إنفانتينو.. بين الوعود والشكوك وتحويل ما هو على الورق إلى واقع

الرئيس الجديد يتسلم منصبه مع تركة هائلة من سلفه بلاتر وثقيلة بفضائح الفساد

مهمة شاقة في انتظار إنفانتينو (أ.ف.ب) - سمعة كرة القدم تلوثت في عهد بلاتر  كما لم يحدث من قبل («الشرق الأوسط»)
مهمة شاقة في انتظار إنفانتينو (أ.ف.ب) - سمعة كرة القدم تلوثت في عهد بلاتر كما لم يحدث من قبل («الشرق الأوسط»)
TT

إنفانتينو.. بين الوعود والشكوك وتحويل ما هو على الورق إلى واقع

مهمة شاقة في انتظار إنفانتينو (أ.ف.ب) - سمعة كرة القدم تلوثت في عهد بلاتر  كما لم يحدث من قبل («الشرق الأوسط»)
مهمة شاقة في انتظار إنفانتينو (أ.ف.ب) - سمعة كرة القدم تلوثت في عهد بلاتر كما لم يحدث من قبل («الشرق الأوسط»)

أسدل السويسري جاني إنفانتينو الستار على انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بعد انتخابه الجمعة خلفا لمواطنه جوزيف بلاتر، ليبدأ التحدي الأصعب على الإطلاق والمتمثل في تحقيق الإصلاحات في المنظمة الكروية العليا وتوحيد اللعبة بعد عاصفة الفضائح التي أدت إلى إيقاف الكثير من المسؤولين ومن بينهم سلفه في «فيفا» ورئيسه في الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني.
تعهد أمين عام الاتحاد الأوروبي بنهاية الأيام السوداء في فيفا بعد تفوقه الجمعة على رئيس الاتحاد الآسيوي للعبة الشيخ البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة، لكن سرعان ما اصطدم المحامي السويسري - الإيطالي البالغ من العمر 45 عاما بجبل من التحديات، وأبرزها إقناع الرعاة الأساسيين لفيفا أن بإمكان الأخير العودة إلى السكة الصحيحة. كما على إنفانتينو أن يضع موضوع تنمية اللعبة في كل من آسيا وأفريقيا في القائمة الأساسية للمهام التي تنتظره من أجل التأكيد على أنه وضع الانتخابات خلفه بعد أن صوتت القارتان لمصلحة منافسه الشيخ سلمان على أمل أن يصل إلى سدة الرئاسة شخص من خارج أوروبا التي تزعمت المنظمة الكروية العليا لمدة 18 عاما بواسطة سلفه بلاتر. «سنعمل دون كلل، بدءا من نفسي»، هذا ما قاله إنفانتينو بعد انتخابه، مضيفا: «سنكون فخورين بفيفا. ستكونون فخورين بما سيقوم به فيفا من أجل كرة القدم».
* الإصلاحات الشاقة
ورأى إنفانتينو أن الإصلاحات التي تم التصويت عليها قبيل الانتخابات تعتبر «رائدة» وتطبيقها يشكل أولوية. وصوت 179 اتحادا من أعضاء الجمعية العمومية غير العادية لمصلحة اعتماد الإصلاحات التي اقترحتها لجنة مختصة بعد فضائح الفساد المتتالية التي ضربت هذه المنظمة منذ أشهر. وعرضت إصلاحات اللجنة التي ترأسها المحامي السويسري فرانسوا كارار وقدمت اقتراحاتها إلى اللجنة التنفيذية في الفيفا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على التصويت، فنالت 179 صوتا (89 في المائة)، مقابل رفض 22 صوتا لاعتمادها (11 في المائة). ومن أهم الإصلاحات التي تم اعتمادها تحديد سنوات ولايات رئيس الفيفا والأعضاء بـ12 عاما (3 ولايات حسب النظام الحالي)، هذا فضلا عن إنشاء مجلس الفيفا بدلا من اللجنة التنفيذية حاليا والذي ستكون مهمته وضع الاستراتيجية العامة وسياسات الاتحاد، على أن تتابع الأمانة العامة الخطوات التنفيذية والتجارية المطلوبة لتنفيذ هذه الاستراتيجية.
ويتم انتخاب أعضاء مجلس الفيفا من الاتحادات الأعضاء في مناطقهم الجغرافية حسب القوانين الانتخابية لفيفا، على أن تجري لجنة من الاتحاد الدولي فحص النزاهة للمرشحين (إجراء متبع للمرشحين لانتخابات رئاسة الفيفا أيضا)، مع تشكيل لجنة للمتابعة. ومن الإصلاحات أيضا أنه يتعين على كل اتحاد قاري انتخاب امرأة على الأقل في المجلس التنفيذي للفيفا. كما أوصت لجنة الإصلاحات برفع عدد أعضاء المجلس التنفيذي، وتعزيز الشفافية بالكشف عن المكافآت التي يحصل عليها رئيس وأعضاء المجلس ونشر رواتبهم.
لكن لم يتخذ أي قرار بشأن إنشاء سلطة خارجية مستقلة لمراقبة نشاطات فيفا ومسؤوليه، وهو الأمر الذي طالب به الكثيرون لأنهم رأوا فيه الحل الوحيد لتحقيق الإصلاح الحقيقي في المنظمة الكروية العليا والتخلص من الفساد. ومن بين الذين يطالبون بهذا الأمر، هناك شركة البطاقات الائتمانية العملاقة «فيزا» التي تعتبر من أهم رعاة كأس العالم. وقد جددت هذه الشركة بعد انتخاب إنفانتينو مطالبتها بـ«مراقبة مستقلة للإصلاحات» لأنها ما زالت الاستراتيجية الأمثل لتحقيق تغيير حقيقي.
وتعهد إنفانتينو بأن يأتي بـ«أصوات مستقلة ومحترمة» إلى فيفا، لكنه لم يعط أي تفاصيل بشأن هذه المسألة. ويرى الخبراء أن الشركاء الرعاة لفيفا، الذين يطالبون بوضع حد للفساد الذي صبغ حقبة بلاتر، سيراقبون عن كثب لمعرفة إذا كانت رغبة إنفانتينو في تحقيق التغيير تتجاوز حدود الخطابات أم لا.
* تحقيق الوحدة
ينفي إنفانتينو أن هناك انشقاقا في عالم كرة القدم، مؤكدا أنه فاز «بانتخابات وليس بحرب»، لكن المرارة موجودة خصوصا أن الشيخ سلمان كان مرشحا بقوة للفوز بالانتخابات وخسارته تشكل ضربة لآسيا والعالم العربي بشكل خاص لأن هناك رغبة في وصول صوت قوي جديد يعبر عنهما. لكن الشيخ سلمان ركز مباشرة بعد الانتخابات على تطلع الاتحاد الآسيوي للعمل مع فيفا بنظامه الجديد ورئيسه المنتخب من أجل إصلاح المنظمة الكروية العليا. وقال الشيخ سلمان: «إن الاتحاد الآسيوي سيواصل القيام بدوره الفعال في عملية الإصلاح.. في مثل هذه الظروف الاستثنائية فإن كرة القدم العالمية تحتاج للوحدة، ومن خلال التصويت على حزمة الإصلاحات اليوم (الجمعة) فإن هناك فرصة حقيقية لكي تستعيد كرة القدم العالمية مصداقيتها».
وأشار إلى أن «فيفا الجديد يحتاج ليصبح أكثر شمولا، وأن يعكس تنوع عالم لكرة القدم. وأنا على ثقة بأن إنفانتينو سيؤمن القيادة لتحقيق ذلك، فضلا عن بقية الإصلاحات التي هناك حاجة ماسة لها الآن». وحظي الشيخ سلمان بمساندة القارة الأفريقية في هذه الانتخابات، لكن أصوات هذه القارة لم تصب بأكملها لمصلحة رئيس الاتحاد الآسيوي خصوصا في الجولة الثانية. وحاول إنفانتينو الذي حظي بطبيعة الحال بمساندة قارته أن يزيح عنه صبغة مرشح قارة معينة قائلا إنه ليس مرشح أوروبا بل «مرشح كرة القدم»، مروجا نفسه كرجل العلاقات مع العالم بأكمله.
* تركة بلاتر
ما هو مؤكد أن إنفانتينو سيتسلم منصبه مع تركة هائلة من سلفه بلاتر الذي هنأ مواطنه في رسالة قال فيها: «أهنئ بصدق ومن أعماق قلبي جاني إنفانتينو لانتخابه». وسيكون إنفانتينو بحاجة دون أدنى شك إلى كل التوفيق للتعامل مع الفوضى التي خلفها بلاتر في ظل التهم والتوقيفات التي طالت 39 مسؤولا من السلطة الكروية العليا بسبب اتهامهم من السلطات القضائية الأميركية بالفساد والرشوة. كما أن عقوبة الإيقاف لستة أعوام بحق بلاتر بسبب الدفعة المشبوهة التي أعطاها لرئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني الموقوف أيضا للفترة ذاتها، قد لا تشكل آخر الإجراءات القضائية بحق السويسري البالغ من العمر 79 عاما، إذ تحقق السلطات السويسرية بدورها في مزاعم فساد محتمل يتعلق بملفي موندياليي روسيا 2018 وقطر 2022.
ويرى باتريك نالي، أحد أبرز مديري التسويق الرياضي، والذي يملك خبرة كبيرة في شؤون فيفا، أن التحقيقات بشأن النسختين المقبلتين من كأس العالم ستشكل تحديا بالنسبة لإنفانتينو. وقال نالي: «أعتقد أنها (كأس العالم) ستقام في روسيا كما هو مخطط. أما في ما يخص قطر، فهو (إنفانتينو) بحاجة إلى مراجعة سريعة ومستقلة. وأعتقد أنه سيكون معقدا (مكلفا) بالنسبة لفيفا أن يسحبها (يسحب البطولة من قطر)»، معتبرا أن السويسري يحتاج حينها إلى اعتماد مبدأ «المسامحة والنسيان وجعلها (النهائيات في قطر) ناجحة والتركيز على أشياء أفضل للمستقبل».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».