التمويل العقاري لمحدودي الدخل في مصر.. وجبة دسمة لسوق جائعة

تعديلات تيسر على «الشريحة المنسية» وتخدم 26 % تحت خط الفقر

يحدد صندوق التمويل العقاري حدود الدخل المستحقة للدعم والتمويل ضمن المبادرة
يحدد صندوق التمويل العقاري حدود الدخل المستحقة للدعم والتمويل ضمن المبادرة
TT

التمويل العقاري لمحدودي الدخل في مصر.. وجبة دسمة لسوق جائعة

يحدد صندوق التمويل العقاري حدود الدخل المستحقة للدعم والتمويل ضمن المبادرة
يحدد صندوق التمويل العقاري حدود الدخل المستحقة للدعم والتمويل ضمن المبادرة

بعد أسبوعين من قرار البنك المركزي المصري بتخفيض سعر الفائدة للتمويل العقاري إلى 5 في المائة سنويًا بدلاً من 7 في المائة لمحدودي الدخل، بدأت السوق المصرفية في تهيئة أوضاعه لاستقبال شريحة من المستهلكين تجاهلتها الحكومة في الفترات السابقة، ومن المتوقع أن تدفع القطاع العقاري المصري إلى تحقيق تحسن كبير.
في الأسبوع الأخير من فبراير (شباط) الماضي، قرر طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، تعديل بعض شروط مبادرة التمويل العقاري، وتضمنت التعديلات إتاحة الفرصة لمحدودي الدخل الذين يقل دخلهم عن 1400 جنيه (نحو 179 دولارا)، من أجل الاستفادة بالمبادرة بسعر عائد سنوي متناقص 5 في المائة بدلاً من 7 في المائة، بالإضافة إلى تخفيض قيمة مقدم الثمن المطلوب منهم بمبلغ يصل إلى 12 ألف جنيه فقط (1533 دولارا)، وحصولهم على إجمالي دعم أكبر من نظرائهم الذين يحصلون على دخول أعلى.
هذا بالإضافة إلى تحفيز البنوك على تمويل الفئات التي يصعب الحصول على إثبات دخلهم عن طريق تغطية مخاطر الائتمان لتلك الفئات من خلال وثائق تأمين جماعية.
ويعمل 5.1 مليون عامل مصري في 2.2 مليون منشأة غير رسمية، وهم بذلك يمثلون أكثر من 60 في المائة من عمالة المنشآت في الدولة، ما يعني أن التعديل الجديد سيفتح الباب أمام غالبية العاملين المصريين لدخول سوق التمويل العقاري.
وكان البنك المركزي قد أصدر في فبراير عام 2014 مبادرة للتمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل بهدف تشجيع التمويل العقاري، من خلال إتاحة التمويل طويل الأجل بأسعار عائد منخفضة، ولكن المبادرة واجهت تحدي عدم قدرة بعض الفئات من محدودي الدخل على الاستفادة من المبادرة نتيجة انخفاض الدخل أو عدم القدرة على إثباته.
ويحدد صندوق التمويل العقاري حدود الدخل المستحقة للدعم والتمويل ضمن المبادرة، وكذلك الحدود السعرية للوحدات التي يمكن تمويلها ضمن محور منخفضي الدخل، وذلك ضمانًا لوصول الدعم والتمويل للفئات منخفضي الدخل هذه، ولكن الشريحة التي تتقاضى شهريا أقل من 1400 جنيه ظلت بعيدة عن دعم الدولة.
ويعيش 26 في المائة من مواطني مصر أسفل خط الفقر، وفقا لبيانات جهاز التعبئة والإحصاء الحكومي.
وبإضافة الشريحة الجديدة، يكون تم إتاحة خدمة التمويل العقاري لغالبية المصريين، حيث ترتقي الشرائح حتى تصل لشريحة «متوسط الدخل المميز»، وهي مخصصة للفئات الأيسر حالا، حيث يتم إتاحة التمويل العقاري بسعر عائد سنوي متناقص أقل دعمًا من الفئات الأخرى يبلغ 10.5 في المائة سنويًا، شريطة ألا يزيد الحد الأقصى للدخل الشهري عن 15 ألف جنيه للفرد (نحو 1900 دولار) و20 ألف جنيه للأسرة (نحو 2500 دولار)، وأن يكون الحد الأقصى للوحدة محل التمويل لتلك الفئة 950 ألف جنيه (نحو 120 ألف دولار).
ويساهم ذلك الإجراء في تشجيع المطورين العقاريين على بناء الإسكان المتوسط وتنشيط منح البنوك تمويلاً لمتوسطي الدخل، والتي لم تقم بتمويل عدد كبير من المواطنين من الفئة المتوسطة، نظرًا لنقص المعروض من الوحدات. وسيتكامل ذلك مع مبادرات ستطلقها وزارة الإسكان لتشجيع البناء لفئات الدخل المتوسط والاجتماعي.
وما بين شريحة «محدودي الدخل» وشريحة «متوسط الدخل المميز»، هناك شرائح متوسطة تحصل على التمويل العقاري بفائدة ما بين 7 في المائة و8 في المائة.
ومن النقاط الجيدة في القانون أيضا اعتبار وديعة الصيانة جزءا من التمويل لمحدودي الدخل، وهي تُسدد على مدة التمويل نفسها وبسعر العائد نفسه الخاص بالمبادرة، وكذلك الإعفاء من رد قيمة الدعم في حاله وفاة المقترض. ذلك بالإضافة إلى فتح قنوات تسويق جديدة من خلال إشراك شركات التمويل العقاري بشكل مباشر في المبادرة من خلال الشركة المصرية لإعادة التمويل العقاري لتعمل جنبًا إلى جنب مع البنوك.
وقبل إصدار التعديلات الجديدة، عانت مبادرة التمويل العقاري من البطء الشديد في معدلات الاستخدام المسموح بها التي لم تتعد حاجز 30 في المائة من نسبة 10 مليارات جنيه (نحو 1.28 مليار دولار) المقررة لها في المرحلة الأولى.
أما الآن، فيرى مصرفيون أن التعديلات ستدعم البنوك في توسع قاعدة عملائها وزيادة حجم التمويلات المتاحة لتمويل تملك عقارات جديدة.
وقام البنك الأهلي المصري، التابع للحكومة، وهو أكبر البنوك العاملة بالسوق، بتخصص 4 أفرع في عدد من المناطق ستكون مهمتها الأساسية التمويل العقاري، حيث يسعى البنك لزيادة تمويلات ذلك القطاع.
وتوجد أفرع البنك المخصصة للتمويل العقاري في المدن الجديدة القريبة من العاصمة المصرية القاهرة، مثل «العاشر من رمضان» و«السادس من أكتوبر» ومدينة «بدر»، بالإضافة إلى فرع في إحدى المدن الجديدة بالأقاليم.
وتلقى البنك الأهلي طلبات من العملاء الذين يقل دخلهم عن 1400 جنيه، وسيقوم بإتاحة تمويلات الشريحة الجديدة التي تقدمت بالحصول على وحدات سكنية خلال مارس (آذار) الحالي، هذا بالإضافة إلى منح تمويلات عقارية لنحو 4130 عميلاً حتى نهاية فبراير الماضي بقيمة 310 ملايين جنيه (نحو 39.60 مليون دولار)، قبل إقرار التعديلات الجديدة.
كما قامت بنوك أخرى عاملة بالسوق المصرية، بإنشاء إدارات متخصصة للتمويل العقاري لتلبية متطلبات المبادرة، هذا بالإضافة إلى وجود بنوك عقارية في السوق المصرية.
ورغم استمرار وجود مخاطر تمويل القطاع العقاري، ولكن يُستبعد أن تتسبب في تعطيل نمو وتيرة التمويل خاصة في السوق المصرية الكبيرة، والتي تحتاج سنويا لما بين 500 ألف وحدة و900 ألف وحدة سكنية جديدة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».