البرلمان المصري يسقط عضوية النائب عكاشة بعد لقائه السفير الإسرائيلي

وزير الخارجية الأسبق لـ «الشرق الأوسط»: تل أبيب ستسعى لاستغلال الأمر

البرلمان المصري يسقط عضوية النائب عكاشة بعد لقائه السفير الإسرائيلي
TT

البرلمان المصري يسقط عضوية النائب عكاشة بعد لقائه السفير الإسرائيلي

البرلمان المصري يسقط عضوية النائب عكاشة بعد لقائه السفير الإسرائيلي

أسقط مجلس النواب المصري (البرلمان) أمس العضوية عن النائب توفيق عكاشة في أعقاب لقائه السفير الإسرائيلي بالقاهرة حاييم كورين قبل نحو أسبوع. وقال رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال إن الإجراء تم بعد اكتمال النصاب القانوني المطلوب لإسقاط العضوية عن النائب وهو ثلثا أعضاء المجلس (396 نائبًا)، حيث صوت أكثر من 400 بالموافقة.
وشكل مجلس النواب الأحد الماضي لجنة للتحقيق مع عكاشة بعد استضافته السفير الإسرائيلي في منزله بمحافظة الدقهلية، الأمر الذي أثار ردود فعل منددة من قبل النواب ولدى عموم الرأي العام. وضرب النائب كمال أحمد خلال جلسة الأحد عكاشة بـ«الحذاء».
وقال محمد العرابي، وزير خارجية مصر الأسبق وعضو البرلمان لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل سوف تستغل أمر إسقاط العضوية بشكل سياسي ضد مصر لأقصى حد، وذلك بالترويج لدى الدول الغربية بنقض مصر لمعاهدة السلام الموقعة بين البلدين عام 1979، واستمرار معاداتها (إسرائيل) في منطقة الشرق الأوسط».
لكن العرابي قال إن «الأمر لن يصل إلى أزمة سياسية بين البلدين»، مشيرًا إلى أن «تل أبيب باتت تدرك منذ فترة أن محاولات التطبيع مع مصر باءت بالفشل، رغم محاولاتها المستمرة.. وحتى الولايات المتحدة كفت عن السعي إلى ذلك، مكتفية بالعلاقات الرسمية بين البلدين».
وأضاف: «التطبيع أمر مرفوض شعبيا في مصر، والقاهرة ملتزمة فقط بالعلاقات الرسمية طبقا للمواثيق الدولية، في حين يعبر البرلمان عن الشعب المصري ويمثل الرأي العام الذي يرفض التطبيع».
ورغم مرور عقود على توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل، ظل الموقف الشعبي رافضًا لأي بادرة للتطبيع مع تل أبيب، كما تنص لوائح عدة مؤسسات في مصر على اتخاذ إجراءات عقابية بحق أعضائها المطبعين.
ورفض مجلس النواب في جلسته العامة أمس التوصيات التي وردت في تقرير اللجنة الخاصة المشكلة للتحقيق مع عكاشة، بعد أن أوصت بحرمانه من الاشتراك في أعمال المجلس حتى نهاية دور الانعقاد واستمرار اللجنة في التحقيق فيما صدر ضده من الوقائع المحالة إليها.
وقرر الدكتور عبد العال بناء على هذا الرفض ومطالبات النواب بتغليظ العقوبة التصويت على إسقاط عضوية عكاشة. وجرت عملية التصويت لإسقاط عضوية النائب بتلاوة أسماء النواب لأخذ تصويت كل نائب بالاسم.
وعلّق عبد العال على قرار اللجنة قائلا إن «التحقيق مع عكاشة لا يتعلق بلقائه بسفير إحدى الدول الأجنبية، ولكن بالأمور المتعلقة بالأمن القومي التي تناولها النائب خلال لقائه». وأضاف أن البرلمان يحترم جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أبرمت باسم الدولة المصرية ومنها اتفاقية السلام.
من جانبه، قال النائب حسن بسيوني رئيس اللجنة الخاصة المشكلة للتحقيق مع عكاشة، إن اللجنة انتهت إلى ثبوت مخالفة عكاشة لأحكام الدستور والقانون ومبدأ الفصل بين السلطات، وأن هذه المخالفة تحققت بأن قام عكاشة وهو عضو من أعضاء السلطة التشريعية بالالتقاء بسفير إحدى الدول الأجنبية بمنزله، والتباحث معه في شأن من الشؤون الدبلوماسية والدولية الجاري التفاوض في شأنها بمعرفة جهات الدولة المعنية مع دولة ثالثة على نحو يمثل مساسا وإضرارا بالأمن القومي للبلاد وانتقاصا من السيادة المصرية ودعوة للغير في التدخل في شؤونها.
وتابع بسيوني أن عكاشة أقر في التحقيق بمناقشة مسألة سد النهضة الإثيوبي وما يرتبط به من مسائل مع سفير تلك الدولة وإطلاقه وعودا في مسائل لا صلاحية قانونية له، ولا صفة له بالتكلم باسم الدولة المصرية في شأنها، فضلا عن أنه لم يقم بإخطار مجلس النواب أو رئيسه أو مكتبه بذلك، ولم يؤذن له فيه، ولم يحصل على تفويض بالتصرف على هذا النحو، ما عرض الموقف التفاوضي المصري في شأن مسألة سد النهضة للضرر وأخل بالمركز التفاوضي المصري وبالمصالح القومية.
وقال النائب خالد يوسف: «أسجل أنني أحد المعترضين على معاهدة السلام، ولكنني أقر أن الدولة المصرية عقدت معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني، ونحن مع هذه المعاهدة والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر»، مطالبًا بإسقاط العضوية عن عكاشة لعمله على تقسيم مصر وإظهارها في صورة دولة صغيرة لا تستطيع حل مشكلاتها ومطالبة جهات أجنبية بإنقاذ مصر.
وشهدت إجراءات التصويت على إسقاط عضوية عكاشة حالة من الجدل بين النائب محمد أنور السادات ورئيس المجلس، حول مدى صحة الإجراءات المتبعة في هذا الشأن. وقال السادات إن «عكاشة أخطأ أخطاءً كثيرة تجاوزت كل الحدود ولا ينكرها عاقل، لكن الإجراءات طبقا للمادة 110 من الدستور والمادة 381 من اللائحة الداخلية للمجلس تنص على أنه لا يجوز إسقاط العضوية في الجلسة ذاتها، حيث لا بد من إحالة الطلب في جلسة أخرى عقب إعداد لجنة القيم أو لجنة الشؤون التشريعية والدستورية تقريرها».
وعقّب رئيس مجلس النواب بالقول إنه (السادات) «يستند لتفسير خاطئ، فالمعروض الآن متعلق بالإخلال بواجبات العضوية، والإجراءات صحيحة، حيث أحيل الموضوع إلى لجنة خاصة حققت فيه وانتهت من عملها وأصدرت توصيات رفضها المجلس ليتم طرح إسقاط العضوية بعدها».
وأوضح الدكتور عبد العال أن إجراءات إسقاط عضوية عكاشة تدخل ضمن العقوبات التأديبية المنصوص عليها في اللائحة. وقال عبد العال: «لا نوقع عقوبات سياسية أو جنائية، وإنما نوقع عقوبات تأديبية منصوص عليها في اللائحة».
وتنص المادة 110 من الدستور على أنه «لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها. ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.