مقتدى الصدر يطالب أنصاره بمواصلة التظاهر على أبواب المنطقة الخضراء

قيادي في التحالف الشيعي: زعيم التيار يشعر بالعزلة بعد تورطه في تحريك الشارع

مقتدى الصدر يطالب أنصاره بمواصلة التظاهر على أبواب المنطقة الخضراء
TT

مقتدى الصدر يطالب أنصاره بمواصلة التظاهر على أبواب المنطقة الخضراء

مقتدى الصدر يطالب أنصاره بمواصلة التظاهر على أبواب المنطقة الخضراء

في أعنف هجوم من نوعه على التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان العراقي) وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هذا التحالف بـ«التخالف الوطني»، في إشارة إلى عمق الخلافات بين مكوناته إثر فشله في اختيار رئيس له بعد تولي رئيسه إبراهيم الجعفري منصب وزير الخارجية في حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي وعدم القدرة على تحويل التحالف إلى مؤسسة، مثلما وعدت هيئته السياسية، عقب تشكيل الحكومة الحالية.
وقال الصدر في بيان له عقب التظاهرات التي دعا إليها أول من أمس الجمعة بالقرب من المنطقة الخضراء المحصنة «كل الحب والوفاء والشكر والامتنان لمن تظاهروا أمام أبواب المنطقة الحمراء (في إشارة إلى المنطقة الخضراء) يدًا بيد مع القوات الأمنية العراقية البطلة على الرغم من المنع الذي صدر من رئيس الوزراء العراقي بخصوص مكان التظاهر بعد أن حصل على تأييد بعض حلفائه في (التخالف الوطني) لتعطيل التظاهرات وكتم الصوت العراقي الحر». وأضاف: «يجب الاستمرار بالتظاهر في بغداد حصرًا بحضور أهالي بغداد والمحافظات جميعًا لمن استطاع المجيء منكم بمظاهرة سلمية للوصول إلى الإصلاحات الشاملة والحقيقية وبأسرع وقت ممكن لإيصال العراق إلى بر الأمن والأمان».
وأشار الصدر إلى أنه «يجب المضي برفع أصواتكم، فأنتم صوت الحق وصوت الإصلاح الذي به ننتصر وبه يخضع كل فاسد تربع على عرش العراق وخصوصًا أن اللجنة المستقلة المخولة باختيار الشخصيات التكنوقراط على وشك الانتهاء من تقديم أفراد الكابينة الوزارية لتشكيل الحكومة لكي تقدمها لمجلس النواب عن طريق رئيس الوزراء ليصوت عليها مجلسكم كما عهدناه». وتابع الصدر أنه «وبعدها ستكونون مخولين يا شعب العراق، بل تكونون ملزمين بالدفاع عن عراقكم وأمنه وسيادته وصلاحه، فإن رضي البرلمان بها فله ذلك وإلا فالأمر إلى الشعوب موكول ولكم الخيار في التعبير عن صوتكم أيًا كان»، سائلا الله «أن لا تراق نقطة دم واحدة على هذه الأرض المعطاء فنحن دعاة سلم وسلام لمن أراد السلم والسلام».
في سياق متصل، أكد قيادي في التحالف الوطني الشيعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» (طالبًا عدم الإشارة إلى اسمه) إن «الصدر بات يشعر الآن بالعزلة بعد أن تورط كثيرًا في تحريك الشارع الصدري، بطريقة داعبت عواطف البسطاء ولكنه وصل الآن إلى نهاية محتومة؛ إما الاستماع إلى صوت العقل والتعامل بحكمة مع الأوضاع المعقدة التي يمر بها العراق أو انفلات الشارع بطريقة بدا هو غير مسيطر عليها بدليل مطالباته لأنصاره بالانضباط وعدم اللجوء إلى الفرهود». وأضاف أن «هناك معلومات عن وصول أعداد كبيرة من المتظاهرين كانوا مسلحين ونحن لا نعرف إن كان هؤلاء ينتمون إلى التيار الصدري أم هم من المندسين، وبالتالي فإنه لو حصل أي احتكاك مع القوات الأمنية الموجودة، التي كانت هي الأكبر من حيث الجاهزية والاستعداد، فإنه يمكن أن تحصل مجزرة، وهو ما يعني أنه لا الصدر ولا غيره سيكون قادرًا على احتوائها». وكشف القيادي في التحالف الوطني عن «بدء ممارسة ضغوط من قبل جهات شيعية نافذة، من بينها إيران والمرجعية الدينية في النجف على الصدر، لكي يتراجع عن هذا التصعيد غير المحسوب في ظل ظرف غير طبيعي». إلا أن القيادي في ائتلاف دولة القانون ورئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التحالف الوطني موجود ومتماسك، وهو مع الإصلاحات ومع التظاهرات شريطة التزامها بالسلمية، وبالتالي لا أجد أن هناك ما يؤيد ما ذهب إليه السيد الصدر بتسمية هذا التحالف باسم (التخالف) سوى أن حركة الصدر الاحتجاجية هذه لم تحظ بتأييد كل التحالف الوطني، إذ إنه مع رغبة الجميع بتحقيق الإصلاحات في أسرع وقت ممكن لكن دون ممارسات ضغوط يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية». وأضاف السراج أن «نهج الصدر ثوري بينما التحالف الوطني يريد بناء دولة، وهو ما يتطلب مشاركة الطيف الوطني حيث لدينا شركاء لا بد من أخذ رأيهم والتعامل معهم، وهو ما يتطلب بقاء المشاورات داخل التحالف الوطني بوصفه الخيمة التي تضم المكونات الشيعية المشاركة في العملية السياسية وأن أي محاولة بالخروج عليها سوف تعود على من يعمل عليها بنتائج سلبية».
من جهة ثانية، أكد التيار المدني حرصه على بناء الدولة المدنية مع تأييده الاستمرار بالضغوط الجماهيرية عبر الاحتجاجات، وقال القيادي البارز في التيار المدني جاسم الحلفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يربطنا بالتيار الصدري ليس تحالفًا سياسيًا، لأننا من دعاة بناء الدولة المدنية لكننا نرى في التظاهرات سواء تلك التي انطلقت عام 2011 وكان لتيارنا المدني الدور الأبرز فيها أو التي انطلقت خلال شهر أغسطس (آب) عام 2015 والتي جعلت الحكومة تطلق عدة حزم إصلاحات وتخلق حركة غير مسبوقة في الشارع العراقي، حركة ضرورية من أجل زيادة الضغط، وهو ما نقوم به حاليًا مع التيار الصدري الذي ينسق معنا وننسق معه على هذا الصعيد». وأضاف الحلفي أن «الهدف الذي نعمل عليه نحن الآن ويشاطرنا الرأي ذاته التيار الصدري هو محاربة الفساد وتقديم الخدمات، ودون ذلك لا يمكن التفكير بشكل ونوع الحركة المقبلة بما في ذلك الكيفية التي يمكننا من خلالها بناء الدولة». وأشار إلى أن «ما يربطنا بالتيار الصدري هو الاحتجاج ضد الفساد، وهو أمر لا يرتبط بجهة سواء كانت مدنية أم دينية بل هو مشترك عام نحرص عليه جميعًا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.