اتهامات للموساد باغتيال أسير فلسطيني سابق في صوفيا

تزامنت مع زيارة رسمية يقوم بها رئيس بلغاريا إلى إسرائيل

قوات أمن إسرائيلية توقف رجلا فلسطينيا خلال مواجهات بالقرب من قرية عربا أمس (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية توقف رجلا فلسطينيا خلال مواجهات بالقرب من قرية عربا أمس (أ.ف.ب)
TT

اتهامات للموساد باغتيال أسير فلسطيني سابق في صوفيا

قوات أمن إسرائيلية توقف رجلا فلسطينيا خلال مواجهات بالقرب من قرية عربا أمس (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية توقف رجلا فلسطينيا خلال مواجهات بالقرب من قرية عربا أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي كان فيه الرئيس البلغاري يقوم بزيارة رسمية إلى إسرائيل، تم اغتيال الأسير الفلسطيني عمر نايف زايد (51 عاما) بينما كان في مخبئه في السفارة الفلسطينية في صوفيا، وهو ما دفع الفلسطينيين إلى اتهام جهاز الموساد (المخابرات الإسرائيلية الخارجية) بالعملية. لكن إسرائيل اعتبرت التهمة «غير واقعية»، وقالت: إنه «من غير المعقول أن نورط أنفسنا في أزمة دبلوماسية مع بلغاريا. ولا يمكن أن تقوم دولة بمغامرة كهذه مع دولة صديقة».
وكان زايد قد أدين قبل 30 سنة مع شخصين آخرين، ينتميان إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بقتل تلميذ في المدرسة الدينية اليهودية، يدعى إلياهو عمادي في البلدة القديمة في القدس، وحكمت عليه إسرائيل بالسجن المؤبد، إضافة إلى 6 سنوات. لكن بعد مرور أربع سنوات أضرب عن الطعام، فقامت إسرائيل بنقله إلى مستشفى للأمراض النفسية في بيت لحم. لكنه استطاع الفرار من المستشفى والعبور إلى إحدى الدول العربية حتى العام 1994. ومن ثم انتقل إلى بلغاريا. وقد طالبت إسرائيل السلطات البلغارية قبل شهرين بتسليمه، وفق معاهدة تبادل تسليم المجرمين الموقعة بين البلدين، وهو ما جعل السلطات الحاكمة في بلغاريا في وضع حرج، حيث إن وجود زايد في السفارة الفلسطينية في صوفيا يجعل منه لاجئا سياسيا.
وصباح يوم أمس أبلغ حراس السفارة أن زايد اغتيل، ومباشرة بعد ذلك اتهم الفلسطينيون إسرائيل بتنفيذ العملية، إذ قال القيادي في الجبهة الشعبية عمر شحادة إن «إسرائيل سوف تدفع ثمن هذا الإرهاب الذي تمارسه داخل فلسطين وخارجها، ولن تذهب دماء القائد المناضل عمر النايف هدرًا»، موضحا أن المعلومة الأولية المتوفرة للجبهة تفيد بأن عناصر من الموساد الإسرائيلي والأجهزة المعادية قامت بمداهمة سفارة فلسطين في صوفيا، وأن المناضل النايف خاض عراكًا معهم انتهى بإصابته بجروح، قبل إلقائه في حديقة السفارة، ونقله بعد ذلك إلى المستشفى، غير أنه توفي في الطريق أثناء توجهه للمستشفى.
وانتقدت الجبهة بلغاريا وكذلك مسؤولي السفارة بالتقصير والإهمال، وقالت: إن «عملية الاغتيال تنم عن ضعف وغياب المسؤولية والفشل في تحمل المسؤولية من قبل أجهزة الأمن البلغارية، المسؤولة عن حراسة السفارة وسيادة أراضيها، بالإضافة إلى مسؤولية أجهزة الأمن الفلسطينية في السفارة.
من جهتها، أصدرت الرئاسة الفلسطينية بيانا أدانت فيه الجريمة، وأعلنت أن الرئيس محمود عباس أمر فورا بتشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات الاغتيال، إذ قال نبيل أبو ردينة، الناطق بلسان الرئاسة، إن السلطة الفلسطينية ستتابع هذا الموضوع مع السلطات البلغارية والجهات ذات العلاقة للكشف عن ملابسات الحادث.
وفي إسرائيل رحبت عائلة التلميذ عمادي باغتيال النايف، حيث قالت شقيقته إن «موته أفضل من اعتقاله. ففي السجن يحظى بشروط مميزة، وعندما هرب خفنا من أن يقوم بعملية أخرى». ولكن إسرائيل الرسمية رفضت التعقيب على ذلك، واكتفت بتصريح لمسؤول رفض نشر اسمه قال فيه «ليس لنا علاقة بالحادث. إسرائيل كانت قد تقدمت بطلب تسليمه، وبالنسبة لنا هو أسير هارب. وقد عرفنا بأمر مقتله من وسائل الإعلام. ونحن ندرس الموقف حاليا».
وذكرت صحيفة «معريب» أمس أن «توقيت اغتيال المناضل عمر زياد النايف سيضع سلطات الأمن البلغارية في موقف محرج، وذلك بعد أن التقى رئيس الحكومة البلغاري برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس الدولة رؤوبين رفلين». وأشارت الصحيفة إلى أن «إسرائيل أصبحت المتهمة الأولى في اغتيال النايف بسبب الطلب الذي تقدمت به لبلغاريا لتسليمه لها»، موضحة أن هناك ثلاثة احتمالات تجعل التهمة تتعلق بإسرائيل أولها أن عملاء الموساد قاموا بقتل النايف باستخدام عملاء لهم من خارج بلغاريا، والاحتمال الثاني هو قيام شخص من داخل السفارة الفلسطينية، أو شخص آخر كان يعرف المبنى جيدًا باغتيال النايف. أما الاحتمال الثالث فهو أن توقيت زيارة الرئيس البلغاري لـ«إسرائيل» يجعل الاغتيال دليلا على وجود تعاون أمني إسرائيلي - بلغاري بدرجة عالية، إلى حد تنفيذ الاغتيال بقوة مشتركة.
يذكر أن أزمة دبلوماسية أخرى كانت قد نشبت بين إسرائيل وأستراليا، أمس، وذلك عندما أعلن الرئيس رفلين عن إلغاء زيارة رسمية كانت مقررة إلى أستراليا أواسط الشهر المقبل، والتوجه في الموعد نفسه إلى موسكو، بناء على دعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وحسب مصادر مقربة من رفلين فإنه كان قد طلب زيارة أستراليا وحصل على ذلك الموعد. لكن فجأة تلقى دعوة من بوتين، فأجرى مشاورات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومع قادة وزارة الخارجية ومع المخابرات، ليجمعوا على أن الزيارة إلى موسكو أهم بسبب الأوضاع في سوريا والدور الروسي المتعاظم هناك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.