أعلن قصر الإليزيه، أمس، أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيستقبل مساء الجمعة المقبل الأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي، بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى فرنسا، وهي الأولى من نوعها التي تتم بصفته وليا للعهد.
ووصفت مصادر فرنسية رسمية الزيارة بأنها «بالغة الأهمية» بالنظر للعلاقات الفرنسية - السعودية ورغبة الطرفين في «مزيد من التشاور والتنسيق»، بشأن المسائل كافة، خصوصا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط.
وقالت المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن باريس ستستقبل الأمير محمد بن نايف باعتباره «ولي العهد لبلد صديق تربطه بفرنسا علاقات قوية وشراكة استراتيجية»، كذلك فإنها ستستقبله كوزير للداخلية أي «كشريك في محاربة الإرهاب» منذ فترة طويلة.
وأضافت المصادر أن فرنسا «ستستقبل مسؤولا رفيعا في مرحلة دقيقة تبرز خلالها علاقاتنا مع السعودية على أنها أساسية، والتعاون ضروري»، بصدد كل الأزمات والحروب التي تعصف بالشرق الأوسط سواء أكان ذلك في سوريا والعراق واليمن أو في ميدان الحرب على الإرهاب، أو محاولة إعادة إطلاق مسار السلام في الشرق الأوسط، أو توفير الدعم لاستقرار وسلامة لبنان وملء فراغه المؤسساتي.
وأعد للأمير محمد بن نايف برنامج حافل، إذ سيلتقي خلال زيارته الرئيس فرنسوا هولاند، ومانويل فالس رئيس الحكومة، وبرنار كازنوف وجان مارك أيرولت وزيري الداخلية والخارجية.
ومن المنتظر أن يلتقي الأخير نظيره السعودي عادل الجبير في القاهرة الأسبوع المقبل بمناسبة الزيارة السريعة التي سيقوم بها الوزير الفرنسي للعاصمة المصرية لعرض جهود باريس الهادفة إلى إعادة إطلاق مسار السلام الفلسطيني - الإسرائيلي المتوقف منذ 2014.
وتنوي فرنسا الدعوة إلى مؤتمر دولي موسع (الرباعية الدولية الموسعة بمشاركة أوروبية وعربية ومنظمات وهيئات دولية) في باريس خلال شهر أبريل المقبل من غير الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لتحضير الأرضية، على أن يتبعه مؤتمر سلام بحضور الطرفين أوائل الصيف.
وقالت المصادر الفرنسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس هولاند أقر الخطة التي أعدها وزير الخارجية السابق لوران فابيوس وتبناها الوزير الحالي جان مارك أيرولت، وتم تعيين السفير السابق بيار فيمون، الذي كان لسنوات الأمين العام التنفيذي لجهاز السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ممثلا شخصيا للوزير الفرنسي مكلفا بمهمة التحضير للمؤتمرين والقيام بالاتصالات اللازمة.
وبحسب هذه المصادر فإن باريس «تعول كثيرا على السعودية» لمساعدتها على إطلاق مبادرتها باعتبار أن الرياض هي صاحبة «المبادرة العربية» التي تبنتها قمة بيروت العربية في عام 2002، وبالنظر لوزنها السياسي وقدرتها على التأثير. ولهذه الأسباب مجتمعة، فإن التعاون مع الرياض يبدو بالنسبة لباريس «حيويا» من أجل مساعدة المسؤولين الفرنسيين على توفير الدعم الكافي للترويج للمبادرة ودفعها إلى الأمام في ظل الرفض الإسرائيلي والفتور الأميركي واللامبالاة الأوروبية.
والى جانب المواضيع الأمنية والتعاون الثنائي بين الرياض وباريس، فإن المسائل السياسية ستحتل الحيز الأكبر في لقاءات ولي العهد السعودي في العاصمة الفرنسية، وأبرزها الملف السوري حيث وجهات النظر بين الطرفين متقاربة جدا.
ورغم الدعم الذي تؤكد عليه باريس لجهود الولايات المتحدة وروسيا ولمهمة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، فإنها تبقى «حذرة» من نوايا موسكو ومن سلوك النظام السوري ومن رغبة الطرفين الجادة في الدفع باتجاه حل سياسي في سوريا على أساس بيان جنيف (2013)، وبيان فيينا والقرار الدولي 2254 (2015) ومؤخرا القرار 2268. وفي أي حال، تشدد باريس على ضرورة أن يكون وقف الأعمال العدائية البوابة التي تفضي إلى العودة لمفاوضات جنيف 3 التي أجهضها النظام وروسيا بداية فبراير (شباط) الماضي، وإلى البدء بالبحث في عملية الانتقال السياسي التي لا ترى أن هناك فرصة لنجاحها مع بقاء الرئيس السوري في المشهد السياسي.
ومؤخرا، أعربت باريس عن «أسفها» لكون القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن لا يشير إلى «الهيئة العليا للتفاوض» التابعة للمعارضة السورية والمنبثقة عن مؤتمر الرياض الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض وأفضى إلى تشكيل الهيئة برئاسة رئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب، واستعاض عنها بعبارة «المعارضة» السورية، مما يشكل تراجعا بالنسبة للقرار الذي سبقه. وكشفت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» أن باريس «غير مرتاحة» لليونة الأميركية في التعامل مع موسكو التي ترى أنها نجحت في فرض أجندتها وأعادت الإمساك بالمبادرة الدبلوماسية والعسكرية في سوريا. ويبين العرض الذي تقدمه المصادر الفرنسية مدى التقارب في الرؤية بين الرياض وباريس بشأن المسائل كافة الملتهبة، وبشأن رغبة الطرفين في تعزيز العلاقات «الاستراتيجية» في المجالات كافة السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية والثقافية والتربوية.. كما يبين «تفهم» فرنسا للسياسة السعودية حيث إن باريس تعتبر أن الرياض قررت إمساك الكثير من الخيوط بيديها في وضع إقليمي صعب.
أما في الملف اللبناني فإن المصادر الفرنسية تشدد مع السعودية على أهمية الاستمرار في دعم لبنان والمحافظة على أمنه واستقراره، لأن عكس ذلك «لن يكون في مصلحة أحد»، ولأن المحافظة على لبنان يفترض أن تكون هدفا للجميع. إلا أنها، في الوقت نفسه، تعتبر أنه يتعين على الحكومة اللبنانية أن تقوم بـ«المبادرة الضرورية» إزاء السعودية وإزاء البلدان الخليجية الأخرى من أجل إعادة المياه إلى مجاريها بين العاصمتين.
ولي العهد السعودي يزور باريس الجمعة ويلتقي هولاند
مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: الزيارة بالغة الأهمية وتعزز الشراكة الاستراتيجية
ولي العهد السعودي يزور باريس الجمعة ويلتقي هولاند
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة