في غضون لحظات من تعرض أحلام آرسنال في بطولة دوري أبطال أوروبا للسحق بوحشية من جانب برشلونة، سارع مدربه، أرسين فينغر، لإعلان تقديره بأن فرص فوز فريقه في لقاء الإياب في كامب نو لا تتجاوز 5 في المائة - لا بد أنه يحتاج لقدر استثنائي من الحظ كي يحقق ذلك! والآن، أصبحت آمال آرسنال في التأهل لدور ربع النهائي لا تتجاوز 1 في المائة.
وطرح هذا التقدير بثقة بناءً على بحث أكاديمي جديد نشر في «الدورية الأوروبية للأبحاث العملية» (ذي يوروبيان جورنال أوف أوبريشنال ريسرتش)، والتي اتسمت بعنوان غير أكاديمي على الإطلاق: «ما النتيجة الجيدة في أول لقاء من مباراتي ذهاب وعودة بكرة القدم؟» نحن من جانبنا نعرف الإجابة: إلحاق هزيمة كبرى مدوية بالخصم. إلا أن الباحثين الأكاديميين القائمين على الدراسة سعوا نحو استكشاف حقائق أعمق. وللمرة الأولى، بذلوا محاولة لتقدير تأثير قاعدة الأهداف خارج الأرض - ولتوضيح كيف تؤثر نتيجة المباراة الأولى من مباراتي ذهاب وإياب على فرص فريق ما في التأهل. وشرع الباحثون في تحليل نتائج 6.975 مباراتي ذهاب وإياب في بطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، والمسابقات السابقة لهما، خلال الفترة بين ستينات القرن الماضي وموسم 2012 / 2013. وقد خلصوا نهاية الأمر إلى أن أهمية ميزة لعب نادٍ ما على أرضه تقلصت بمرور الوقت. بين موسمي 1965 - 1966 و1980 - 1981، فاز الفريق صاحب الأرض خلال المباراة الأولى من مباراتي الذهاب والإياب بنسبة 56.2 في المائة. خلال الفترة بين موسمي 1997 - 1998 و2012 - 2013، تراجعت النسبة إلى 46.1 في المائة.
إلا أن هذه النتيجة لم تمثل مفاجأة كبرى، ذلك أنها تعكس ما نعاينه بالفعل على الصعيد الكروي الأوروبي المحلي. وقد طرحت تفسيرات شتى لهذا التراجع، بما في ذلك ارتفاع مستوى قرارات الحكام وتحسن وسائل النقل والسفر، مما أدى لشعور أفراد الفرق المسافرة بإنهاك أقل - لكن يبقى هذا التراجع من دون تفسير حاسم ومؤكد. بعد ذلك، طرح الباحثون سؤالاً آخر: ما مدى فداحة الضرر الذي يتعرض له نادٍ ما عندما يدخل مرماه هدف أثاء لعبه على أرضه؟ ويعيدنا هذا السؤال إلى آرسنال وبرشلونة، فعلى مدار 70 دقيقة من عمر المباراة، بدت سيطرة الفريقين على المباراة متوازنة. بعد ذلك، تخلى آرسنال عن جديته في اللعب، ليستغل ليونيل ميسي الفرصة ويحرز الهدف الأول لبرشلونة. وفي غضون دقائق قليلة، يسجل ميسي ركلة جزاء تعزز تقدم النادي الإسباني. وانتهت المباراة على ذلك. ويأتي هذا، رغم تحذير فينغر مسبقًا للاعبيه من أنه: «إذا دخل هدف مرماكم على أرضكم في إطار دوري أبطال أوروبا، فإن هذا أشبه بضرب خنجر في قلوبكم»، مضيفًا أنه «على أرضنا حتى التعادل السلبي لا يعد نتيجة سيئة».
أظهر رد الفعل البائس من جانب المدرب الفرنسي على الهزيمة أنه كان ينزف بشدة. تعرض فريقه للهجوم بسبب «سذاجته»، ويرمي هذا إلى أنه كان على الفريق أن يواصل الحذر. ويوحي البحث الأكاديمي بأن فينغر ربما كان مصيبا في بعض ما يقول. وجد البحث أنه إذا التقى فريقان متساويان في القوة وانتهت جولة الإياب 0 - 0، فإن الفريق الذي يلعب على ملعبه لديه فرصة بنسبة 46.7 في المائة للتأهل. يرفع التقدم بهدف نظيف هذه الفرص إلى 65.3 في المائة. لكن الهزيمة 0 - 1 تهوي كحجر بهذه الفرص إلى 12.5 في المائة. ربما كان على آرسنال أن يواصل اللعب بحذر بدلا من المغامرة. كذلك وجد الباحثون أن النتيجة الأكثر توازنا قبل المباراة الثانية هي 2 - 1 وهي نتيجة تعطي للفريق الذي يلعب على ملعبه فرصة بنسبة 55.3 في المائة. على النقيض، يعطي الفوز 1 - 0 الفريق الذي يلعب على ملعبه فرصة بنسبة 63.5 في المائة بالمرور للدور الثاني. ويعني هذا أن الفوز 2 - 1 يمنح احتمالية الوصول إلى الدور التالي بنسبة تقل 8 في المائة عن نتيجة 1 - 0. وكما يشير اثنان من كاتبي التقرير، ديفيد فوريست وخوان دي ديوس تينا، من مدرسة الإدارة بجامعة ليفربول، فإن هذه أول مرة يتم فيها قياس تأثير قاعدة الهدف خارج الأرض.
وثمة شيء آخر جدير بالإشارة. إنما يشكل نتيجة إيجابية في جولة الذهاب ليس ثابتا، وإنما هو يتغير بمرور الوقت. وكما يشير فوريست: «اعتادت نتيجة 0 - 0 أن تكون نتيجة سيئة للفريق صاحب الأرض. حتى عام 1989، كان التعادل من دون أهداف يعني أن الفريق صاحب الأرض لديه حظوظ بنسبة 27.3 في المائة فقط بالمرور للدور التالي. أما الآن فقد وصلت هذه النسبة إلى النصف تقريبا». ومرة أخرى، هذا هو التأثير المقلل لميزة الأرض. إذن أين ينتهي بنا كل هذا العصف من الأرقام؟ أولا، يفتح هذا مجدد النقاش عما إذا كان ينبغي إلغاء قاعدة الهدف خارج الأرض، سواء لأنها ظالمة، أو تحدث تأثيرا عكس ما يفترض أن تفعله. وكما لاحظ فينغر الأسبوع الماضي، فإن قواعد الكأس الأوروبية الحديثة «تشجعك على الدفاع على ملعبك والهجوم خارجه بسبب أهمية الهدف خارج الأرض». لقد سبق وأن لفت فينغر الانتباه إلى هذه المسألة، حيث أشار في 2008: «بدلا من أن يكون لها تأثير إيجابي، فإن هذه القاعدة تم دفعها بعيدا من الناحية التكتيكية في مباريات كرة القدم الحديثة».
لكن هذا البحث الأخير، المنشور في ديسمبر (كانون الأول) 2015، يدعم ما يقوله فينغر مجددا. يعد الهدف خارج الأرض بالأساس قاعدة تحكيمية، إما لتجنب مباريات الإعادة، أو تقليل فرص الاحتكام لضربات الجزاء الترجيحية، ومع هذا فهي تشوه طريقة لعب الفرق وأحيانا النتيجة أيضًا. بطبيعة الحال يمكنك الرد على هذا بالقول إن التوتر الذي يزداد تدريجيا في مباراة الذهاب، ينفجر في كثير من الأحيان في جولة الإياب، وهو ما يعوض أي حذر في المباراة الأولى. لكن بالنظر إلى أن تأثير قاعدة الأهداف خارج الأرض قوي جدا، فقد يكون الاتحاد الأوروبي (يويفا) حكيما إذا سار على نهج كأس رابطة الأندية المحترفة عن طريق الاستعانة بها فقط بعد الوقت الإضافي.
في الوقت الراهن يحاول فينغر أن يلمم شتات هزيمة أخرى نالها آرسنال على يد مانشستر يونايتد. لكن بعد مجموعة من المباريات ضد سوانزي سيتي اليوم وتوتنهام هوتسبير، وهال سيتي، وويست برومويتش ألبيون في الأيام القادمة سيكون أمام قرار كبير آخر عندما يسافر المدفعجية إلى برشلونة لخوض المباراة الثانية في 16 مارس (آذار) ؛ فإما أن يتمسك بالأمل البعيد أو يقبل بالحقيقة القوية بأن العودة ليست بالتأكيد في متناول فريقه. كل الأدلة ترجح أنه قرار سهل.
دعوة فينغر لإصلاح نظام احتساب الأهداف خارج الأرض يدعمها الواقع
بعد تعرض أحلام آرسنال بحصد لقب دوري الأبطال للسحق على يد برشلونة
دعوة فينغر لإصلاح نظام احتساب الأهداف خارج الأرض يدعمها الواقع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة