في وقت يراوح الملف الرئاسي مكانه على وقع انهماك الحكومة والأفرقاء اللبنانيين بالمشكلات الداخلية والخارجية ولا سيما تلك الناتجة على الإجراءات الخليجية الأخيرة، تتجه الأنظار الأسبوع المقبل إلى ما ستؤول إليه الجهود على خط إنهاء أزمة النفايات بعد تلويح رئيس الحكومة تمام سلام بالاستقالة إذا لم يتم حسمها. وبالتالي فإن عدم تحديد سلام أي موعد جديد للجلسة المقبلة، يعني أن الأمور لا تزال على حالها حتى الآن ولا حلول نهائية في الأفق بعدما عاد البحث إلى نقطة الصفر في هذا الملف أي إلى حلّ المطامر.
وكان سلام قد أعلن الأسبوع الماضي، بعد جلسة للحكومة، أنه لن يوجه دعوة إلى عقد جلسة جديدة إذا لم يُحلّ موضوع النفايات، قائلاً «في حال عدم التوصل إلى مخرج خلال أيام فإنه سيُعلن فشل الحكومة وبالتالي عدم وجود مبرر لاستمرارها». وهو ما عادت وأكدت عليه مصادره لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «لا يزال رئيس الحكومة على موقفه لجهة نيته الاستقالة إذا لم يحل ملف النفايات»، لافتة في الوقت عينه إلى أن المساعي مستمرة على هذا الخط إنما لا إشارات إيجابية لغاية الآن.
ويوم أمس رأى البطريرك الماروني بشارة الراعي أنه «لولا الشلل على الصعيد الوطني، لما تمادى المتمادون بشلّ رئاسة الجمهورية في لبنان بالفراغ منذ سنة وتسعة أشهر، ولما شُلَّ المجلس النيابي في غياب تشريع المساءلة والمحاسبة، والحكومة عاجزة عن اتخاذ القرارات الواجبة، ولما انتشر الفساد في المؤسسات العامة من دون رادع، بل بحماية سياسية».
وفي هذا الإطار قال وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور بأن «رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري اتفقا خلال لقائهما قبل يومين على استمرار العمل الحثيث لأجل تحريك المياه الراكدة في الاستحقاق الرئاسي والدفع باتجاه انتخاب رئيس، إضافة إلى الحرص على الحكومة وتفعيل عملها وفتح أبواب التشريع الموصدة في المجلس النيابي من دون وجه حق، كما كان هناك اتفاق على ضرورة إيجاد الحل السريع لأزمة النفايات التي استفحلت وباتت تهدد صحة المواطن وسلامة آخر المؤسسات الدستورية العاملة أي مجلس الوزراء».
ورأى في كلمة له خلال غداء تكريمي لمدير متوسطة تنورة الرسمية في قضاء راشيا أن «الأزمة الناشئة مع دول الخليج قابلة للعلاج، وعلاجها بيد اللبنانيين أو بعضهم عبر الكف عن استعداء واستفزاز الدول العربية بمواقف وتصريحات وتصرفات ليست في مصلحة لبنان واللبنانيين، ولا تنتسب إلى ثوابتهم أو انتمائهم ولا إلى أولوياتهم، فلا يصح أن تتقدم حسابات ومصالح وصراعات اليمن والبحرين وسوريا وغيرها من مشكلات المحيط على مصالح لبنان وشعبه».
من جهته، حمل وزير العمل سجعان قزي مسؤولية فشل حل ملف النفايات إلى «أفرقاء أساسيين من خارج الحكومة»، معتبرا أن «الموضوع لو كان موجودا بين الوزراء فقط لكانت أزمة النفايات تم حلها منذ سنة». وشدد على أن «الحكومة لم تتأخر بإشراف رئيسها عن تقديم أكثر من حل للأزمة وكل المشاريع التي قدمت إن كانت منها مطامر محارق، ترحيل، ضم النفايات إلى معامل الإسمنت، كل الحلول جيدة وإذا لم يتم تنفيذ أي خطة فالسبب هو جهات سياسية خارج الحكومة عرقلت التنفيذ»، سائلا: «لو كان مركز القرار الحكومة لماذا دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى طاولة الحوار؟ ولماذا انتقل البحث من الانتخابات الرئاسية إلى النفايات».
واعتبر قزي أن «هذا يعني أن مركز قرار الحل ليس في مجلس الوزراء وبين الوزراء بل عند أقطاب السياسيين، الذين بعض منهم يعرقل الحل»، مشيرا إلى «أننا وصلنا إلى حل بعدما تم إفشال الحلول الأخرى، وهو حل المطامر، نحن على مسافة متساوية من الفشل والنجاح». معتبرا أنه «سيكون هناك مزايدات بهذا الملف لأننا على مسافة شهر من الانتخابات البلدية».
في المقابل، رأى وزير المال علي حسن خليل أن «الوقت ليس للمزايدات في ظل حريق المنطقة، بل للتفتيش عن اللقاء فيما بيننا لتجميد الخلافات وتحييدها قدر الإمكان بما يسمح لنا بأن ننطلق مجددا نحو إعادة بناء دولتنا التي نريد». وأضاف: «على هذا الأساس عمل رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال الفترة الماضية على تخفيض مستوى التوتر في العلاقات الداخلية لأنه كان يعرف مخاطر وحجم الاشتباك الدولي الحاصل على مستوى المنطقة». وأكد أهمية عمل المؤسسات، فالحكومة عليها أن تتخذ قرارها الحاسم بمعالجة الملفات الشائكة، فلا يكفي أن نقول إما يتحقق هذا البند أو نعطل الحكومة». ودعا الحكومة إلى «اتخاذ قرارها وتحمل الجميع المسؤولية في أي ملف»، والقوى السياسية إلى «اتخاذ خيار بالعودة إلى المجلس النيابي فور بدء الدورة العادية لأنه من غير المسموح أن نطلق الرصاص على أنفسنا أو أن ننتحر بأيدينا من خلال تغييب المؤسسات التي تحفظ الدولة».
وقال: «نريد دولة لا تخيف الجميع لا انتصار فيها لفئة على فئة ولا لطائفة على طائفة، فلا طائفة رئيسية ولا طائفة قائدة ولا طائفة تصادر قرار أحد بل الدولة التي نريد فيها قرارا للناس إلى مصيرهم ومستقبلهم وهذه الدولة لا يمكن أن تبنى من دون أن تعمل المؤسسات بالطريقة النظامية العادية، لأنها متى سقطت سقط معها لبنان، سقط هذا التفاعل الحضاري الذي قدناه ولا يمكن لأحد أن يخدم إسرائيل أكثر من إسقاط لبنان».
الحكومة اللبنانية أمام امتحان النفايات الأخير.. وسلام على موقفه: الحل أو الاستقالة
أبو فاعور: اتفاق بين الحريري وجنبلاط للدفع باتجاه انتخاب رئيس

الحكومة اللبنانية أمام امتحان النفايات الأخير.. وسلام على موقفه: الحل أو الاستقالة

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة