بعد أسبوعين من قرار البنك المركزي المصري بتخفيض سعر الفائدة للتمويل العقاري إلى 5 في المائة سنويًا بدلاً من 7 في المائة لمحدودي الدخل، بدأت السوق المصرفية في تهيئة أوضاعه لاستقبال شريحة من المستهلكين تجاهلتها الحكومة في الفترات السابقة، ومن المتوقع أن تدفع القطاع العقاري المصري إلى تحقيق تحسن كبير.
في الأسبوع الأخير من فبراير (شباط) الماضي، قرر طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، تعديل بعض شروط مبادرة التمويل العقاري، وتضمنت التعديلات إتاحة الفرصة لمحدودي الدخل الذين يقل دخلهم عن 1400 جنيه (نحو 179 دولارا)، من أجل الاستفادة بالمبادرة بسعر عائد سنوي متناقص 5 في المائة بدلاً من 7 في المائة، بالإضافة إلى تخفيض قيمة مقدم الثمن المطلوب منهم بمبلغ يصل إلى 12 ألف جنيه فقط (1533 دولارا)، وحصولهم على إجمالي دعم أكبر من نظرائهم الذين يحصلون على دخول أعلى.
هذا بالإضافة إلى تحفيز البنوك على تمويل الفئات التي يصعب الحصول على إثبات دخلهم عن طريق تغطية مخاطر الائتمان لتلك الفئات من خلال وثائق تأمين جماعية.
ويعمل 5.1 مليون عامل مصري في 2.2 مليون منشأة غير رسمية، وهم بذلك يمثلون أكثر من 60 في المائة من عمالة المنشآت في الدولة، ما يعني أن التعديل الجديد سيفتح الباب أمام غالبية العاملين المصريين لدخول سوق التمويل العقاري.
وكان البنك المركزي قد أصدر في فبراير عام 2014 مبادرة للتمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل بهدف تشجيع التمويل العقاري، من خلال إتاحة التمويل طويل الأجل بأسعار عائد منخفضة، ولكن المبادرة واجهت تحدي عدم قدرة بعض الفئات من محدودي الدخل على الاستفادة من المبادرة نتيجة انخفاض الدخل أو عدم القدرة على إثباته.
ويحدد صندوق التمويل العقاري حدود الدخل المستحقة للدعم والتمويل ضمن المبادرة، وكذلك الحدود السعرية للوحدات التي يمكن تمويلها ضمن محور منخفضي الدخل، وذلك ضمانًا لوصول الدعم والتمويل للفئات منخفضي الدخل هذه، ولكن الشريحة التي تتقاضى شهريا أقل من 1400 جنيه ظلت بعيدة عن دعم الدولة.
ويعيش 26 في المائة من مواطني مصر أسفل خط الفقر، وفقا لبيانات جهاز التعبئة والإحصاء الحكومي.
وبإضافة الشريحة الجديدة، يكون تم إتاحة خدمة التمويل العقاري لغالبية المصريين، حيث ترتقي الشرائح حتى تصل لشريحة «متوسط الدخل المميز»، وهي مخصصة للفئات الأيسر حالا، حيث يتم إتاحة التمويل العقاري بسعر عائد سنوي متناقص أقل دعمًا من الفئات الأخرى يبلغ 10.5 في المائة سنويًا، شريطة ألا يزيد الحد الأقصى للدخل الشهري عن 15 ألف جنيه للفرد (نحو 1900 دولار) و20 ألف جنيه للأسرة (نحو 2500 دولار)، وأن يكون الحد الأقصى للوحدة محل التمويل لتلك الفئة 950 ألف جنيه (نحو 120 ألف دولار).
ويساهم ذلك الإجراء في تشجيع المطورين العقاريين على بناء الإسكان المتوسط وتنشيط منح البنوك تمويلاً لمتوسطي الدخل، والتي لم تقم بتمويل عدد كبير من المواطنين من الفئة المتوسطة، نظرًا لنقص المعروض من الوحدات. وسيتكامل ذلك مع مبادرات ستطلقها وزارة الإسكان لتشجيع البناء لفئات الدخل المتوسط والاجتماعي.
وما بين شريحة «محدودي الدخل» وشريحة «متوسط الدخل المميز»، هناك شرائح متوسطة تحصل على التمويل العقاري بفائدة ما بين 7 في المائة و8 في المائة.
ومن النقاط الجيدة في القانون أيضا اعتبار وديعة الصيانة جزءا من التمويل لمحدودي الدخل، وهي تُسدد على مدة التمويل نفسها وبسعر العائد نفسه الخاص بالمبادرة، وكذلك الإعفاء من رد قيمة الدعم في حاله وفاة المقترض. ذلك بالإضافة إلى فتح قنوات تسويق جديدة من خلال إشراك شركات التمويل العقاري بشكل مباشر في المبادرة من خلال الشركة المصرية لإعادة التمويل العقاري لتعمل جنبًا إلى جنب مع البنوك.
وقبل إصدار التعديلات الجديدة، عانت مبادرة التمويل العقاري من البطء الشديد في معدلات الاستخدام المسموح بها التي لم تتعد حاجز 30 في المائة من نسبة 10 مليارات جنيه (نحو 1.28 مليار دولار) المقررة لها في المرحلة الأولى.
أما الآن، فيرى مصرفيون أن التعديلات ستدعم البنوك في توسع قاعدة عملائها وزيادة حجم التمويلات المتاحة لتمويل تملك عقارات جديدة.
وقام البنك الأهلي المصري، التابع للحكومة، وهو أكبر البنوك العاملة بالسوق، بتخصص 4 أفرع في عدد من المناطق ستكون مهمتها الأساسية التمويل العقاري، حيث يسعى البنك لزيادة تمويلات ذلك القطاع.
وتوجد أفرع البنك المخصصة للتمويل العقاري في المدن الجديدة القريبة من العاصمة المصرية القاهرة، مثل «العاشر من رمضان» و«السادس من أكتوبر» ومدينة «بدر»، بالإضافة إلى فرع في إحدى المدن الجديدة بالأقاليم.
وتلقى البنك الأهلي طلبات من العملاء الذين يقل دخلهم عن 1400 جنيه، وسيقوم بإتاحة تمويلات الشريحة الجديدة التي تقدمت بالحصول على وحدات سكنية خلال مارس (آذار) الحالي، هذا بالإضافة إلى منح تمويلات عقارية لنحو 4130 عميلاً حتى نهاية فبراير الماضي بقيمة 310 ملايين جنيه (نحو 39.60 مليون دولار)، قبل إقرار التعديلات الجديدة.
كما قامت بنوك أخرى عاملة بالسوق المصرية، بإنشاء إدارات متخصصة للتمويل العقاري لتلبية متطلبات المبادرة، هذا بالإضافة إلى وجود بنوك عقارية في السوق المصرية.
ورغم استمرار وجود مخاطر تمويل القطاع العقاري، ولكن يُستبعد أن تتسبب في تعطيل نمو وتيرة التمويل خاصة في السوق المصرية الكبيرة، والتي تحتاج سنويا لما بين 500 ألف وحدة و900 ألف وحدة سكنية جديدة.
التمويل العقاري لمحدودي الدخل في مصر.. وجبة دسمة لسوق جائعة
تعديلات تيسر على «الشريحة المنسية» وتخدم 26 % تحت خط الفقر
التمويل العقاري لمحدودي الدخل في مصر.. وجبة دسمة لسوق جائعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة