اختيار العبدة رئيسًا لـ«الائتلاف» جاء بالتزكية

أبرز تحدياته التعامل مع التسوية السياسية للأزمة

اختيار العبدة رئيسًا لـ«الائتلاف» جاء بالتزكية
TT

اختيار العبدة رئيسًا لـ«الائتلاف» جاء بالتزكية

اختيار العبدة رئيسًا لـ«الائتلاف» جاء بالتزكية

انتخب «الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة السورية» بالتزكية أمس، انس العبدة رئيسًا جديدًا له، خلفًا للدكتور خالد خوجة المنتهية ولايته، خلال اجتماع الائتلاف في مقره في إسطنبول، بأغلبية 63 صوتًا، وبغياب أي منافس له.
وأعلن «الائتلاف» في بيان أصدره، أن أعضاء هيئته العامة توافقوا أمس خلال اجتماعهم المستمر منذ 26 فبراير (شباط) الماضي، على هيئة رئاسية جديدة برئاسة أنس العبدة، وضمت كلاً من موفق نيربية وعبد الحكيم بشار وسميرة مسالمة نوابًا له، وعبد الإله فهد أمينًا عامًا. وواصل الائتلاف اجتماعه حتى مساء السبت لاختيار 19 عضوا في الهيئة السياسية.
العبدة، المحسوب على التيار الإسلامي المعتدل، انتخب لدورة رئاسية واحدة مدتها ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. ولقد كتب خوجة، الذي كان انتخب رئيسا في يناير (كانون الثاني) 2015، على حسابه على «تويتر»: «أهنئ الزميل أنس العبدة بتسلمه مهام رئاسة الائتلاف داعيًا له بالتوفيق في العمل على نصرة ثورة سوريا وإيصال رسالتها للعالم».
حاز العبدة على غالبية الأصوات، إذ صوّت له، وهو المرشح الوحيد، 63 عضوا في الهيئة العامة لـ«الائتلاف» من أصل 103، بحسب متحدث في المكتب الإعلامي. ويأتي انتخابه في مرحلة سياسية دقيقة. إذ يواجه «الائتلاف» تحديات كثيرة أبرزها التعامل مع عملية التسوية السياسية للأزمة السورية المستمرة منذ خمس سنوات، و«مستقبل العملية التفاوضية»، كما قال النائب السابق لرئيس الائتلاف هشام مروة لـ«الشرق الأوسط». فقد أشار مروة إلى أن «هذه المرحلة مفصلية في الأزمة السورية، وتخوض المعارضة أهم التحديات والأكثر تعقيدًا في مراحل الأزمة، بالنظر إلى المفاوضات وإمكانية نجاحها أو فشلها». وتابع أن الفريق المنتخب «مهيأ لتحقيق إنجازات، في ظل جو دولي سيساعدهم على بلورة موقف وتحديد مصير الثورة السورية».
وأكد مروة أن العبدة وموفق نيربية، كما سائر المنتخبين «هم قريبون من جميع أطياف الائتلاف، وعلى مسافة الوسط بين الجميع»، معربًا عن اعتقاده أن التوقعات بنجاحهم في مهمات تحقيق إنجازات سياسية مميزة في هذه المرحلة «كبيرًا نظرًا لأن انس العبدة شخص مرن وبراغماتي وقادر على التعامل مع المتغيرات الدولية»، لافتًا إلى أن «كل الأعضاء المنتخبين يتمتعون بتلك الميزة».
في المقابل، رغم التوافق على انتخاب العبدة، برزت ملامح اعتراض من قبل «الكتلة الديمقراطية» في «الائتلاف» التي أعلنت في بيان عدم مشاركتها بما سمته «المحاصصة والدخول بنفس العقلية، وتنأى بنفسها عن كل ما نتج». كذلك أعلنت أن «أيا من الأسماء المطروحة لا تمثل الكتلة الديمقراطية بأي حال من الأحوال، كما وتعلن الكتلة الديمقراطية بأنها ستبقى كتلة معارضة وتعلن مواقفها أمام شعبنا ومواطنينا وتدافع عن رؤيتها في تصديها لهذا النهج والعقل والسلوك، الذي غابت عنه السياسة واكتفى بتوزيع حصص لا تبشر إلا بمزيد من التهميش والضعف السياسي لعملنا».
ويأخذ بعض المعارضين على عملية الانتخاب، بأن ما جرى «يشبه التعيين وليس الانتخاب». وقالت مصادر من مقاطعي الانتخابات أن بعض المعارضين «سحبوا ترشيحهم بسبب ضغوط دولية مورست على بعض أعضاء الائتلاف».
من جهته، قال موفق نيربية، النائب الأول للرئيس، إن «النتيجة هي انعكاس لتوافق أغلبية تكتلات وأعضاء الائتلاف للمرة الأولى»، معتبرًا أنه «يعكس إحساسًا كبيرًا بأهمية وحجم التحديات السياسية والميدانية وبالأخطار التي تحيق الآن بمصائر بلدنا وشعبنا». وأشار في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية إلى أن هذه التطورات «تتسابق بقوة مع عودة الأمل بإحياء روح الثورة واستمرارها الذي انعكس الجمعة بمظاهرات سلمية مذهلة عمت الأراضي السورية في أكثر من 105 نقاط»، مشيرًا إلى أن التوافق «جاء على أساس تعديل النظام الأساسي بحيث تكون الهيئة السياسية للائتلاف قيادة له بين اجتماعين للهيئة العامة، ما يمنع الهيمنة والمصادرة من قبل الرئاسة على قرار وتوجهات الائتلاف، أي إننا جئنا كرئاسة تسلم أمرها للمؤسسة كشرط لهذا التحول والنتيجة».
هذا، وعدّلت الهيئة العامة كلاً من المادتين 21 و8 من النظام الأساسي، وتتعلقان بإدارة الهيئة السياسية للائتلاف بين دورتين للهيئة العامة، وأحقية عضو الائتلاف بالترشح مرة جديدة بعد مضي دورتين على انتهاء ولايته.
ومن جانبها، قالت النائبة الثانية للعبدة سميرة مسالمة لوكالة الأنباء إن التحديات كبيرة، «ونحن نعوّل على عمل فريقنا الجديد كي نستدرك أي أخطاء وبالتالي نعرف أن الواقع صعب لكن سنعمل من أجل الأهداف النبيلة التي ينادي بها الشعب السوري، وكنا ولا نزال نؤمن بالحل السياسي الذي يستند على قرارات الشرعية الدولية ولا سيما جنيف واحد وباقي الملحقات مثل فينا وغيرها».
ما يذكر أن الدور السياسي لـ«الائتلاف» تراجع في المحافل العامة خلال الأشهر الأخيرة بعدما أخذ نجم «الهيئة العليا للمفاوضات» التي تشكلت في الرياض نهاية عام 2015 بالصعود واستحوذت «الهيئة العليا» على الأضواء الإقليمية والدولية والتي انبثق عنها مؤخرا الوفد المفاوض إلى جنيف 3 في مواجهة نظام الأسد، وأثير الكثير من الجدل حول المشاكل التي يعاني منها «الائتلاف» في الفترة الأخيرة.
ويقول بعض الأعضاء البارزين في المعارضة السورية إن «دور الهيئة العليا لا يتعارض مع دور الائتلاف إنما يتكامل معه»، لكن هذا الرأي يرفضه البعض الآخر باعتبار أن «المجتمع الدولي الآن يتعامل مع الهيئة العليا باعتبارها الجسم السياسي الأبرز الذي يمثل المعارضة السورية المعترف بها دوليا والتي يترأسها رئيس الوزراء المنشق عن نظام الأسد رياض حجاب».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.