مصرع 18 مهاجراً بغرق مركبهم قبالة سواحل جنوب غربي تركيا

أكثر من 30 ألف مهاجر عالقون في اليونان وسط ظروف صعبة

مصرع 18 مهاجراً بغرق مركبهم قبالة سواحل جنوب غربي تركيا
TT

مصرع 18 مهاجراً بغرق مركبهم قبالة سواحل جنوب غربي تركيا

مصرع 18 مهاجراً بغرق مركبهم قبالة سواحل جنوب غربي تركيا

قتل 18 مهاجراً عندما غرق قاربهم في بحر ايجة اثناء محاولتهم العبور من تركيا إلى اليونان، حسبما أفادت وكالة أنباء (الأناضول) التركية الرسمية.
وقالت الوكالة، إن حرس السواحل التركي أنقذ 15 مهاجراً من القارب الذي غرق قبالة ساحل بلدة ديديم جنوب غربي تركيا.
في اليونان، ما زال عشرات آلاف المهاجرين عالقين وسط ظروف بائسة بسبب القيود التي فرضها عدد كبير من دول البلقان، عشية قمة بالغة الأهمية بين الاتحاد الاوروبي وتركيا من أجل التوصل إلى تسوية لأزمة الهجرة.
وفيما تواصل البلدان الأوروبية مساعيها للاتفاق على موقف مشترك لقمة الاثنين، دعت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل السبت إلى "التضامن" الأروبي مع اثينا.
وبينما كان يشرف على توزيع المواد الغذائية، قال ابوستولوس تزيتزيكوستاس حاكم مديرية مقدونيا اليونانية، في تصريح متلفز"على معبر ايدوميني وحده على الحدود مع مقدونيا، يتكدس 13 الف شخص، وحوالى 20 الفا في هذه المديرية، اي اكثر من 60% من العدد الاجمالي للمهاجرين في البلاد"، مضيفاً "بتنا غير قادرين على تحمل هذا العبء وحدنا".
وأعلنت ميركل في مقابلة الاحد مع صحيفة "بيلت"، أنه "كان يتعين على اليونان تأمين 50 الف مكان لايواء اللاجئين قبل نهاية 2015". واضافت أن "على الاتحاد الاوروبي تأكيد وقوفه إلى جانب اليونان ودعمها بطريقة تضامنية".
وعدد المرشحين للجوء، خصوصا من السوريين والعراقيين والافغان، العالقين في كل انحاء اليونان، يزداد منذ اغلقت مقدونيا حدودها، ومنذ اتخذت دول البلقان وحتى النمسا، التدابير المشددة.
وعلق اكثر من 30 الف مهاجر في اليونان، حيث تنشط منظمات غير حكومية لمساعدتهم، في حين بدأت منظمة اطباء بلا حدود السبت نصب الخيم لأكثر من الف شخص اضافي، فيما ينام عدد كبير من المهاجرين في العراء، في حقول رطبة او في حفر.
وفي الايام الاخيرة، تظاهر سوريون وعراقيون امام حاجز الاسلاك الشائكة الذي يمنع المرور إلى مقدونيا، على مرأى من شرطة مكافحة الشغب.
وفي الاسبوعين الاخيرين، فتحت مقدونيا حدودها مرات عدة، ولم تسمح إلا بمرور 2000 مهاجر، فيما يصل الف يوميا إلى اليونان من تركيا.
وقد اجتاز حوالى 200 شخص الحدود بين الجمعة والسبت، لكن الشرطة المقدونية تؤخر العمليات ساعات، وتحتج على الوثائق التي تسلمها الشرطة اليونانية إلى اللاجئين.
وتبني اليونان مراكز جديدة لاستقبال اللاجئين، لكن كثيرين منهم يفضلون التوجه إلى الحدود، آملين في مواصلة رحلتهم ويبقون عالقين فيها اسابيع.
وقدرت اثينا للاتحاد الاوروبي حاجياتها بـ 480 مليون يورو، لاستقبال 100 الف لاجئ. فيما تقول الامم المتحدة ان من المتوقع ان يبلغ عدد اللاجئين العالقين في اليونان 70 الفا في الاسابيع المقبلة.
وستنشر بلغاريا التي لم تبلغها حتى الآن موجات اللاجئين، اكثر من 400 جندي على حدودها مع اليونان، لتدارك احتمال ارتفاع عدد الواصلين، كما اعلن رئيس الوزراء بويكو بوريسوف.
وبلسان مستشارها فرنر فايمن، طلبت النمسا التي حددت في يناير (كانون الثاني)، حصصا لاستقبال طالبي اللجوء على اراضيها، من المانيا القيام بمزيد من الخطوات لتجنب استمرار جذب اللاجئين.
وخلال قمة الاثنين، يرغب الاتحاد الاوروبي في أن يقنع تركيا ببذل مزيد من الجهود لوقف تدفق اللاجئين، فيما تأمل انقرة في المقابل في تسريع اجراءات انضمامها إلى اوروبا.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»