء الذين قد يكونون أكثرا احتياجا لهذه الأشياء. وتبدو نتيجة هذه الدراسة مخيبة للآمال إلى حد ما؛ حيث إن آراء كثير من أطباء نفس الأطفال كانت تشير إلى أن الرغبة في العطاء والمشاركة للطفل في الأغلب تنبع من مفهوم أخلاقي بحت؛ بمعنى أنه يجب أن ينحاز الطفل إلى الشخص الأكثر احتياجا بدلا من الصديق الذي يتمتع بالكفاية.
وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة أشارت إلى أن دوافع الأطفال في العطاء تتغير كلما زاد السن، فإن هذه الدراسة أوضحت احتمالية حدوث هذا الأمر في وقت مبكر جدا من حياة الطفل، وهو عمر ما قبل المدرسة. وانقسم العلماء حول نتيجة هذا البحث؛ فبينما يرى البعض أن الدافع الأساسي للعطاء في الطفل يكون «بتقديره» للأمر على أنه عمل «أخلاقي»، يرى البعض الآخر أن دوافع الأطفال في هذه المحلة العمرية تكون منطلقة من مكاسب اجتماعية بالأساس؛ بمعنى أن الطفل يحاول، عن طريق توثيق أواصر الصداقة بينه وبين الأطفال الآخرين عن طريق مشاركة الأشياء معهم، الوصول إلى مكسب «اجتماعي».
ومن المعروف أن هناك عدة عوامل تتحكم في عطاء الأطفال. وعلى سبيل المثال، يميل الأطفال أكثر إلى إعطاء الفقراء أكثر من الأغنياء (يتحكم في ذلك المظهر وإثارة العطف)، وأيضا يميلون إلى إعطاء الأصدقاء أكثر من الغرباء، وكذلك الشخص الذي يكون قد أظهر نحوهم الكرم من قبل وقام بمشاركتهم أشياءه الخاصة. ولكن لم يكن من المعروف أي عامل له الأسبقية على وجه التحديد في اتخاذ قرار المشاركة.
وقد قام العلماء بإعطاء الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة pre - school children مجموعة من الملصقات الملونة، وقاموا بتقسيم هؤلاء الأطفال إلى مجموعتين؛ المجموعة الأولى تتكون من أطفال تتراوح أعمارهم بين الثالثة والرابعة، والمجموعة الثانية تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسادسة (في فترة الحضانة تكون مجرد السنة مرحلة عمرية فارقة في النمو الاجتماعي)، وطلب من الأطفال أن يقوموا بوضع الملصقات في ألبوم بحيث تمثل مجموعات معينة من الأشكال.
* الصداقة قبل الحاجة
طلب الباحثون من الأطفال تحديد اسم صديق لهم في المجموعة، واسم طفل آخر لا يحبون اللعب معه، ورسم صورة لكل من الطفلين، ثم أخبروا الأطفال بأنهم يمكنهم أن يقوموا بتقسيم الملصقات التي بحوزتهم على كلا الطفلين الآخرين (الذين تم توزيع الملصقات عليهم أيضا). وكان الصديق الذي تم اختياره من قبل الطفل يمتلك ألبوما يحتوي على مائة ملصق، بينما الطفل الآخر (الذي لا يفضل اللعب معه) يمتلك ألبوما به 3 ملصقات فقط. وكان الغرض من هذه التجربة معرفة العوامل التي تتحكم في العطاء والمشاركة بالنسبة للطفل، وإذا ما كان عامل الصداقة هو الأقوى تأثيرا على الرغم من الكفاية لدى الصديق، أم إن عامل الاحتياج هو الأكثر تأثيرا. وكانت النتيجة أن الأطفال في الفئتين العمريتين فضلوا إعطاء الملصقات للأصدقاء أكثر من الأطفال الذين في احتياج، مما يعني أن العطاء كان بدافع التواصل الاجتماعي، وليس من وازع أخلاقي تماما.
وتم تكرار التجربة، ولكن بدلا من الطفل الذي لا يحبه الطفل، كان هناك طفل آخر غريب عن المجموعة. وفي هذه التجربة أيضا تكرر رد الفعل نفسه لدى الأطفال؛ حيث استحوذ الصديق الذي لديه وفرة من الملصقات بالفعل على أكبر عدد من الملصقات، أكثر من الآخر الغريب الذي لا يمتلك ملصقات كافية. ولكن المثير في هذه التجربة أن الشخص الغريب تمت معاملته بشكل أفضل من الطفل غير المحبوب. وأبدى الأطفال رغبة أكبر في المشاركة مع الغريب، ولكن الصديق كان صاحب الحظ الأكبر، وهذا السلوك يتصاعد تدريجيا مع السن.
وأظهرت هذه التجربة أن قيمة أخلاقية مثل «العدل» ليست الأولوية بالنسبة لأطفال ما قبل الدراسة. وتدريجيا مع تقدمهم في العمر تقل هذه القيمة أيضا، وهو ما يعد مؤشرا مهمًا على اختلال القيم الإنسانية، خصوصا أن الأطفال في هذه المرحلة في التجارب السابقة تأثروا بالاحتياج أكثر من الصداقة. وبالطبع يحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسات، خصوصا أن هناك بعض العوامل لم تكن موضوعة في الحسبان، مثل إظهار الطفل غير المحبوب مدى الاحتياج؛ حيث أثبتت الدراسات السابقة أن العواطف لها تأثير كبير على الأطفال.

* استشاري طب الأطفال



شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
TT

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)

تؤكد فاتيكو باشا وهي تداعب بلطف حمارتها «ليزا» قبل أن تجمع حليبها أنّ «حليب الحمير له طعم الحب»... منه تصنّع المزارعة من منطقة جيروكاستر الألبانية مصل اللبن أو اللبن الرائب أو نوعاً من الجبن هو الأغلى في العالم.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن فوائد حليب الحمير معروفة منذ آلاف السنين. تقول الأسطورة إن كليوباترا كانت تستحم في حوض مليء بحليب الحمير؛ للمحافظة على جمالها وشبابها.

بالإضافة إلى الخصائص الجمالية لملكة مصر، من شأن حليب الحمير أن «يشفي الأطفال، إذ هو علاج طبيعي للجهاز التنفسي والحساسية والجهاز المناعي»، على ما تقول فاتيكو.

يراقب حمار صغير كيف تنظّف فاتيكو ضرعي أمّه. ولإنتاج الحليب، ينبغي أن تكون أنثى الحمار في فترة رضاعة، ويبدأ حلبها عندما يبلغ صغيرها 3 أشهر.

زادت شهرة حليب الحمير خلال جائحة «كوفيد - 19»، فقررت فاتيكو وزوجها إحضار مجموعة صغيرة من الحمير وإناث الحمير إلى مزرعتهما، لكنّهما لم يتخيّلا أنهما سيبيعان حليب هذه الحيوانات في ألبانيا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو واليونان.

في نهاية عام 2024، بات لديهما نحو ثلاثين أنثى حمار و4 ذكور حمير، ويرغبان بدءاً من يناير (كانون الثاني) في زيادة عدد هذه الحيوانات، مستفيديْن من المراعي الطبيعية عند سفح جبال جيروكاستر الغنية بالتنوع البيولوجي.

وباتت هذه المنطقة من جنوب ألبانيا تضم 15 مزرعة للحمير.

ذهب أبيض

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي، نادراً. في يوم الحلب، يمكن جمع نصف لتر من الحليب من كل حيوان. وتُباع هذه الكمية بسعر مرتفع يراوح بين 52 و63 دولاراً للتر الواحد.

ويقول زوج فاتيكو إنّ «حليب الحمير هو ذهب أبيض».

بدأ وعائلته منذ عام بإنتاج الجبن اللذيذ والطازج والقشدي، بالإضافة إلى اللبن الرائب ومصل اللبن. ويرتفع الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير، لدرجة أنهم يشترون الحليب من المزارعين في محيطهم.

توضح المنتجة شيكو باشا، وهي تحضّر الجبن لتوفيره لأحد المطاعم في المنطقة «إنّ جبن الحمير مطلوب جداً، ويصعب تحضيره».

يتطلّب إنتاج كيلوغرام من الجبن 25 لتراً على الأقل من حليب الحمير، وهي كمية يصل سعرها إلى 1049 دولاراً.

يباع الكيلوغرام الواحد من الجبن بأكثر من 1573 دولاراً، ويشتهر بأنه أغلى نوع جبن في العالم.

يقول جاكو ميسي، وهو طبيب بيطري ومنتج جبن حمير تقدّمه مطاعم فاخرة في تيرانا إنّ «الفرنسيين يقولون إن وجبة خالية من الجبن كامرأة جميلة من دون عين، لكنّ التفصيل الأهم في الطبق هو جبن الحمير».

يقول إليو تروكي، رئيس مطعم «أوكسهاكيت» في العاصمة إنّ «الزبائن يفضلون الجبن الطازج، أي بعد 48 ساعة من تحضيره لا أكثر»، مضيفاً أنّ «سعره مرتفع لكنه لذيذ جداً، فهو يضفي نكهة شهية على الوجبة مع نبيذ جيّد».

جمال

في مختبرها الصغير، لا تخمّر الصيدلانية الشابة فابجولا ميسي الحليب لصنع الجبن، بل لتوفير مجموعة من مستحضرات التجميل المصنوعة من حليب الحمير والتي اكتسبت شعبية أيضاً خلال السنوات الأخيرة.

تقول المرأة التي أسست ماركتها «ليفا ناتشرل» وهي تستعجل لإنهاء طلبية أخيرة تتألف من مستحضر للبشرة مخصص للنهار يوفر نعومة، «إن حليب الحمير هو سر الجمال الفعلي». وفي هذه الفترة التي تقترب فيها أعياد نهاية العام، تصف منتجاتها بأنها تتمتع بـ«رائحة الحب».

وترغب في أن تتمكن قريباً من تصدير هذه المنتجات المصنّعة من حليب الحمير، حتى تصبح معروفة في مختلف أنحاء العالم.

وتقول إنّ «مستحضر الوجه المصنوع من حليب الحمير يعزز الجمال، ويتغلغل بسرعة في البشرة، ويعطيها نعومة. رائحته الخفيفة تعطي شعوراً بالراحة والانتعاش، وبمجرد استخدامه يصعب التخلي عنه».