الرباط تحتج على تصريحات بان كي مون بخصوص نزاع الصحراء

فرنسا تجدد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي

الرباط تحتج على تصريحات بان كي مون بخصوص نزاع الصحراء
TT

الرباط تحتج على تصريحات بان كي مون بخصوص نزاع الصحراء

الرباط تحتج على تصريحات بان كي مون بخصوص نزاع الصحراء

أعادت الجولة الأخيرة التي قام بها بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى الجزائر ومخيمات جبهة البوليساريو الانفصالية في تندوف (جنوب غربي الجزائر)، ملف نزاع الصحراء إلى المربع الأول، بحجة أنه تجاهل مبادرة الحكم الذاتي الموسع التي أطلقتها الرباط عام 2007 لطي هذه القضية التي طال أمدها، ذلك أن كي مون تحدث فقط خلال جولته، التي لم تشمل المغرب، عن «تقرير مصير الشعب الصحراوي»، وهي الأطروحة التي تنادي بها جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وزاد الأمين العام للأمم المتحدة الطين بلة حينما عد استرجاع المغرب لصحرائه من المستعمر الإسباني «احتلالا»، وهو ما جعل الحكومة المغربية تصدر الليلة قبل الماضية بيانا سجلت فيه باندهاش كبير «الانزلاقات اللفظية وفرض الأمر الواقع، والمحاباة غير المبررة للأمين العام الأممي خلال زيارته الأخيرة للمنطقة».
وعبرت الرباط في البيان عن احتجاجها القوي على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة حول قضية الصحراء، مؤكدة أن هذه التصريحات «غير ملائمة سياسيا، وغير مسبوقة في تاريخ أسلافه، ومخالفة لقرارات مجلس الأمن، كما أنها مسيئة وتمس مشاعر الشعب المغربي قاطبة».
وأضاف البيان ذاته أن «حكومة المملكة المغربية تسجل، سواء تعلق الأمر بمجريات هذه الزيارة أو بمضمون التصريحات التي تخللتها، أن الأمين العام تخلى عن حياده وموضوعيته وعن عدم انحيازه، وعبر بشكل صريح عن تساهل مدان مع دولة وهمية تفتقد لكل المقومات، دون تراب ولا ساكنة ولا علم معترف به».
وذكر البيان أن الرباط «تأسف من جهة أخرى لكون الأمين العام الأممي استسلم لابتزاز الأطراف الأخرى من خلال فرض أمر واقع، في خرق للالتزامات والضمانات المقدمة للمغرب من قبل أقرب مساعديه بالوقوف في وجه أي استغلال لتنقلاته»، مسجلة أن كي مون «سمح للأسف بأن يتم استغلاله لإضفاء مصداقية على المزاعم المغلوطة للأطراف الأخرى».
وأشار البيان إلى أن حكومة المملكة المغربية «سجلت بذهول أن الأمين العام استعمل عبارة (احتلال) لوصف استرجاع المغرب لوحدته الترابية»، معتبرة أن ذلك «يتناقض بشدة مع القاموس الذي دأبت الأمم المتحدة على استخدامه فيما يتعلق بالصحراء المغربية»، وأن «استعمال هذا التوصيف ليس له سند سياسي أو قانوني، ويشكل إهانة بالنسبة للحكومة وللشعب المغربيين».
واعتبرت الرباط أن «هذا الانزلاق اللفظي يمس بشكل خطير بمصداقية الأمانة العامة للأمم المتحدة»، وأن «مصلحة المسلسل الأممي لتسهيل التوصل إلى حل تفرض الأمل في أن يكون الأمر مجرد زلة لسان».
كما سجلت الحكومة المغربية في بيانها، وبمفاجأة كبيرة، أن كي مون لم ير داعيا لإثارة قضية الخروقات المكثفة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف بالجزائر، بما فيها حالات النساء الصحراويات الثلاث المحتجزات منذ أزيد من سنة، والتي عرضت عليه بشكل، سواء من قبل الضحايا أنفسهم، أو من طرف المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.
وتأسفت حكومة المغرب في بيانها لأنه في الوقت الذي يعتزم فيه الأمين العام تنظيم مؤتمر لمانحي المساعدات الإنسانية للمحتجزين في مخيمات تندوف، فإنه لم يتطرق قط خلال هذه الزيارة لقضيتين بالغتي الأهمية، هما إجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف، الذي دعا إليه الأمين العام بنفسه في كثير من تقاريره ويفرضه القانون الإنساني الدولي، كما جميع قرارات مجلس الأمن منذ 2011. وثانيا الاختلاس المؤكد منذ أربعة عقود للمساعدات الإنسانية الموجهة لسكان المخيمات، والذي أكدته تقارير المفوضية السامية للاجئين وبرنامج الغذاء العالمي، ومكتب محاربة الغش بالاتحاد الأوروبي.
وخلص البيان إلى أن كل هذه التجاوزات، وهي أبعد ما يكون عن تحقيق الهدف الذي أعلنه الأمين العام خلال هذه الزيارة والمتمثل في إحياء المفاوضات السياسية، تهدد بتقويض هذه المفاوضات على بعد بضعة أشهر من انتهاء ولايته على رأس الأمانة العامة للأمم المتحدة.
وتعذر على الأمين العام للأمم المتحدة زيارة المغرب بعدما أبدت الرباط رغبة في تأجيلها إلى شهر يوليو (تموز) المقبل، لكون جولته للمنطقة تأتي قبيل أسابيع قليلة من تقديم كي مون تقريره السنوي حول مستجدات نزاع الصحراء إلى مجلس الأمن، الذي يعقد اجتماعات دورية سنوية في الأسبوع الأخير من شهر أبريل (نيسان)، وتجري فيها المصادقة على التقرير، وإصدار قرار تمديد مهام بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو).
بيد أن أسباب التحفظ المغربي على زيارة كي مون للرباط، يعود حسب بعض المراقبين، إلى قرار الأمين العام للأمم المتحدة زيارة منطقة «بئر الحلو»، التي توجد في المنطقة العازلة بين الصحراء والجزائر، والتي تعتبرها الرباط أرضها، وهي منطقة تقع خارج الجدار الأمني الذي شيده المغرب قبل أكثر من ثلاثة عقود لصد هجمات جبهة البوليساريو، وهو ما جعل المراقبين يطرحون الكثير من التساؤلات حول أجندة كي مون في المنطقة، وجعل الرباط تنظر بكثير من الريبة إلى جولته.
في غضون ذلك، جددت فرنسا أمس دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب من أجل تسوية قضية الصحراء، إذ قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال في لقاء مع الصحافة إن «مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 يشكل بالنسبة لفرنسا قاعدة جدية تحظى بالمصداقية، من أجل التوصل إلى حل متفاوض بشأنه» لقضية الصحراء، مؤكدا أن «موقف فرنسا بشأن قضية الصحراء معروف ولم يتغير»، وأشار إلى أن باريس تؤيد البحث عن حل عادل، دائم ومقبول من الأطراف تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأضاف نادال أن قضية الصحراء «هي موضوع وساطة للأمم المتحدة تدعمها فرنسا في إطار المعايير المحددة من قبل مجلس الأمن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.