«الهيئة العليا» ترفض إعادة محاولة موسكو فرض شخصيات محسوبة عليها في المفاوضات

الزعبي: يضعون العراقيل أمام الحل السياسي لتمرير مشاريعهم

«الهيئة العليا» ترفض إعادة محاولة موسكو فرض شخصيات محسوبة عليها في المفاوضات
TT

«الهيئة العليا» ترفض إعادة محاولة موسكو فرض شخصيات محسوبة عليها في المفاوضات

«الهيئة العليا» ترفض إعادة محاولة موسكو فرض شخصيات محسوبة عليها في المفاوضات

تضع المعارضة السورية كل المعطيات السياسية والعسكرية منذ تعليق المفاوضات في بداية شهر فبراير (شباط) الماضي لغاية اليوم في خانة «الضغوط التي يحاول المجتمع الدولي فرضها عليه لوضعها أمام الأمر الواقع وتنفيذ مخططات متّفق عليها»، وكان آخرها وفق مصادر في الهيئة إعادة المحاولة لفرض المعارضة المحسوبة على روسيا ضمن الوفد المفاوض إلى جانب الهيئة العليا التفاوضية التي انبثقت عن مؤتمر الرياض.
وفي حين تؤكد المعارضة تمسكها بالحل السياسي، لا تزال ترى أن الظروف لغاية الآن غير مواتية لاستئناف المفاوضات، كما يشير رئيس الوفد المفاوض، أسعد الزعبي لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «كل ما يقوم به المجتمع الدولي وعلى رأسه روسيا وأميركا يظهر بأنهم يضعون عراقيل أمام الحل السياسي وتطبيق المقررات الدولية التي سبق أن اتفق عليها من أجل تمرير مشاريعهم، ولا سيما الخطة (ب) بين موسكو وواشنطن التي تقضي بتقسيم سوريا». وأوضح: «الحديث الروسي عن الفيدرالية في سوريا التي لا تنسجم مع مبادئنا وقبول أميركا بأن تكون موسكو الحكم في الهدنة بحيث تقدم خرائط تدعي فيها وجود داعش في مناطق تابعة للمعارضة، ومن ثم يقولون إن الإجراءات الإنسانية تنفذ وهو في الواقع لا يطبق إلا جزء بسيط منها في مناطق محددة عبر إيصال القليل من المساعدات بدل فك الحصار، إضافة إلى تجاهل مطلب إطلاق سراح المعتقلين من النساء والأطفال، كلّها أمور تصب في خانة الضغط علينا من أن أجل تمرير مشاريع المجتمع الدولي، وهو ما لن نقبل به، ونؤكد أننا لن نعود إلى المفاوضات ما لم يتم تطبيق الإجراءات الإنسانية التي تلقينا وعودا لتنفيذها منذ تعليق المفاوضات».
من جهته، قال المتحدث باسم الهيئة العليا السورية للمفاوضات رياض نعسان أغا إن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يسعى للضغط على المعارضة من خلال دعوته أطرافا جديدة إلى المفاوضات في جنيف، معتبرا أن هذه الخطوة تحمل رسالة ضمنية مفادها أن هناك أطرافا أخرى مستعدة للتفاوض في جنيف.
هذا الأمر لفت إليه أيضا عضو الهيئة العليا للمفاوضات فؤاد عليكو، مشيرا إلى أن الضغوط القديمة الجديدة التي تمارس على المعارضة تتمثل أيضًا بمحاولة فرض أطراف جديدة في المفاوضات، ولا سيما تلك المحسوبة على روسيا. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن دي ميستورا يتبع أسلوبا جديدا لفرض شخصيات جديدة، منها هيثم مناع وقدري جميل ورئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم وغيرهم، عبر توزيع أيام المفاوضات في جنيف بين أطراف عدّة»، وأكد: «إننا لا نقبل أن يشارك المعارضة أي طرف آخر إلا من نتوافق معهم في الرؤية السياسية ولا سيما تلك التي تؤكد على إنشاء هيئة حكم انتقالية من دون رئيس النظام السوري بشار الأسد، وليس كما يدفع البعض نحو حكومة وحدة وطنية بمشاركة النظام».
وفي مفاوضات جنيف السابقة كانت دعوة «مجلس سوريا الديمقراطية»، الذي يضم أعضاء من هيئة التنسيق الوطنية وصالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، موضع خلاف نتيجة رفض المعارضة وتركيا دعوته، وقد تم تجاوز المشكلة بعدم مشاركته في المفاوضات رغم حضور بعض أعضائه إلى جنيف.
وكان المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا قد أعلن أن المفاوضات السورية غير المباشرة ستبدأ عمليا في العاشر من الشهر الحالي في جنيف، في حين لم تتخذ المعارضة بعد قرارها بالمشاركة.
وتضغط القوى الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة وروسيا لإنجاح المفاوضات الجديدة، والتي تعقد بموجب قرار لمجلس الأمن الدولي ينص أيضًا على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا، من دون التطرق إلى مصير الرئيس السوري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.